(وَأَصَابَ كُلٌّ قَدْرَ نِصَابٍ) وَهُوَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ (قُطِعُوا أَوْ إنْ أَخَذَ الْمَالَ) كُلَّهُ مِنْ الْحِرْزِ (بَعْضُهُمْ) لِأَنَّ الْمُعْتَادَ بَيْنَ السَّارِقِ أَنْ يَتَوَلَّى بَعْضُهُمْ الْأَخْذَ وَيَسْتَعِدَّ الْبَاقُونَ لِلدَّفْعِ فَلَوْ امْتَنَعَ الْحَدُّ بِمِثْلِهِ لَامْتَنَعَ الْقَطْعُ فِي أَكْثَرِ السُّرَّاقِ فَيُؤَدِّي إلَى فَتْحِ بَابِ الْفَسَادِ (يُقْطَعُ بِالسَّاجِ) خَشَبٌ مُقَوَّمٌ يُجْلَبُ مِنْ الْهِنْدِ (وَالْقَنَا) الرُّمْحُ (وَالْأَبَنُوسِ) خَشَبٌ صُلْبٌ وَفِي الصِّحَاحِ شَجَرٌ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ (وَالْعُودِ وَالْمِسْكِ وَالْأَدْهَانِ وَالْوَرْسِ) نَبَاتٌ كَالسِّمْسِمِ لَيْسَ إلَّا بِالْيَمَنِ يُزْرَعُ فَيَبْقَى عِشْرِينَ سَنَةً كَذَا فِي الْقَامُوسِ (وَالزَّعْفَرَانِ وَالْعَنْبَرِ وَالْفُصُوصِ الْخُضْرِ) كَأَنَّهَا الزُّمُرُّدُ (وَالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدِ وَاللُّؤْلُؤِ وَاللَّعْلِ وَالْفَيْرُوزَجِ) بِالْجُمْلَةِ كُلُّ مَا هُوَ مِنْ أَعَزِّ الْأَمْوَالِ وَأَنْفَسِهَا وَلَا يُوجَدُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ مُبَاحَةِ الْأَصْلِ غَيْرِ مَرْغُوبٍ فِيهَا (وَإِنَاءٍ وَبَابٍ مِنْ خَشَبٍ) فَإِنَّ الصَّنْعَةَ فِيهِمَا غَلَبَتْ عَلَى الْأَصْلِ فَالْتَحَقَا بِالْأَمْوَالِ النَّفِيسَةِ وَإِنَّمَا يُقْطَعُ فِي الْبَابِ إذَا كَانَ مُحْرَزًا غَيْرَ مَنْصُوبٍ عَلَى الْجِدَارِ خَارِجَ الْبَيْتِ وَكَانَ خَفِيفًا لَا يَثْقُلُ عَلَى الْوَاحِدَةِ حَمْلُهُ (لَا) أَيْ لَا يُقْطَعُ (بِتَافِهٍ) أَيْ حَقِيرٍ (يُوجَدُ مُبَاحًا فِي دَارِنَا كَخَشَبٍ وَحَشِيشٍ وَقَصَبٍ وَسَمَكٍ وَصَيْدٍ وَزِرْنِيخٍ وَمَغْرَةٍ) وَهِيَ الطِّينُ الْأَحْمَرُ (وَنَوْرَةٍ وَلَا بِمَا يَفْسُدُ سَرِيعًا كَلَبَنٍ وَلَحْمٍ وَفَاكِهَةٍ رَطْبَةٍ وَثَمَرٍ عَلَى شَجَرٍ) لِعَدَمِ الْإِحْرَازِ (وَبِطِّيخٍ وَزَرْعٍ لَمْ يُحْصَدْ) لِعَدَمِهِ فِيهِمَا أَيْضًا.
(وَ) لَا (فِي أَشْرِبَةٍ مُطْرِبَةٍ وَآلَاتِ لَهْوٍ وَصَلِيبٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالرَّجْمِ لِاشْتِرَاطِ بُدَاءَةِ الشُّهُودِ بِهِ اهـ.
