وَالنَّوَافِلِ (فِي وَقْتِهَا) أَيْ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ إلَّا لِلْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْقَضَاءِ، وَإِنْ فَاتَ وَقْتُ الْأَدَاءِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ ذَلِكَ وَقْتُهَا» أَيْ وَقْتُ قَضَائِهَا (فَيُعَادُ لَوْ أُذِّنَ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ وَقْتِهِ.
(بِتَرْبِيعِ التَّكْبِيرِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ سُنَّ (بَدْءًا) بِأَنْ يَقُولَ فِي ابْتِدَاءِ الْأَذَانِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ (بِلَا لَحْنٍ) وَهُوَ التَّغَنِّي (وَلَا تَرْجِيعٍ) وَهُوَ أَنْ يَخْفِضَ بِالشَّهَادَتَيْنِ صَوْتَهُ ثُمَّ يَرْجِعَ فَيَرْفَعَ بِهِمَا صَوْتَهُ (يَضَعُ) الْمُؤَذِّنُ (أُصْبُعَيْهِ) وَجَازَ وَضْعُ يَدَيْهِ (فِي أُذُنَيْهِ) لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِبِلَالٍ اجْعَلْ أُصْبُعَيْك فِي أُذُنَيْك فَإِنَّهُ أَرْفَعُ لِصَوْتِك» ، وَإِنْ تُرِكَ فَلَا بَأْسَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسُنَّةٍ أَصْلِيَّةٍ (وَيَتَرَسَّلُ) أَيْ يَتَمَهَّلُ وَلَا يُسْرِعُ (وَيَلْتَفِتُ فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ يَمِينًا وَيَسَارًا إنْ أَمْكَنَ الْإِسْمَاعُ بِالثَّبَاتِ) فِي مَكَانِهِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ بِلَالًا لَمَّا بَلَغَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَوَّلَ وَجْهَهُ يَمِينًا وَيَسَارًا وَلَمْ يَسْتَدِرْ وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ فِي الْيَمِينِ وَالْفَلَاحُ فِي الْيَسَارِ، وَقِيلَ الصَّلَاةُ فِي الْيَمِينِ وَالْيَسَارِ وَالْفَلَاحُ كَذَلِكَ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، كَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ (وَإِلَّا اسْتَدَارَ فِي صَوْمَعَتِهِ) يَعْنِي إذَا كَانَتْ الْمِئْذَنَةُ بِحَيْثُ لَوْ حَوَّلَ وَجْهَهُ مَعَ ثَبَاتِ قَدَمَيْهِ لَا يَحْصُلُ الْإِعْلَامُ اسْتَدَارَ فِيهَا فَيُخْرِجُ رَأْسَهُ مِنْ الْكُوَّةِ الْيُمْنَى وَيَقُولُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ ثُمَّ يَذْهَبُ إلَى الْكُوَّةِ الْيُسْرَى وَيُخْرِجُ رَأْسَهُ وَيَقُولُ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ (وَيَقُولُ بَعْدَ فَلَاحِ) أَذَانِ (الْفَجْرِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ
قَوْلُهُ بِتَرْبِيعِ التَّكْبِيرِ) لَمْ يُبَيِّنْ كَيْفِيَّةَ الْإِتْيَانِ بِهِ وَمَا سَنَذْكُرُهُ مِنْ أَنَّهُ يَأْتِي بَيْنَ كُلِّ كَلِمَتَيْنِ بِسَكْتَةٍ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ تَتْرَى وَسَنَذْكُرُ أَيْضًا مَا يُفِيدُ التَّخْيِيرَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَكِنْ قَالَ فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِأَبِي الْمَكَارِمِ، وَكَيْفِيَّتُهُ أَيْ التَّرَسُّلِ أَنْ يَقُولَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَيَقِفَ ثُمَّ يَقُولَ مَرَّةً أُخْرَى وَهَكَذَا بَيْنَ كُلِّ كَلِمَتَيْنِ وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الْأَنْبَارِيِّ أَنَّ عَوَامَّ النَّاسِ يَضُمُّونَ الرَّاءَ مِنْ أَكْبَرُ وَكَانَ الْمُبَرَّدُ يَقُولُ إنَّ الْأَذَانَ سُمِعَ مَوْقُوفًا فِي مَقَاطِعِهِ فَالْأَصْلُ فِيهِ اللَّهُ أَكْبَرْ بِسُكُونِ الرَّاءِ فَحُوِّلَتْ فَتْحَةُ الْهَمْزَةِ إلَيْهَا، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ اهـ.
