فَكَالْمَسْجِدِ) أَيْ كَمَا لَوْ وُجِدَ فِي الْمَسْجِدِ وَقَدْ مَرَّ
(وَلَوْ) وُجِدَ (فِي مُعَسْكَرٍ فِي فَلَاةٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ فَفِي الْخَيْمَةِ وَالْفُسْطَاطِ عَلَى سَاكِنِيهِمَا، وَ) فِي (خَارِجِهِمَا إنْ كَانُوا) أَيْ سَاكِنُوا خَارِجِهِمَا (قَبَائِلَ فَعَلَى) قَبِيلَةٍ وُجِدَ (الْقَتِيلُ) فِيهَا وَلَوْ بَيْنَ الْقَبِيلَتَيْنِ كَانَ كَمَا بَيْنَ الْقَرْيَتَيْنِ (وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ) وَإِنْ نَزَلُوا جُمْلَةً مُخْتَلِفِينَ (فَعَلَى أَهْلِ الْعَسْكَرِ) كُلِّهِمْ لِأَنَّهُمْ لَمَّا نَزَلُوا جُمْلَةً صَارَتْ الْأَمْكِنَةُ كُلُّهَا بِمَنْزِلَةِ مَحَلَّةٍ وَاحِدَةٍ مَنْسُوبَةٍ إلَيْهِمْ فَتَجِبُ غَرَامَةُ مَا وُجِدَ فِي خَارِجِ الْخِيَامِ عَلَيْهِمْ (وَلَوْ) كَانَتْ الْأَرْضُ الَّتِي نَزَلَ فِيهَا الْعَسْكَرُ (مَمْلُوكَةً فَعَلَى الْمَالِكِ) أَيْ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُمْ سُكَّانٌ وَلَا يُزَاحِمُونَ الْمَالِكَ فِي الْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ
(جُرِحَ فِي حَيٍّ فَنُقِلَ إلَى أَهْلِهِ فَبَقِيَ ذَا فِرَاشٍ فَمَاتَ فَالْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى الْحَيِّ) خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الْجُرْحَ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ صَارَ قَتْلًا وَلِهَذَا وَجَبَ الْقِصَاصُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ فِرَاشٍ (رَجُلٌ مَعَهُ جُرْحٌ بِهِ رَمَقٌ فَحَمَلَهُ آخَرُ إلَى أَهْلِهِ فَمَكَثَ زَمَانًا لَمْ يَضْمَنْ الْحَامِلُ) فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَضْمَنُ لِأَنَّ يَدَهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَحَلَّةِ فَوُجُودُهُ جَرِيحًا فِي يَدِهِ كَوُجُودِهِ فِيهَا
(رَجُلَانِ فِي بَيْتٍ بِلَا ثَالِثٍ وُجِدَ أَحَدُهُمَا قَتِيلًا ضَمِنَ الْآخَرُ دِيَتَهُ) عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ عِنْدَهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ قَتَلَ نَفْسَهُ وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَقْتُلُ نَفْسَهُ
(وُجِدَ) قَتِيلٌ (فِي قَرْيَةِ امْرَأَةٍ كُرِّرَ الْحَلِفُ عَلَيْهَا وَتَدِي عَاقِلَتُهَا) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْقَسَامَةُ أَيْضًا عَلَى الْعَاقِلَةِ لِأَنَّهَا عَلَى أَهْلِ النُّصْرَةِ وَالْمَرْأَةُ لَيْسَتْ مِنْهَا فَأَشْبَهَتْ الصَّبِيَّ وَلَهُمَا أَنَّ الْقَسَامَةَ لِنَفْيِ التُّهْمَةِ مِنْ الْمَرْأَةِ مُتَخَفِّفَةٌ
(بَطَلَ شَهَادَةُ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ بِقَتْلِ غَيْرِهِمْ) يَعْنِي إذَا ادَّعَى الْوَلِيُّ غَيْرَ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّ مِنْ أَهْلِهَا لَمْ تُقْبَلْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا تُقْبَلُ لِأَنَّهُمْ كَانُوا بِصَدَدِ أَنْ يَصِيرُوا خُصَمَاءَ وَقَدْ بَطَلَ بِدَعْوِي الْوَلِيِّ الْقَتْلَ عَلَى غَيْرِهِمْ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ كَالْوَكِيلِ بِالْخُصُومَةِ إذَا عُزِلَ قَبْلَ الْخُصُومَةِ وَلَهُ أَنَّهُمْ خُصَمَاءُ بِإِنْزَالِهِمْ قَاتِلِينَ لِلتَّقْصِيرِ الصَّادِرِ مِنْهُمْ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَإِنْ خَرَجُوا مِنْ الْخُصُومَةِ كَالْوَصِيِّ إذَا خَرَجَ مِنْ الْوِصَايَةِ بَعْدَمَا قَبِلَهَا ثُمَّ شَهِدَ (وَعَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ) أَيْ بَطَلَ شَهَادَتُهُمْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَعْدَمَا ادَّعَى الْوَلِيُّ الْقَتْلَ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ لِأَنَّ الْخُصُومَةَ قَائِمَةٌ مَعَ الْكُلِّ عَلَى مَا ذُكِرَ وَالشَّاهِدُ يَدْفَعُهَا عَنْ نَفْسِهِ فَيَكُونُ مُتَّهَمًا
(كِتَابُ الْمَعَاقِلِ) جَمْعُ مَعْقُلَةٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الْقَافِ بِمَعْنَى الْعَقْلِ أَيْ الدِّيَةِ سُمِّيَتْ بِهِ لِأَنَّهَا تَعْقِلُ الدِّمَاءَ مِنْ أَنْ تُسْفَكَ وَمِنْهُ الْعَقْلُ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ عَنْ الْقَبَائِحِ
