تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِمَا (إذَا اتَّحَدَ الْوَاقِفُ وَالْجِهَةُ) بِأَنْ بَنَى رَجُلٌ مَسْجِدَيْنِ وَعَيَّنَ لِمَصَالِحِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَقْفًا (وَقَلَّ مَرْسُومُ بَعْضِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) بِأَنْ انْتَقَصَ مَرْسُومُ إمَامِ أَحَدِ الْمَسْجِدَيْنِ أَوْ مُؤَذِّنِهِ مَثَلًا بِسَبَبِ كَوْنِ وَقْفِهِ خَرَابًا (جَازَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَصْرِفَ مِنْ فَاضِلِ) الْوَقْفِ (الْآخَرِ إلَيْهِ) لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ (وَإِنْ اخْتَلَفَ أَحَدُهُمَا) بِأَنْ بَنَى رَجُلَانِ مَسْجِدَيْنِ أَوْ رَجُلٌ مَسْجِدًا أَوْ مَدْرَسَةً وَوَقَفُوا لَهُمَا أَوْقَافًا (فَلَا) أَيْ لَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَصْرِفَ مِنْ فَاضِلِ وَقْفِ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ (وَقَفَ ضَيْعَةً عَلَى الْفُقَرَاءِ وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُتَوَلِّي، ثُمَّ قَالَ لِوَصِيِّهِ أَعْطِ مِنْ غَلَّتِهَا فُلَانًا كَذَا وَفُلَانًا كَذَا أَوْ افْعَلْ مَا رَأَيْت مِنْ الصَّوَابِ فَجَعْلُهُ لَهُمْ بَاطِلٌ) لِأَنَّ الْوَقْفَ بَعْدَ التَّسْجِيلِ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ فَلَا يَقْدِرُ وَصِيُّهُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِيهِ (إلَّا إذَا كَانَ شَرَطَ فِي الْوَقْفِ) قَبْلَ التَّسْجِيلِ (أَنْ يَصْرِفَ) أَيْ الْوَاقِفُ (غَلَّتَهَا إلَى مَنْ شَاءَ) كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ (جَازَ جَعْلُ شَيْءٍ مِنْ الطَّرِيقِ مَسْجِدًا وَعَكْسُهُ) كَذَا فِي كِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ، وَفِي الْفَصْلِ الْعَاشِرِ مِنْ الْعِمَادِيَّةِ.

(وَ) جَازَ أَيْضًا (جَعْلُ الطَّرِيقِ مَسْجِدًا لَا عَكْسُهُ) إذْ تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِي الطَّرِيقِ لَا الْمُرُورُ فِي الْمَسْجِدِ كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ (وَجَازَ) أَيْضًا (أَخْذُ أَرْضٍ بِجَنْبِ الْمَسْجِدِ إذَا ضَاقَ عَلَى النَّاسِ بِالْقِيمَةِ كُرْهًا) كَذَا فِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى.

(وَ) جَازَ أَيْضًا (جَعْلُ) الْوَاقِفِ (الْوِلَايَةَ لِنَفْسِهِ) لِأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ يَسْتَفِيدُ الْوِلَايَةَ مِنْهُ فَيَكُونُ لَهُ وِلَايَةٌ ضَرُورَةً لَكِنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ عَلَى الْوَقْفِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَنْزِعَهُ مِنْ يَدِهِ نَظَرًا لِلْفُقَرَاءِ، وَكَذَا لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُخْرِجَهُ سُلْطَانٌ أَوْ قَاضٍ مِنْ يَدِهِ وَيُوَلِّيَ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الشَّرْعِ (وَأَجَازَ أَبُو يُوسُفَ جَعْلَ غَلَّةِ الْوَقْفِ لِنَفْسِهِ) يَعْنِي إذَا وَقَفَ وَشَرَطَ الْكُلَّ أَوْ الْبَعْضَ لِنَفْسِهِ مَا دَامَ حَيًّا وَبَعْدَهُ لِلْفُقَرَاءِ بَطَلَ الْوَقْفُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهِلَالٍ لِفَوَاتِ مَعْنَى الْقُرْبَةِ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَصِحُّ اعْتِبَارًا لِلِابْتِدَاءِ بِالِانْتِهَاءِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عَلَى جِهَةٍ تَنْقَطِعُ فَيَعُودُ إلَى مِلْكِ الْمَالِكِ وَمَشَايِخُ بَلْخِي أَخَذُوا بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى تَرْغِيبًا لِلنَّاسِ فِي الْوَقْفِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا (وَأَجَازَ) أَيْضًا (شَرْطَ) الْوَاقِفِ (أَنْ يَسْتَبْدِلَ بِهِ أَوْ يَبِيعَهُ وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ أَرْضًا أُخْرَى إذَا شَاءَ) ، (فَإِذَا فَعَلَ صَارَتْ الثَّانِيَةُ كَالْأُولَى فِي شَرَائِطِهَا بِلَا ذِكْرِهَا، ثُمَّ لَا يَسْتَبْدِلُهَا بِثَالِثَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ ثَبَتَ بِالشَّرْطِ، وَالشَّرْطُ وُجِدَ فِي الْأُولَى لَا الثَّانِيَةِ (وَأَمَّا بِدُونِ الشَّرْطِ فَلَا يَمْلِكُهُ) أَيْ الِاسْتِبْدَالَ (إلَّا الْقَاضِي) كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ.