وَاحْتُرِزَ بِالتَّكْبِيرِ أَرْبَعًا بَدْءًا عَمَّا قِيلَ إنَّ أَبَا يُوسُفَ يُثَنِّيهِ كَمَالِكٍ إلْحَاقًا لَهُ بِالتَّكْبِيرِ الْأَخِيرِ
(قَوْلُهُ بِلَا لَحْنٍ وَهُوَ التَّغَنِّي) أَيْ بِحَيْثُ يُؤَدِّي إلَى تَغْيِيرِ كَلِمَاتِهِ، وَلَوْ لَمْ يَلْحَقْهُ تَغْيِيرٌ لَا بَأْسَ فِيهِ، وَإِنْ لَحِقَهُ كَانَ مَكْرُوهًا قِيلَ إنَّمَا يُكْرَهُ ذَلِكَ فِي الْأَذْكَارِ. وَأَمَّا فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ.
وَقَالَ فِي الْفَتْحِ لَا يُلَحَّنُ الْأَذَانُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ، وَتَحْسِينُ الصَّوْتِ مَطْلُوبٌ وَلَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا وَقَيَّدَهُ الْحَلْوَانِيُّ بِمَا هُوَ ذِكْرٌ فَلَا بَأْسَ بِإِدْخَالِ الْمَدِّ فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ وَلَا تَرْجِيعٍ) أَقُولُ فَلَوْ رَجَّعَ قَالَ فِي الْبَحْرِ الظَّاهِرُ مِنْ عِبَارَاتِهِمْ أَنَّ التَّرْجِيعَ عِنْدَنَا مُبَاحٌ لَيْسَ بِسُنَّةٍ وَلَا مَكْرُوهٍ لَكِنْ ذَكَرَ الشَّارِحُ أَيْ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ التَّرْجِيعُ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَلَا التَّطْرِيبُ فِيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّرْجِيعَ هُنَا لَيْسَ هُوَ التَّرْجِيعُ فِي الْأَذَانِ بَلْ هُوَ التَّغَنِّي اهـ. قُلْت وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ لِقَوْلِهِ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِهِ وَلَا يَحِلُّ الِاسْتِمَاعُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَشَبُّهًا بِفِعْلِ الْفَسَقَةِ فِي حَالِ فِسْقِهِمْ وَهُوَ التَّغَنِّي. اهـ.
(قَوْلُهُ يَضَعُ الْمُؤَذِّنُ إصْبَعَيْهِ. . . إلَخْ) أَقُولُ ضَمَّنَ وَضَعَ مَعْنَى الْإِدْخَالِ فَعَدَّاهُ بِفِي. وَأَمَّا قَوْلُهُ وَجَازَ وَضْعُ يَدَيْهِ فَمَعْمُولُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ عَلَى أُذُنَيْهِ وَلَا يُعَدَّى بِفِي؛ لِأَنَّهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَلَا تَضْمِينَ فِيهِ لِمَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ، وَإِنْ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى أُذُنَيْهِ فَحَسَنٌ؛ لِأَنَّ أَبَا مَحْذُورَةَ ضَمَّ أَصَابِعَهُ الْأَرْبَعَ وَوَضَعَهَا عَلَى أُذُنَيْهِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إنْ جَعَلَ إحْدَى يَدَيْهِ عَلَى أُذُنِهِ فَحَسَنٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ تُرِكَ فَلَا بَأْسَ) أَقُولُ لَا يُخَالِفُ هَذَا مَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَحَسَنٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّ الْأَذَانَ حَسَنٌ كَمَا فِي الْفَتْحِ يَعْنِي لَا إنَّ عَدَمَ وَضْعِ الْأُصْبُعَيْنِ حَسَنٌ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْكَافِي، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَحَسَنٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسُنَّةٍ أَصْلِيَّةٍ إذْ لَمْ يَكُنْ فِي أَذَانِ النَّازِلِ مِنْ السَّمَاءِ، فَإِنْ قِيلَ تَرْكُ السُّنَّةِ كَيْفَ يَكُونُ حَسَنًا قُلْنَا؛ لِأَنَّ الْأَذَانَ مَعَهُ أَحْسَنُ فَإِذَا تَرَكَهُ بَقِيَ الْأَذَانُ حَسَنًا. اهـ.
