[فَصْل دِيَةُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ]

فَصْلٌ (دِيَةُ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ قِيمَتُهَا فَإِنْ بَلَغَتْ) أَيْ قِيمَتُهَا (دِيَةَ حُرٍّ) وَهِيَ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ (أَوْ حُرَّةٍ) وَهِيَ خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ (نَقَصَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا عَشَرَةٌ) أَيْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إشْعَارًا بِانْحِطَاطِ دَرَجَةِ الرَّقِيقِ عَنْ الْحُرِّ وَتَعْيِينُ الْعَشَرَةِ بِأَثَرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - (وَلَوْ) كَانَتْ الْقِيمَةُ (أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ آلَافٍ) مِنْ الدَّرَاهِمِ (فِي الْعَبْدِ وَمِنْ خَمْسَةِ آلَافٍ فِي الْأَمَةِ) .

وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالشَّافِعِيِّ يَجِبُ قِيمَتُهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ.

(وَفِي الْغَصْبِ) يُعْتَبَرُ (قِيمَتُهُ) أَيْ قِيمَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا (بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ) فَلَوْ غَصَبَ عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةُ دِينَارٍ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ يَلْزَمُهُ تِلْكَ الْقِيمَةُ (وَمَا قُدِّرَ مِنْ دِيَةِ الْحُرِّ قُدِّرَ مِنْ قِيمَةِ الْقِنِّ) لِأَنَّ الْقِيمَةَ فِي الْقِنِّ كَالدِّيَةِ فِي الْحُرِّ لِأَنَّهُ بَدَلُ الدَّمِ (فَفِي يَدِهِ) أَيْ إتْلَافِ يَدِ الْقِنِّ يَلْزَمُ (نِصْفُ قِيمَتِهِ) كَمَا فِي دِيَةِ الْحُرِّ (بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ فِي الصَّحِيحِ) إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَجِبُ فِي قَطْعِ يَدِ الْعَبْدِ خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ

(عَبْدٌ قَطَعَ يَدَهُ عَمْدًا فَأُعْتِقَ فَسَرَى أُقِيدَ إنْ وَرِثَهُ سَيِّدُهُ فَقَطْ) أَيْ إنْ كَانَ وَارِثُ الْمُعْتَقِ سَيِّدَهُ فَقَطْ أَقَادَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا لِأَنَّ الْقَوَدَ يَجِبُ بِالْمَوْتِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْجُرْحِ فَإِنْ اُعْتُبِرَ وَقْتُ الْجُرْحِ فَسَبَبُ الْوِلَايَةِ وَإِنْ اُعْتُبِرَ وَقْتُ الْمَوْتِ فَسَبَبُهَا الْوَرَثَةُ بِالْوَلَاءِ فَجَهَالَةُ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ تَمْنَعُ الْقَوَدَ كَجَهَالَةِ الْمُسْتَحَقِّ وَلَهُمَا أَنَّ جَهَالَةَ السَّبَبِ لَا تُعْتَبَرُ عِنْدَ تَيَقُّنِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ (وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَارِثُ السَّيِّدَ فَقَطْ بَلْ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُ لَمْ يُقَدْ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ إنْ كَانَ وَقْتَ الْجُرْحِ فَالْمُسْتَحِقُّ السَّيِّدُ وَإِنْ كَانَ وَقْتَ الْمَوْتِ فَذَلِكَ الْوَارِثُ أَوْ هُوَ مَعَ السَّيِّدِ فَجَهَالَةُ الْمُقْتَضِي لَهُ تَمْنَعُ الْحُكْمَ

