الْأُصُولُ بَعْدَهُمْ) أَيْ بَعْدَ الْفُرُوعِ أَمَّا عَدَمُ الْحَدِّ فِي الْأَوَّلِ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَلِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ وَأَمَّا عَدَمُهُ عَلَى الشُّهُودِ فَلِأَنَّ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى النِّسْبَةِ إلَى الزِّنَا بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ أَخْرَجَ كَلَامَهُمْ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَذْفًا وَأَمَّا عَدَمُهُ فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ الْفِعْلَ الْمَشْهُودَ بِهِ إذَا كَانَ وَاحِدًا فَبَعْضُهُمْ كَاذِبٌ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يَكْفِي بِطَوْعِهَا وَكَرْهِهَا وَإِلَّا فَلَا نِصَابَ لِلشَّهَادَةِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَأَمَّا عَدَمُهُ عَلَى الشُّهُودِ فَلِإِتْيَانِهِمْ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ وَأَمَّا فِي الثَّالِثِ فَلِأَنَّ الْفِعْلَ الْوَاحِدَ لَا يَكُونُ فِي مَوْضِعَيْنِ وَلَا يُحَدُّ الشُّهُودُ لِمَا ذُكِرَ وَأَمَّا فِي الرَّابِعِ فَلِمَا فِي الثَّالِثِ وَأَمَّا فِي الْخَامِسِ فَلِأَنَّ الزِّنَا لَا يَتَحَقَّقُ مَعَ الْبَكَارَةِ فَظَهَرَ كَذِبُهُمْ بِيَقِينٍ فَلَا يَجِبُ الْحَدُّ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ قَوْلَهُنَّ حُجَّةٌ فِي إسْقَاطِ الْحَدِّ لَا فِي إيجَابِهِ وَلَا عَلَى الشُّهُودِ لِتَكَامُلِ عَدَدِهِمْ وَلَفْظِ الشَّهَادَةِ وَكَذَا إذَا شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا وَهُوَ مَجْبُوبٌ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ لِظُهُورِ كَذِبِهِمْ وَلَا الشُّهُودُ لِتَكَامُلِ عَدَدِهِمْ وَلَفْظُ الشَّهَادَةِ كَمَا إذَا شَهِدُوا عَلَى امْرَأَةٍ بِالزِّنَا فَوُجِدَتْ رَتْقَاءَ حَيْثُ لَا حَدَّ عَلَيْهَا وَلَا عَلَيْهِمْ وَأَمَّا السَّادِسُ فَلِأَنَّ الْفَاسِقَ مِنْ أَهْلِ التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ وَإِنْ كَانَ فِي أَدَائِهِ نَوْعُ قُصُورٍ لِتُهْمَةِ الْفِسْقِ وَلِهَذَا لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِ يَنْفُذُ عِنْدَنَا فَيَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِمْ الزِّنَا مِنْ وَجْهٍ بِاعْتِبَارِ الْأَهْلِيَّةِ دُونَ وَجْهٍ بِاعْتِبَارِ الْقُصُورِ فَيَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ عَدَمِ الثُّبُوتِ وَيَسْقُطُ عَنْ الشُّهُودِ بِاعْتِبَارِ الثُّبُوتِ وَأَمَّا السَّابِعُ فَلِأَنَّ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ زِيَادَةَ الشُّبْهَةِ لِأَنَّ احْتِمَالَ الْكَذِبِ فِيهَا فِي مَوْضُوعَيْنِ فِي شَهَادَةِ الْأُصُولِ وَشَهَادَةِ الْفُرُوعِ وَلَا يُحَدُّ الْفُرُوعُ لِأَنَّهُمْ مَا نَسَبُوا الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بِالزِّنَا بَلْ حَكَّمُوا شَهَادَةَ الْأُصُولِ وَإِنَّمَا رُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ لِنَوْعِ شُبْهَةٍ وَهِيَ كَافِيَةٌ لِدَرْءِ الْحَدِّ لَا إثْبَاتِهِ وَإِنْ جَاءَ الْأُصُولُ وَشَهِدُوا عَلَى مُعَايِنَةِ ذَلِكَ الزِّنَا بِعَيْنِهِ لَمْ تُقْبَلْ وَلَمْ يُحَدُّوا أَيْضًا لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ قَدْ رُدَّتْ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ مِنْ وَجْهٍ بِرَدِّ شَهَادَةِ الْفُرُوعِ لِأَنَّهُمْ قَائِمُونَ مَقَامَهُمْ وَشَهَادَتُهُمْ كَشَهَادَتِهِمْ وَالشَّهَادَةُ فِي حَادِثَةٍ إذَا رُدَّتْ لَمْ تُقْبَلْ فِيهَا أَبَدًا (فَإِنْ شَهِدُوا بِالزِّنَا) حَالَ كَوْنِهِمْ (عُمْيَانًا أَوْ مَحْدُودِينَ فِي قَذْفٍ أَوْ ثَلَاثَةً) وَقَدْ وَجَبَ الْأَرْبَعَةُ (أَوْ) أَرْبَعَةً (أَحَدُهُمْ مَحْدُودٌ) فِي قَذْفٍ (أَوْ عَبْدًا أَوْ وُجِدَ كَذَا) أَيْ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ أَوْ عَبْدًا (بَعْدَ الْحَدِّ حُدُّوا) أَيْ الشُّهُودُ لَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَهُوَ جَوَابٌ لِقَوْلِهِ فَإِنْ شَهِدُوا وَإِنَّمَا خُصَّ الْحَدُّ بِهِمْ لِعَدَمِ أَهْلِيهِ الشَّهَادَةِ فِيهِمْ أَوْ عَدَمِ النِّصَابِ فَلَا يَثْبُتُ الزِّنَا وَيَجِبُ الْحَدُّ لِكَوْنِهِمْ قَذَفَةً
(وَأَرْشُ جَرْحِ جِلْدِهِ هَدَرٌ) أَيْ شَهِدَ الشُّهُودُ بِزِنًا وَالزَّانِي غَيْرُ مُحْصَنٍ فَجُلِدَ فَجَرَحَهُ الْجَلْدُ ثُمَّ ظَهَرَ أَحَدُهُمْ عَبْدًا أَوْ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ فَأَرْشُ الْجِلْدِ هَدَرٌ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا (وَدِيَةُ رَجْمِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ شَهِدُوا وَالزَّانِي مُحْصَنٌ فَرُجِمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَحَدُهُمْ عَبْدًا أَوْ نَحْوَهُ فَدِيَةُ الرَّجْمِ فِي بَيْتِ الْمَالِ (وَأَيُّ رَجْعٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ بَعْدَ رَجْمٍ حُدَّ) أَيْ حُدَّ الرَّاجِعُ فَقَطْ حَدَّ الْقَذْفِ خِلَافًا لِزُفَرَ (وَغَرِمَ رُبْعَ الدِّيَةِ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (وَقَبْلَهُ) أَيْ أَيُّ رَجْعٍ مِنْهُمْ قَبْلَ الرَّجْمِ (حُدُّوا) أَيْ حُدَّ جَمِيعُ الشُّهُودِ حَدَّ الْقَذْفِ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ قَذْفٌ فِي الْأَصْلِ وَإِنَّمَا يَصِيرُ شَهَادَةً بِاتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِهِ فَإِذَا لَمْ يَتَّصِلْ بَقِيَ قَذْفًا فَيُحَدُّونَ (لَا شَيْءَ عَلَى خَامِسٍ رَجَعَ) إذْ بَقِيَ مَنْ يَبْقَى بِشَهَادَتِهِمْ كُلُّ الْحَقِّ وَهُوَ الْأَرْبَعَةُ (فَإِنْ رَجَعَ آخَرُ حُدَّا وَغَرِمَا الرُّبْعَ) أَيْ رُبْعَ الدِّيَةِ إذَا بَقِيَ ثَلَاثُ أَرْبَاعِ الْحَقِّ بِبَقَاءِ الثَّلَاثَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ مَا نَسَبُوا الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بِالزِّنَا) ضَمَّنَ نَسَبُوا مَعْنَى رَمَوْا لِتَعْدِيَةِ الزِّنَا بِالْبَاءِ (قَوْلُهُ وَإِنْ جَاءَ الْأُصُولُ. . . إلَخْ) إنَّمَا لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ الْأُصُولِ بَعْدَ رَدِّ شَهَادَةِ الْفُرُوعِ لِلشُّبْهَةِ الْمَذْكُورَةِ لِدَرْءِ الْحَدِّ فَرَدُّ شَهَادَةِ الْفَرْعِ رَدٌّ لِشَهَادَةِ الْأَصْلِ لِلشُّبْهَةِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ شَهَادَةَ الْأُصُولِ تُقْبَلُ بَعْدَ رَدِّ شَهَادَةِ الْفُرُوعِ فِي غَيْرِ الْحُدُودِ لِثُبُوتِ الْمَالِ مَعَ الشُّبْهَةِ دُونَ الْحَدِّ وَلَوْ رُدَّتْ شَهَادَةُ الْأَصْلِ لَا تُقْبَلُ بَعْدَهُ شَهَادَةُ الْفَرْعِ فِي كُلِّ شَيْءٍ إنْ كَانَ الرَّدُّ لِتُهْمَةٍ مَعَ بَقَاءِ الْأَهْلِيَّةِ وَإِنْ رُدَّتْ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ كَالرِّقِّ وَالْكُفْرِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ لِثُبُوتِ الْأَهْلِيَّةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ أَوْ أَحَدُهُمْ مَحْدُودٌ فِي قَذْفٍ أَوْ عَبْدٌ) كَذَا لَوْ كَانَ أَعْمَى (قَوْلُهُ أَوْ وُجِدَ كَذَا. . . إلَخْ) كَذَا إذَا وُجِدَ أَعْمَى أَوْ كَافِرًا كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ حُدُّوا) أَيْ الشُّهُودُ لَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَهُوَ جَوَابٌ لِقَوْلِهِ فَإِنْ شَهِدُوا وَلَا يَخْفَى أَنَّ نَفْيَ الْحَدِّ عَنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا فَاتَ شَرْطُ صِحَّةِ الشَّهَادَةِ قَبْلَ إمْضَاءِ الْحَدِّ أَمَّا إذَا مَضَى الْحَدُّ ثُمَّ ظَهَرَ فَوَاتُ الشَّرْطِ كَيْفَ يُنْفَى الْحَدُّ عَنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَقَدْ حُدَّ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ حُدَّ الشُّهُودُ لَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِمْضَاءِ وَبَعْدَهُ الشُّهُودُ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ الْحَدُّ لِكَوْنِهِمْ قَذَفَةً) يَعْنِي فَيُقَامُ إذَا طَلَبَهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة
(قَوْلُهُ فَأَرْشُ الْجَلْدِ هَدَرٌ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا) أَيْ فَيَكُونُ الْأَرْشُ عِنْدَهُمَا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَكَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا مَاتَ مِنْ الْجَلْدِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَقَبْلَهُ حُدُّوا) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ الْقَضَاءِ قَبْلَ الْإِمْضَاءِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَصِيرُ شَهَادَةً بِاتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِهِ فَإِذَا لَمْ يَتَّصِلْ بَقِيَ قَذْفًا) الْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ الْقَضَاءُ الْمَمْضِيُّ لِأَنَّهُ لَوْ اتَّصَلَ بِهِ الْقَضَاءُ وَلَمْ يَمْضِ فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ حُدُّوا كَمَا لَوْ كَانَ قَبْلَ الْقَضَاءِ لِأَنَّ الْإِمْضَاءَ وَهُوَ الِاسْتِيفَاءُ مِنْ الْقَضَاءِ فِي الْحُدُودِ