[وقف العقار]

(صَحَّ) (وَقْفُ الْعَقَارِ بِبَقَرِهِ وَأَكَرَتِهِ) وَهُمْ عَبِيدُهُ (وَسَائِرِ آلَاتِ الْحِرَاثَةِ) تَبِعَةٌ لِلْعَقَارِ (لَا الْمَنْقُولِ) لِأَنَّهُ لَا يَتَأَبَّدُ (وَعَنْ مُحَمَّدٍ صِحَّتُهُ فِي الْمُتَعَارَفِ وَقْفِيَّتُهُ) كَالْفَأْسِ وَالْمَرِّ وَالْقَدُومِ وَالْمِنْشَارِ وَالْجِنَازَةِ وَثِيَابِهَا وَالْقُدُورِ وَالْمَرَاجِلِ، إذَا وَقَفَ مُصْحَفًا عَلَى أَهْلِ مَسْجِدٍ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ إنْ كَانُوا يُحْصَوْنَ جَازَ، وَإِنْ وَقَفَ عَلَى الْمَسْجِدِ جَازَ وَيَقْرَأُ فِيهِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ جَازَ جَعْلُ شَيْءٍ مِنْ الطَّرِيقِ مَسْجِدًا) قَيَّدَهُ الزَّيْلَعِيُّ بِقَوْلِهِ وَكَانَ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ بِأَصْحَابِ الطَّرِيقِ، وَكَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ اهـ.

وَظَاهِرُهُ أَنْ يَبْقَى لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ، وَقَدْ قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْمَسْجِدُ الَّذِي يُتَّخَذُ مِنْ جَانِبِ الطَّرِيقِ لَا يَكُونُ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ بَلْ هُوَ طَرِيقٌ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ رُفِعَ حَوَائِطُهُ عَادَ طَرِيقًا كَمَا كَانَ قَبْلَهُ اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ عَكْسُهُ) يَعْنِي يَجُوزُ جَعْلُ شَيْءٍ مِنْ الْمَسْجِدِ طَرِيقًا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَجَازَ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَمُرَّ فِيهِ حَتَّى الْكَافِرُ إلَّا الْجُنُبَ وَالْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ لِمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُدْخِلُوا فِيهِ الدَّوَابَّ اهـ.

(قَوْلُهُ وَجَازَ أَيْضًا جَعْلُ الطَّرِيقِ مَسْجِدًا. . . إلَخْ) فِيهِ نَوْعُ اسْتِدْرَاكٍ بِمَا تَقَدَّمَ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَاكَ فِي اتِّخَاذِ بَعْضِ الطَّرِيقِ مَسْجِدًا وَهَذَا فِي اتِّخَاذِ جَمِيعِهَا وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِمَا إذَا لَمْ يَضُرَّ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا شَكَّ أَنَّ الضَّرَرَ ظَاهِرٌ فِي اتِّخَاذِ جَمِيعِ الطَّرِيقِ مَسْجِدًا لِإِبْطَالِ حَقِّ الْعَامَّةِ فِي الْمُرُورِ الْمُعْتَادِ بِدَوَابِّهِمْ وَغَيْرِهَا فَلَا يُقَالُ بِهِ إلَّا بِالتَّأْوِيلِ بِأَنْ يُرَادَ بَعْضُ الطَّرِيقِ لَا كُلُّهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا عَكْسُهُ) يَعْنِي لَا يَجُوزُ أَنْ يُتَّخَذَ الْمَسْجِدُ طَرِيقًا وَفِيهِ نَوْعُ مُدَافَعَةٍ لِمَا تَقَدَّمَ إلَّا بِالنَّظَرِ لِلْبَعْضِ وَالْكُلِّ وَنَقَلَ الْمَسْأَلَةَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَقَالَ وَلَهُمْ جَعْلُ الرَّحْبَةِ مَسْجِدًا وَقَلْبُهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ وَعَلَى الْقَلْبِ يَقْتَضِي جَعْلَ الْمَسْجِدِ رَحْبَةً وَفِيهِ نَظَرٌ. اهـ. فَكَيْفَ يُجْعَلُ طَرِيقًا وَفِيهِ تَسْقُطُ حُرْمَةُ الْمَسْجِدِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَلَا يَمْلِكُهُ إلَّا الْقَاضِي) يَعْنِي بِهِ الْعَالِمَ الْعَامِلَ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً كَمَا فِي الْبُرْهَانِ.

[وَقَفَ الْعَقَار]

(قَوْلُهُ صَحَّ وَقْفُ الْعَقَارِ بِبَقَرِهِ وَأُكَرَتِهِ. . . إلَخْ) هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ (قَوْلُهُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ صِحَّتُهُ فِي الْمُتَعَارَفِ) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَزَادَ مُحَمَّدٌ مَا تُعُورِفَ وَقْفُهُ كَالْمَصَاحِفِ وَالْكُتُبِ وَالْقُدُورِ وَالْقَدُومِ وَالْفَأْسِ وَالْمِنْشَارِ وَالْجِنَازَةِ وَثِيَابِهَا وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْأَوَانِي فِي غَسْلِ الْمَوْتَى وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ مِنْهُمْ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ كَمَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا فِي السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ وَبِهِ يُفْتَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015