وَهَذِهِ عِبَارَةُ الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ فِي الْكَافِي قَالَ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْحُدُودِ وَإِذَا شَهِدُوا بِالزِّنَا وَالْإِحْصَانِ ثُمَّ مَاتُوا أَوْ غَابُوا أَوْ عَصَوْا أَوْ ارْتَدُّوا قَبْلَ أَنْ يُقْضَى بِشَهَادَتِهِمْ لَمْ يُرْجَمْ وَلَمْ يُحَدَّ الشُّهُودُ وَكَذَلِكَ إنْ أَصَابَ أَحَدُ الشُّهُودِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحْصَنٍ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي الْمَوْتِ وَالْغَيْبَةِ وَيَبْطُلُ فِيمَا سِوَاهُمَا وَكَذَلِكَ فِيمَا سِوَى الْحُدُودِ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ اهـ.
وَقَالَ الْحَاكِمُ فِي كِتَابِ السَّرِقَةِ وَإِذَا كَانَ أَيْ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ حَاضِرًا وَالشَّاهِدَانِ غَائِبَانِ لَمْ يُقْطَعْ أَيْضًا حَتَّى يَحْضُرَا وَقَالَ أَبِي حَنِيفَةَ بَعْدَ ذَلِكَ يُقْطَعُ وَهُوَ قَوْلُ صَاحِبَيْهِ وَكَذَلِكَ الْمَوْتُ وَكَذَلِكَ هَذَا فِي كُلِّ حَدٍّ وَحَقٍّ سِوَى الرَّجْمِ وَيَمْضِي الْقِصَاصُ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوا اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ اهـ.
وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْكَمَالُ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ ثَمَّةَ فَهَذَا تَصْرِيحُ الْحَاكِمِ فِي الْحُدُودِ وَالسَّرِقَةِ بِمَا قُلْنَاهُ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ
(قَوْلُهُ وَالْأَبَنُوسِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ فِيمَا سُمِعَ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَقَالَ الْعَيْنِيُّ بِفَتْحِ الْبَاءِ مُعَرَّبٌ (قَوْلُهُ وَفِي الصِّحَاحِ شَجَرٌ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ) يَعْنِي بِوَضْعِهِ عَلَى النَّارِ لِمَا قَالَ فِيمَا لَا يَسَعُ الطَّبِيبَ جَهْلُهُ وَهُوَ أَيْ الْأَبَنُوسُ مِنْ دُونِ الْأَخْشَابِ إذَا وُضِعَ عَلَى النَّارِ بَخَّرَ بَخُورًا طَيِّبًا مِنْ غَيْرِ تَقْتِيرٍ وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يُغَشُّ بِهِ مِنْ الْخَشَبِ هَذَا إذَا كَانَ يَابِسًا وَإِنْ كَانَ رَطْبًا الْتَهَبَ بِالنَّارِ اهـ (قَوْلُهُ غَيْرِ مَرْغُوبٍ فِيهَا) لَفْظَةُ غَيْرِ زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ وَكَانَ خَفِيفًا لَا يَثْقُلُ عَلَى الْوَاحِدِ حَمْلُهُ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الثَّقِيلَ مِنْهُ لَا يُرْغَبُ فِي سَرِقَتِهِ اهـ.
وَقَالَ الْكَمَالُ وَنَظَرَ فِيهِ بِأَنَّ ثِقَلَهُ لَا يُنَافِي مَالِيَّتَهُ وَلَا يَنْقُصُهَا وَإِنَّمَا يَقِلُّ فِيهِ رَغْبَةُ الْوَاحِدِ لَا الْجَمَاعَةِ وَلَوْ صَحَّ هَذَا امْتَنَعَ الْقَطْعُ فِي فَرْدَةٍ حَمْلٍ مِنْ قُمَاشٍ وَنَحْوِهِ وَهُوَ مُنْتَفٍ وَلِذَا أَطْلَقَ الْحَاكِمُ فِي الْكَافِي الْقَطْعَ اهـ.
(قَوْلُهُ لَا) أَيْ لَا يُقْطَعُ بِتَافِهٍ أَيْ حَقِيرٍ (قَوْلُهُ كَخَشَبٍ) أَيْ لَمْ تَدْخُلْهُ صَنْعَةٌ تَغْلِبُ عَلَيْهِ كَالْحُصْرِ الْخَسِيسَةِ وَالْقَصَبِ الْمَصْنُوعِ بَوَارِي حَتَّى لَوْ غَلَبَتْ فِي الْحُصْرِ قُطِعَ فِيهَا كَالْحُصْرِ الْبَغْدَادِيَّةِ وَالْعَبْدَانِيَّةِ فِي دِيَارِ مِصْرَ وَالْإِسْكَنْدَرِيَّة وَهِيَ الْعَبْدَانِيَّةُ بِخِلَافِ الْحُصْرِ الْخَسِيسَةِ لِنُقْصَانِ إحْرَازِهَا حَيْثُ كَانَتْ تُبْسَطُ فِي غَيْرِ الْحِرْزِ وَلِأَنَّ شُبْهَةَ التَّفَاهَةِ فِيهَا كَمَا قَالُوا أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ فِي الْمِلْحِ كَذَلِكَ وَلَا يُقْطَعُ فِي الْآجُرِّ وَالْفَخَّارِ لِأَنَّ الصَّنْعَةَ لَمْ تَغْلِبْ فِيهَا عَلَى قِيمَتِهَا وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ فِي الزُّجَاجِ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّهُ يُسْرِعُ إلَيْهِ الْكَسْرُ فَكَانَ نَاقِصَ الْمَالِيَّةِ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَسَمَكٍ) شَامِلٌ لِلْمَمْلُوحِ (قَوْلُهُ وَصَيْدٍ) شَامِلٌ لِلطَّيْرِ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ حَتَّى الْبَطِّ وَالدَّجَاجِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ وَزِرْنِيخٍ) هُوَ بِالْكَسْرِ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَنَظَّرَ بَعْضُهُمْ فِي الزِّرْنِيخِ فَقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ بِهِ لِكَوْنِهِ مَرْغُوبًا فِيهِ لِأَنَّهُ مُحْرَزٌ وَيُصَانُ فِي دَكَاكِينِ الْعَطَّارِينَ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَمَغْرَةٍ) هُوَ بِفَتَحَاتِ الثَّلَاثِ وَتَسْكِينِ الْغَيْنِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ وَلَحْمٍ) شَامِلٌ لِلْقَدِيدِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْخُبْزِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ وَثَمَرٍ عَلَى شَجَرٍ لِعَدَمِ الْإِحْرَازِ) أَيْ الْإِحْرَازِ الْكَامِلِ وَلِذَا قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَلَوْ مُحْرَزًا بِحَائِطٍ (قَوْلُهُ وَزَرْعٍ لَمْ يُحْصَدْ) يُشِيرُ إلَى الْقَطْعِ بِمَا حُصِدَ وَوُضِعَ فِي الْحَظِيرَةِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبُرْهَانِ وَقَالَ الْكَمَالُ وَالْقَطْعُ فِي الْحِنْطَةِ وَغَيْرِهَا إجْمَاعًا إنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِ سَنَةِ الْقَحْطِ أَمَّا فِيهَا فَلَا سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ أَوْ لَا لِأَنَّهُ عَنْ ضَرُورَةٍ ظَاهِرًا وَهِيَ تُبِيحُ التَّنَاوُلَ وَعَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا قَطْعَ فِي مَجَاعَةِ مُضْطَرٍّ» وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا قَطْعَ فِي عَامِ سَنَةٍ (قَوْلُهُ وَلَا فِي أَشْرِبَةٍ مُطْرِبَةٍ) يُشِيرُ إلَى الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ الْخَلِّ وَبِهِ صَرَّحَ الْكَمَالُ قَالَ وَفِي سَرِقَةِ الْأَصْلِ يُقْطَعُ بِالْخَلِّ وَنَقَلَ النَّاطِفِيُّ فِي كِتَابِ الْمُجَرَّدِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا قَطْعَ فِي الْخَلِّ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ خَمْرًا مَرَّةً.
وَفِي نَوَادِرِ أَبِي سُلَيْمَانَ بِرِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْجَعْدِ لَا قَطْعَ فِي الرُّبِّ وَالْجَلَّابِ (قَوْلُهُ وَآلَاتِ لَهْوٍ) قَالَ الْكَمَالُ وَاخْتُلِفَ فِي طَبْلِ الْغُزَاةِ فَقِيلَ لَا يُقْطَعُ بِهِ وَاخْتَارَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ لِلَّهْوِ وَإِنْ كَانَ وَضَعَهُ لِغَيْرِهِ وَقِيلَ يُقْطَعُ لِأَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ لَيْسَ مَوْضُوعًا لِلَّهْوِ فَلَيْسَ آلَةً لِلَّهْوِ