(قَوْلُهُ وَيَتَرَسَّلُ) هُوَ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ كُلِّ كَلِمَتَيْنِ بِسَكْتَةٍ «لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبِلَالٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذَا أَذَّنْت فَتَرَسَّلْ وَإِذَا أَقَمْتَ فَاحْدُرْ» وَالْأَمْرُ لِلنَّدَبِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي حَدِيثِ الْمَلَكِ النَّازِلِ حَتَّى لَوْ تَرَسَّلَ فِيهِمَا أَوْ حَدَرَ فِيهِمَا أَوْ تَرَسَّلَ فِي الْإِقَامَةِ وَحَدَرَ فِي الْأَذَانِ جَازَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ الْإِعْلَامُ، وَتَرْكُ مَا هُوَ زِينَةٌ لَا يَضُرُّ، كَذَا فِي الْكَافِي وَيُسَكِّنُ كَلِمَاتِهِمَا بِالْوَقْفِ لَكِنْ فِي الْأَذَانِ حَقِيقَةٌ وَفِي الْإِقَامَةِ يَنْوِي الْوَقْفَ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَفِي الْمُبْتَغَى التَّكْبِيرُ جَزْمٌ.
وَفِي الْمُضْمَرَاتِ أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي التَّكْبِيرِ إنْ شَاءَ ذَكَرَهُ بِالرَّفْعِ، وَإِنْ شَاءَ بِالْجَزْمِ، وَإِنْ كَرَّرَ التَّكْبِيرَ مِرَارًا فَالِاسْمُ الْكَرِيمُ مَرْفُوعٌ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَذِكْرُ أَكْبَرُ فِيمَا عَدَا الْمَرَّةَ الْأَخِيرَةَ بِالرَّفْعِ وَفِي الْأَخِيرِ هُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ذَكَرَهُ بِالرَّفْعِ، وَإِنْ شَاءَ بِالْجَزْمِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَيَلْتَفِتُ فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ) أَقُولُ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَ يُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ سُنَّةَ الْأَذَانِ فَلَا يُتْرَكُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ حَتَّى قَالُوا فِي الَّذِي يُؤَذِّنُ لِلْمَوْلُودِ يَنْبَغِي أَنْ يُحَوِّلَ، كَذَا فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ يَمِينًا وَيَسَارًا) قَالَ فِي الْبَحْرِ قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحَوِّلُ وَرَاءَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ اسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ وَلَا أَمَامَهُ لِحُصُولِ الْإِعْلَامِ فِي الْجُمْلَةِ بِغَيْرِهَا مِنْ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ اهـ.
قُلْت وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي الْمَنَارَاتِ الْمَعْهُودَةِ الْآنَ فَيَسْتَدِيرُ بِجُمْلَتِهِ وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ إنْ أَمْكَنَ الِاسْتِمَاعُ بِالثَّبَاتِ وَإِلَّا اسْتَدَارَ فِي مَوْضِعِهِ (فَرْعٌ) مِنْ الْقُنْيَةِ يُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ فَتَعْوِي الْكِلَابُ فَلَهُ ضَرْبُهَا إنْ ظَنَّ أَنَّهَا تَمْتَنِعُ بِضَرْبِهِ وَإِلَّا فَلَا