(قَالَ) الْمَوْلَى لِعَبْدَيْهِ (أَحَدُكُمَا حُرٌّ فَشُجَّا) أَيْ صَارَا مَشْجُوجَيْنِ (فَعَيَّنَ) الْمَوْلَى (وَاحِدًا) لِلْحُرِّيَّةِ بِأَنْ قَالَ أَرَدْت هَذَا (فَأَرْشُهُمَا لَهُ) أَيْ لِلْمَوْلَى (وَإِنْ قَتَلَهُمَا رَجُلٌ وَجَبَ دِيَةُ حُرٍّ وَقِيمَةُ عَبْدٍ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيَانَ إنْشَاءٌ فِي حَقِّ الْمَحَلِّ إظْهَارٌ فِي حَقِّ الْمَوْلَى وَلِهَذَا إذَا مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ الْبَيَانِ يَشِيعُ الْعِتْقُ بَيْنَهُمَا وَبَعْدَ الشَّجَّةِ بَقِيَ مَحَلًّا لِلْبَيَانِ فَاعْتُبِرَ إنْشَاءً فِي حَقِّهِمَا وَبَعْدَ الْمَوْتِ لَمْ يَبْقَ مَحَلًّا لِلْبَيَانِ فَاعْتُبِرَ إظْهَارًا مَحْضًا وَأَحَدُهُمَا حُرٌّ بِيَقِينٍ فَيَجِبُ قِيمَةُ عَبْدٍ وَدِيَةُ حُرٍّ (وَلَوْ) قَتَلَ (كُلًّا) مِنْهُمَا (رَجُلٌ فَقِيمَةُ الْعَبْدَيْنِ) لِأَنَّا لَمْ نَتَيَقَّنْ بِقَتْلِ كُلِّ وَاحِدٍ حُرًّا وَكُلٌّ مِنْ الْقَاتِلَيْنِ يُنْكِرُ ذَلِكَ فَعَلَيْهِمَا قِيمَتُهُمَا

وَفِي (فَقْءِ عَيْنَيْ عَبْدٍ دَفَعَهُ سَيِّدُهُ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ أَوْ أَمْسَكَهُ بِلَا أَخْذِ النُّقْصَانِ) يَعْنِي إذَا فَقَأَ رَجُلٌ عَيْنَيْ عَبْدٍ فَإِنْ شَاءَ مَوْلَاهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ وَلَمْ يَأْخُذْ النُّقْصَانَ وَقَالَا يُخَيَّرُ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْإِمْسَاكِ مَعَ أَخْذِ النُّقْصَانِ لِأَنَّ مَعْنَى الْمَالِيَّةِ لَمَّا كَانَ مُعْتَبَرًا وِفَاقًا أَنْ يَتَخَيَّرَ الْمَوْلَى عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَمْوَالِ فَإِنَّ مَنْ خَرَقَ ثَوْبَ غَيْرِهِ خَرْقًا فَاحِشًا يُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ دَفْعِهِ إلَيْهِ وَتَضْمِينِهِ قِيمَتَهُ وَبَيْنَ إمْسَاكِ الثَّوْبِ وَتَضْمِينِ النُّقْصَانِ وَلَهُ أَنَّ الْمَالِيَّةَ إنْ كَانَتْ مُعْتَبَرَةً فِي الذَّاتِ فَالْآدَمِيَّةُ غَيْرُ مُهْدَرَةٍ فِيهَا وَفِي الْأَطْرَافِ أَيْضًا وَلِهَذَا لَوْ قَطَعَ عَبْدٌ يَدَ عَبْدٍ يُؤْمَرُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ (فَصْلٌ) (قَوْلُهُ فَلَوْ غَصَبَ عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةُ دِينَارٍ وَهَلَكَ فِي يَدِهِ يَلْزَمُهُ تِلْكَ الْقِيمَةُ) تَمْثِيلُهُ بِمَنْ قِيمَتُهُ مِائَةٌ لَا يُنَاسِبُ الْمَقَامَ إذْ لَا يَظْهَرُ بِهِ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْجِنَايَةِ وَالْغَصْبِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ قِيمَتُهُ أَلْفُ دِينَارٍ أَوْ أَكْثَرُ لِتَبْلُغَ الْقِيمَةُ دِيَةَ الْحُرِّ (قَوْلُهُ فَفِي يَدِهِ يَلْزَمُهُ نِصْفُ قِيمَتِهِ) إنَّمَا مَثَّلَ بِالْيَدِ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ حَلَقَ لِحْيَتَهُ إذْ لَا يَلْزَمُ بِحَلْقِهَا غَيْرُ حُكُومَةِ عَدْلٍ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْعَبْدِ الْخِدْمَةُ لَا الْجَمَالُ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وُجُوبَ كَمَالِ الْقِيمَةِ لِأَنَّ الْجَمَالَ فِي حَقِّهِ مَقْصُودٌ أَيْضًا كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ نَقْلًا عَنْ الْعُيُونِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رَجُلٍ قَطَعَ أُذُنَيْ عَبْدٍ أَوْ أَنْفَهُ أَوْ حَلَقَ لِحْيَتَهُ فَلَمْ تَنْبُتْ فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَهُ وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ عَلَيْهِ لِلْمَوْلَى قِيمَةً تَامَّةً إنْ دَفَعَ إلَيْهِ الْعَبْدَ اهـ.