(الْعَاقِلَةُ) هُمْ الَّذِينَ يُقْسَمُ عَلَيْهِمْ دِيَةُ الْقَتِيلِ خَطَأً (أَهْلُ الدِّيوَانِ لِمَنْ هُوَ مِنْهُمْ تُؤْخَذُ مِنْ عَطِيَّاتِهِمْ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ وَقْتِ الْقَضَاءِ) وَهُمْ الْجَيْشُ الَّذِينَ كُتِبَتْ أَسْمَاؤُهُمْ فِي الدِّيوَانِ. هَذَا عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَلَى الْعَشِيرَةِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَكَمَ عَلَيْهِمْ وَلَا نَسْخَ بَعْدَهُ وَلِأَنَّهَا صِلَةٌ فَالْأَقَارِبُ أَوْلَى بِهَا كَالْإِرْثِ وَالنَّفَقَاتِ، وَلَنَا قَضِيَّةُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَفِي مُعَسْكَرٍ فِي فَلَاةٍ. . . إلَخْ) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَإِنْ كَانَ الْقَوْمُ الْتَقَوْا قِتَالًا وَوُجِدَ قَتِيلٌ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ فَلَا قَسَامَةَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَإِنْ كَانُوا لَقَوْا عَدُوَّهُمْ فَلَا قَسَامَةَ وَلَا دِيَةَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ قَتِيلُهُمْ. اهـ.
(قَوْلُهُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) أَيْ قَالَ لَا ضَمَانَ فِيهِ وَلَا قَسَامَةَ لِأَنَّ مَا حَصَلَ فِي تِلْكَ الْقَبِيلَةِ مَا دُونَ النَّفْسِ وَلَا قَسَامَةَ فِيهِ فَصَارَ كَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ فِرَاشٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْجُرْحَ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْمَوْتُ. . . إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلُزُومِ الْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي جُرِحَ فِيهِمْ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ
(قَوْلُهُ وَتَدِي عَاقِلَتُهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ وَتُشَارِكُ عَاقِلَتُهَا فِي الدِّيَةِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ
(كِتَابُ الْمَعَاقِلِ) (قَوْلُهُ جَمْعُ مَعْقُلَةٍ بِمَعْنَى الْعَقْلِ) أَيْ الدِّيَةِ. لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إذَا كَانَ الْمُرَادُ بِهَا الدِّيَةَ فَقَدْ تَقَدَّمَ كِتَابُ الدِّيَاتِ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْكِتَابِ شَيْءٌ مِنْ بَيَانِ الدِّيَاتِ بَلْ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ وَهِيَ الْعَاقِلَةُ وَلِذَا تَرْجَمَ فِي الْبُرْهَانِ بِقَوْلِهِ بَابُ الْعَاقِلَةِ اهـ.
وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ الْعَاقِلَةُ اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنْ الْعَقْلِ وَهُوَ الْمَنْعُ وَلِهَذَا يُقَالُ لِمَا يُعْقَلُ بِهِ الْبَعِيرُ عِقَالٌ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُهُ مِنْ النُّفُورِ وَمِنْهُ سُمِّيَ اللُّبُّ عَقْلًا؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَمْنَعُ الْإِنْسَانَ عَمَّا يَضُرُّهُ فَكَذَلِكَ عَاقِلَةُ الْإِنْسَانِ وَهُمْ أَهْلُ نُصْرَتِهِ مِمَّا يَمْنَعُونَهُ عَنْ قَتْلِ مَا لَيْسَ لَهُ قَتْلُهُ فَالْعَقْلُ الَّذِي هُوَ آلَةُ الْإِدْرَاكِ جَمْعُهُ عُقُولٌ وَالْعَقْلُ الَّذِي هُوَ الدِّيَةُ جَمْعُهُ الْمَعَاقِلُ وَمِنْهُ الْعَاقِلَةُ وَهُمْ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَقْلَ وَهُوَ الدِّيَةُ. اهـ.
(قَوْلُهُ الْعَاقِلَةُ هُمْ أَهْلُ الدِّيوَانِ) لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ؛ لِأَنَّ النِّسَاءَ وَالذُّرِّيَّةَ مِمَّنْ لَهُ حَظٌّ فِي الدِّيوَانِ، وَكَذَا الْمَجْنُونُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ مِنْ الدِّيَةِ وَاخْتُلِفَ فِي دُخُولِهِمْ لَوْ بَاشَرُوا الْقَتْلَ مَعَ الْعَاقِلَةِ فِي الْغَرَامَةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمْ يُشَارِكُونَ الْعَاقِلَةَ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ مِنْ وَقْتِ الْقَضَاءِ) يَعْنِي لَا مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ وَنَظِيرُهُ وَلَدُ الْمَغْرُورِ فَإِنَّ قِيمَتَهُ لَا تَجِبُ قَبْلَ الْقَضَاءِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ قِيمَتُهُ بِالْقَضَاءِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ.