وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يُزْرَعُ فِي كُلِّ سَنَتَيْنِ مَرَّةً أَوْ فِي كُلِّ ثَلَاثِ سِنِينَ مَرَّةً كَانَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا مُدَّةً يَتَمَكَّنُ فِيهَا الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الزِّرَاعَةِ (وَبِالْمِثْلِ يُؤَجِّرُ) لَا بِأَقَلَّ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْوَقْفِ (فَلَوْ رَخُصَ أَجْرُهُ) بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَى مِقْدَارٍ (لَا يُفْسَخُ) الْعَقْدُ لِلُزُومِ الضَّرَرِ (وَلَوْ زَادَ) أَيْ أَجْرُهُ (عَلَى أَجْرِ مِثْلِهِ قِيلَ يَعْقِدُ بِهِ) أَيْ بِأَجْرِ مِثْلِهِ (ثَانِيًا لِلْآتِي) مِنْ الزَّمَانِ.
وَأَمَّا الْمَاضِي فَلَهُ حِصَّتُهُ مِنْ الْأَجْرِ الْأَوَّلِ (وَقِيلَ لَا) أَيْ لَا يَعْقِدُ بِهِ ثَانِيًا (كَزِيَادَةِ وَاحِدٍ تَعَنُّتًا) فِي الذَّخِيرَةِ إذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضَ وَقْفٍ ثَلَاثَ سِنِينَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ هِيَ أَجْرُ الْمِثْلِ حَتَّى جَازَتْ الْإِجَارَةُ فَرَخُصَتْ أُجْرَتُهَا لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَإِذَا ازْدَادَ أَجْرُ مِثْلِهَا بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ فَعَلَى رِوَايَةِ فَتَاوَى السَّمَرْقَنْدِيِّ لَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ.
وَعَلَى رِوَايَةِ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ يُفْسَخُ وَيُجَدَّدُ الْعَقْدُ وَإِلَى وَقْتِ الْفَسْخِ يَجِبُ الْمُسَمَّى وَزِيَادَةُ الْأُجْرَةِ تُعْتَبَرُ إذَا زَادَتْ عِنْدَ الْكُلِّ حَتَّى لَوْ زَادَ وَاحِدٌ تَعَنُّتًا لَا تُعْتَبَرُ وَعَلَى رِوَايَةِ الشَّرْحِ لَوْ زَادَتْ الْأُجْرَةُ فَرَضِيَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ بِالزِّيَادَةِ كَانَ هُوَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ (وَلَا يُؤَجِّرُهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ) كَالْإِمَامِ وَالْمُدَرِّسِ وَالْأَوْلَادِ وَنَحْوِهِمْ لِعَدَمِ تَصَرُّفِهِمْ فِي عَيْنِهِ (إلَّا بِتَوْلِيَةِ) أَيْ بِأَنْ يَجْعَلَ الْوَاقِفُ مُتَوَلِّيًا فَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ حَقُّ التَّصَرُّفِ فِيهِ (مُتَوَلٍّ آجَرَهُ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ) (لَزِمَهُ تَمَامُهُ كَذَا) (أَبٌ أَجَّرَ مَنْزِلَ صَغِيرِهِ بِدُونِهِ) أَيْ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ يَعْنِي لَزِمَهُ أَيْضًا تَمَامُهُ إذْ لَيْسَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وِلَايَةُ الْحَطِّ وَالْإِسْقَاطِ كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ.
(لَا تُفْسَخُ) أَيْ إجَارَةُ الْوَقْفِ (بِمَوْتِ الْمُؤَجِّرِ) لِأَنَّ الْعَقْدَ لِغَيْرِهِ كَالْوَكِيلِ وَالْأَبِ (وَالْوَقْفُ لَا يُعَارُ وَلَا يُرْهَنُ) رِعَايَةً لِحَقِّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِيهِمَا إبْطَالَ حَقِّهِ فَلَوْ سَكَنَ الْمُرْتَهِنُ فِيهِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ (وَيُفْتَى بِالضَّمَانِ بِإِتْلَافِ مَنَافِعِهِ) يَعْنِي إذَا سَكَنَ رَجُلٌ دَارَ الْوَقْفِ أَوْ أَسْكَنَهُ الْمُتَوَلِّي بِلَا أَجْرٍ قِيلَ لَا شَيْءَ عَلَى السَّاكِنِ، وَعَامَّةُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ أَجْرَ الْمِثْلِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَكَذَا مَنَافِعُ مَالِ الْيَتِيمِ.
كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ (وَغَصْبِ عَقَارِهِ) يَعْنِي أَنَّ الْفَتْوَى فِي غَصْبِ الْعَقَارِ وَالدُّورِ الْمَوْقُوفَةِ بِالضَّمَانِ نَظَرًا لِلْوَقْفِ وَمَتَى قُضِيَ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْقِيمَةُ فَيَشْتَرِي بِهَا ضَيْعَةً أُخْرَى فَتَكُونُ عَلَى سَبِيلِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ بَدَلَ الْأُولَى كَذَا فِي الأسروشنية.
