وَطْءِ الْمَرْهُونَةِ (وَبَقَاءُ أَثَرِ النِّكَاحِ) وَهُوَ الْعِدَّةُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَصِيرَ سَبَبًا لَأَنْ يُشْتَبَهَ عَلَيْهِ حِلُّ وَطْءِ (الْمُعْتَدَّةِ) أَيْ مُعْتَدَّتِهِ (بِثَلَاثٍ وَ) الْمُعْتَدَّةِ (بِطَلَاقٍ عَلَى مَالٍ، وَ) الْمُعْتَدَّةِ (بِإِعْتَاقٍ وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ أُمُّ وَلَدِهِ وَلَا حَدَّ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الثَّمَانِيَةِ إنْ قَالَ الْجَانِي ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ لِي وَإِنْ قَالَ عَلِمْت أَنَّهَا حَرَامٌ عَلَيَّ وَجَبَ الْحَدُّ وَثَانِي أَنْوَاعِ الشُّبْهَةِ شُبْهَةٌ فِي الْمَحَلِّ وَتُسَمَّى شُبْهَةً حُكْمِيَّةً.
(وَ) هِيَ تَثْبُتُ (فِي الْمَحَلِّ بِقِيَامِ دَلِيلٍ مُنَافٍ لِلْحُرْمَةِ ذَاتًا) أَيْ إذَا نَظَرْنَا إلَى الدَّلِيلِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْمَانِعِ يَكُونُ مُنَافِيًا لِلْحُرْمَةِ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ظَنِّ الْجَانِي وَاعْتِقَادِهِ (فَلَمْ يُحَدَّ) الْجَانِي بِهَذِهِ الشُّبْهَةِ (مُطْلَقًا) أَيْ وَلَوْ قَالَ عَلِمْتُ أَنَّهَا حَرَامٌ عَلَيَّ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (بِوَطْءِ أَمَةِ ابْنِهِ) فَإِنَّ الدَّلِيلَ النَّافِيَ لِلْحُرْمَةِ فِيهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك»
. (وَ) بِوَطْءِ (مُعْتَدَّةِ الْكِنَايَاتِ) فَإِنَّ الدَّلِيلَ فِيهِ قَوْلُ بَعْضِ الصَّحَابَةِ إنَّ الْكِنَايَاتِ رَوَاجِعُ.
(وَ) وَطْءِ (الْبَائِعُ) الْأَمَةَ (الْمَبِيعَةَ، وَ) وَطْءِ (الزَّوْجِ) الْأَمَةَ (الْمَهْمُورَةَ) أَيْ الَّتِي جَعَلَهَا صَدَاقًا لِامْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا (قَبْلَ تَسْلِيمِهَا) أَيْ تَسْلِيمِ الْأُولَى إلَى الْمُشْتَرِي وَالثَّانِيَةُ إلَى الزَّوْجَةِ فَإِنَّ كَوْنَ الْمَبِيعَةِ فِي يَدِ الْبَائِعِ بِحَيْثُ لَوْ هَلَكَتْ انْتَقَضَ الْبَيْعُ دَلِيلُ الْمِلْكِ فِي الْأُولَى وَكَوْنَ الْمَهْرِ صِلَةً أَيْ غَيْرَ مُقَابَلٍ بِمَالٍ دَلِيلُ عَدَمِ زَوَالِ الْمِلْكِ فِي الثَّانِيَةِ.
. (وَ) وَطْءِ (الشَّرِيكِ) أَيْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ الْجَارِيَةَ (الْمُشْتَرَكَةَ) فَإِنَّ الْمِلْكَ فِي الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ دَلِيلُ جَوَازِ الْوَطْءِ
(وَإِذَا ادَّعَى النَّسَبَ ثَبَتَ) أَيْ النَّسَبُ (هُنَا) فِي شُبْهَةِ الْمَحَلِّ (لَا الْأُولَى) أَيْ شُبْهَةِ الْفِعْلِ لِأَنَّ الْفِعْلَ فِي الْأُولَى تَمَحَّضَ زِنًا وَإِنْ سَقَطَ الْحَدُّ لِأَمْرٍ رَاجِعٍ إلَيْهِ وَهُوَ اشْتِبَاهُ الْأَمْرِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ وَثَالِثُ أَنْوَاعِ الشُّبْهَةِ شُبْهَةُ الْعَقْدِ.