وَإِنَّمَا قَيَّدَ الْمُصَنِّفُ بِقَطْعِ يَدٍ وَاحِدَةٍ لِأَنَّهُ لَوْ قَطَعَ يَدَيْ عَبْدٍ فَالسَّيِّدُ إمَّا أَنْ يَدْفَعَ الْعَبْدَ وَيُضَمِّنَ الْقَاطِعَ كُلَّ الْقِيمَةِ أَوْ يُمْسِكَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاطِعِ كَمَا فِي فَقْءِ عَيْنِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا كَمَا فِي الْمُحِيطِ (قَوْلُهُ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ تَجِبُ فِي قَطْعِ يَدِ الْعَبْدِ خَمْسَةُ آلَافٍ) قَالَ فِي الْكَافِي عَنْ الْمَبْسُوطِ تَجِبُ خَمْسَةُ آلَافٍ إلَّا خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَكَذَا فِي الْبُرْهَانِ

(قَوْلُهُ وَإِنْ قَتَلَهُمَا رَجُلٌ) يَعْنِي مَعًا كَمَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ (قَوْلُهُ وَجَبَ دِيَةُ حُرٍّ وَقِيمَةُ عَبْدٍ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ هَذَا إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ قِيمَتُهُمَا وَيَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْقِيمَتَيْنِ وَالدِّيَةِ نِصْفَيْنِ بَيْنَ الْمَوْلَى وَالْوَرَثَةِ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ وَإِنْ اخْتَلَفَ قِيمَتُهُمَا يَجِبُ نِصْفُ قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَدِيَةُ حُرٍّ فَيُقْسَمُ مِثْلُ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَتَلَهُمَا عَلَى التَّعَاقُبِ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ لِلْأَوَّلِ لِمَوْلَاهُ وَالدِّيَةُ لِلثَّانِي لِوَرَثَتِهِ لِتَعَيُّنِهِ لِلْعِتْقِ بَعْدَ مَوْتِ الْأَوَّلِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ قَتَلَ كُلًّا مِنْهُمَا رَجُلٌ فَقِيمَةُ الْعَبْدَيْنِ) هَذَا إذَا قَتَلَاهُمَا مَعًا أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ وَلَمْ يَدْرِ الْأَوَّلُ وَمَا يُؤْخَذُ يَكُونُ بَيْنَ الْمَوْلَى وَالْوَرَثَةِ نِصْفَيْنِ وَإِنْ قَتَلَاهُمَا عَلَى التَّعَاقُبِ فَعَلَى الْقَاتِلِ الْأَوَّلِ قِيمَتُهُ لِلْمَوْلَى لِتَعَيُّنِهِ لِلرِّقِّ وَعَلَى الثَّانِي دِيَتُهُ لِوَرَثَتِهِ لِتَعَيُّنِهِ لِلْعِتْقِ بَعْدَ مَوْتِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ

(قَوْلُهُ وَلَهُ أَنَّ الْمَالِيَّةَ إنْ كَانَتْ مُعْتَبَرَةً) إنْ وَصَلْيَةٌ لَا شَرْطِيَّةٌ وَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُ اقْتِرَانَهَا بِالْوَاوِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015