(وَتُقْبَلُ فِيهِ) أَيْ الْوَقْفِ (الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ وَشَهَادَةُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَالشَّهَادَةُ بِالشُّهْرَةِ) (لِإِثْبَاتِ أَصْلِهِ، وَإِنْ صَرَّحُوا بِهِ) أَيْ شَهِدُوا بِالتَّسَامُعِ، وَقَالُوا عِنْدَ الْقَاضِي نَشْهَدُ بِالتَّسَامُعِ تُقْبَلُ بِخِلَافِ سَائِرِ مَا يَجُوزُ فِيهِ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ كَالنَّسَبِ فَإِنَّهُمْ إذَا صَرَّحُوا بِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِالتَّسَامُعِ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي تَجْوِيزِ الْقَبُولِ بِتَصْرِيحِ التَّسَامُعِ حِفْظٌ لِلْأَوْقَافِ الْقَدِيمَةِ عَنْ الِاسْتِهْلَاكِ وَغَيْرُهُ لَيْسَ كَذَلِكَ (لَا) لِإِثْبَاتِ (شَرْطِهِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى أَصْلِ الْوَقْفِ بِالشُّهْرَةِ تَجُوزُ عَلَى الْجَوَابِ الْمُخْتَارِ وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ، وَأَمَّا عَلَى الشَّرَائِطِ فَلَا هُوَ الْمُخْتَارُ كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ (وَبَيَانِ الْمَصْرِفِ مِنْ الْأَصْلِ) يَعْنِي إذَا شَهِدُوا أَنَّ هَذِهِ الضَّيْعَةَ وَقْفٌ عَلَى كَذَا تُقْبَلُ فِيهِ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ.
(مُتَوَلٍّ بَنَى فِي عَرْصَةِ الْوَقْفِ) (فَهُوَ) أَيْ الْبِنَاءُ (يَكُونُ لِلْوَقْفِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَلَوْ زَادَ عَلَى أَجْرِ مِثْلِهِ. . . إلَخْ) أَقُولُ وَهَذَا بِخِلَافِ غُلُوِّ السِّعْرِ لِمَا فِي الْبُرْهَانِ وَلَا تُنْقَضُ الْإِجَارَةُ إنْ زَادَتْ الْأُجْرَةُ فِي الْمُدَّةِ بِكَثْرَةِ الرَّغْبَةِ مِنْ النَّاسِ بِخِلَافِ غُلُوِّ السِّعْرِ يَعْنِي لَوْ زَادَ فِي نَفْسِهِ لَا لِرَغْبَةِ رَاغِبٍ وَلَا لِتَعَنُّتِ طَالِبٍ بَلْ لِغُلُوِّ السِّعْرِ عِنْدَ الْكُلِّ تُنْقَضُ الْإِجَارَةُ فَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ زَرْعٌ لَمْ يُسْتَحْصَدْ لَا يُنْقَضُ الْأَوَّلُ بَلْ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ مِنْ حِينِ الزِّيَادَةِ إلَى انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ اهـ.
(قَوْلُهُ مُتَوَلٍّ آجَرَهُ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ لَزِمَهُ تَمَامُهُ. . . إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ هُوَ الَّذِي يَضْمَنُ تَمَامَهُ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ خِلَافُهُ حَيْثُ قَالَ وَصِيُّ الْيَتِيمِ أَوْ مُتَوَلِّي الْوَقْفَ إذَا آجَرَا وَقْفًا أَوْ مَنْزِلًا لِلْيَتِيمِ بِدُونِ الْمِثْلِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْجَلِيلُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ عَنْ أَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَأْجِرُ غَاصِبًا إلَّا أَنَّ الْخَصَّافَ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ غَاصِبًا وَيَلْزَمهُ أَجْرُ الْمِثْلِ فَقِيلَ لَهُ أَتُفْتِي بِهَذَا؟ قَالَ نَعَمْ وَوَجَّهَهُ، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُسْتَأْجِر يَصِيرُ غَاصِبًا عِنْدَ مَنْ يَرَى غَصْبَ الْعَقَارِ فَإِنْ لَمْ يَنْتَقِضْ شَيْءٌ مِنْ الْمَنْزِلِ وَسَلِمَ كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى لَا غَيْرُ وَالْفَتْوَى عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَوَّلًا أَنَّهُ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى كُلِّ حَالٍ اهـ إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ فَرَضَهَا فِي وَصِيٍّ وَمُتَوَلٍّ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ ذَكَرَ مَكَانَ الْوَصِيِّ الْأَبَ وَغَلِطَ مَنْ قَالَ إنَّ الْمُتَوَلِّيَ يَضْمَنُ تَمَامَ الْأَجْرِ بِإِجَارَتِهِ بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ كَذَا فِي الْبَحْرِ بَلْ هُوَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ.
(قَوْلُهُ وَالْوَقْفُ لَا يُعَارُ وَلَا يُرْهَنُ) أَقُولُ هَذَا قَدْ تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْكِتَابِ إلَّا أَنَّهُ أَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ وُجُوبَ الْأَجْرِ بِسُكْنَى الْمُرْتَهِنِ وَحِينَئِذٍ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ حُكْمَ سُكْنَى الْمُسْتَعِيرِ إلَّا أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِمَّا بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ لَا لِإِثْبَاتِ شَرْطٍ فِي الْأَصَحِّ) قَالَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ فِي مُوجِبَاتِ الْأَحْكَامِ.
وَفِي الْمُجْتَبَى الْمُخْتَارُ أَنْ يُقْبَلَ عَلَى شَرَائِطِ الْوَقْفِ أَيْضًا (قَوْلُهُ مُتَوَلٍّ بَنَى. . . إلَخْ) أَقُولُ وَهَذَا بِخِلَافِ بِنَاءِ الْوَاقِفِ لِمَا قَالَ فِي الْإِسْعَافِ رَجُلٌ غَرَسَ فِيمَا وَقَفَ أَشْجَارًا أَوْ بَنَى بِنَاءً أَوْ نَصَبَ بَابًا قَالُوا إنْ غَرَسَ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ أَوْ مِنْ مَالِهِ وَذَكَرَ أَنَّهُ غَرَسَهُ لِلْوَقْفِ يَكُونُ وَقْفًا وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا وَغَرَسَ مِنْ مَالِهِ يَكُونُ مِلْكًا لَهُ اهـ.