(وَ) هِيَ تَثْبُتُ (بِالْعَقْدِ) أَيْ عَقْدِ النِّكَاحِ (عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ (فِي وَطْءٍ مُحَرَّمٍ نِكَاحُهَا) وَإِنْ كَانَ حُرْمَتُهُ مُتَّفَقًا عَلَيْهَا وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ حَيْثُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ عِنْدَهُ وَلَكِنْ يُوجَعُ عُقُوبَةً إنْ عَلِمَ بِذَلِكَ وَعِنْدَ غَيْرِهِ إنْ عَلِمَ يُحَدُّ وَإِلَّا فَلَا وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ
(وَحُدَّ بِوَطْءِ أَمَةِ أَخِيهِ) أَوْ أُخْتِهِ (أَوْ عَمّه) أَوْ عَمَّتِهِ وَإِنْ قَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ لِي وَكَذَا سَائِرُ الْمَحَارِمِ سِوَى الْأَوْلَادِ إذْ لَا بُسُوطَةَ لَهُ فِي مَالِ هَؤُلَاءِ فَلَمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَالْمُعْتَدَّةِ بِثَلَاثٍ) هَذَا إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا صَرِيحًا أَمَّا لَوْ نَوَاهَا بِالْكِنَايَةِ فَوَقَعْنَ فَوَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ وَقَالَ عَلِمْت أَنَّهَا حَرَامٌ لَا يُحَدُّ لِتَحَقُّقِ الِاخْتِلَافِ وَهَذَا مِنْ قَبِيلِ الشُّبْهَةِ الْحُكْمِيَّةِ وَهَذِهِ يُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ مُطَلَّقَةٌ ثَلَاثًا وَطِئَتْ فِي الْعِدَّةِ وَقَالَ عَلِمْت حُرْمَتَهَا وَلَا يُحَدُّ وَهِيَ مَا وَقَعَ الثَّلَاثُ عَلَيْهَا بِالْكِنَايَةِ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ فَلَمْ يُحَدَّ مُطْلَقًا بِوَطْءِ أَمَةِ ابْنِهِ) لَوْ قَالَ وَلَدِهِ أَوْ فَرْعِهِ لَكَانَ أَوْلَى لِشُمُولِهِ أَمَةَ بِنْتِهِ وَلِيَتِمَّ بِهِ الْعَدَدُ السِّتَّةُ وَإِلَّا فَهِيَ فِي كَلَامِهِ خَمْسَةٌ وَقَالَ إنَّهَا سِتَّةٌ وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي أَمَةِ وَلَدِ وَلَدِهِ وَإِنْ كَانَ وَلَدُهُ حَيًّا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ وِلَايَةُ تَمَلُّكِ مَالِهِ حَالَ قِيَامِ ابْنِهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ) ظَاهِرُهُ الْحَصْرُ لِمَقَامِ الْبَيَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ أَمَةَ الْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ الْمُسْتَغْرَقِ وَالْغَنِيمَةِ بَعْدَ الْإِحْرَازِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا كَذَلِكَ فِي الْحُكْمِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَقَالَ الْكَمَالُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ جَارِيَتُهُ الَّتِي هِيَ أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ وَجَارِيَتُهُ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ وَالزَّوْجَةُ الَّتِي حَرُمَتْ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى قَاذِفِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَوَطْءِ مُعْتَدَّةِ الْكِنَايَاتِ) هَذَا بِخِلَافِ وَطْءِ الْمُخْتَلِعَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ ذَوَاتِ الشُّبْهَةِ الْحُكْمِيَّةِ وَأَخْطَأَ مَنْ بَحَثَ وَقَالَ يَنْبَغِي كَوْنُهَا مِنْ ذَوَاتِ الشُّبْهَةِ الْحُكْمِيَّةِ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَوَطْءِ الْبَائِعِ الْأَمَةَ الْمَبِيعَةَ. . . إلَخْ) قَيَّدَ بِكَوْنِهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَهَذَا فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ أَمَّا الْفَاسِدُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْوَطْءِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ أَوْ بَعْدُ وَكَذَا الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ سَوَاءٌ لِلْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي كَمَا فِي الْبَحْرِ
(قَوْلُهُ لَا الْأُولَى) أَيْ شُبْهَةُ الْفِعْلِ يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا لِدُونِ سَنَتَيْنِ بِلَا دَعْوَةٍ وَلِأَكْثَرَ بِدَعْوَةٍ فَكَانَ مُخَصَّصًا لِهَذَا وَيَثْبُتُ أَيْضًا نَسَبُ مَنْ زُفَّتْ إلَيْهِ وَقِيلَ هِيَ زَوْجَتُهُ بِدَعْوَتِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ) يَعْنِي وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ مُعْتَقِدٌ لِحُرْمَةِ الزِّنَا كَمَا سَيَأْتِي إذْ لَوْ اعْتَقَدَ الْحِلَّ يَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُرْتَدِّينَ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ يُوجَعُ عُقُوبَةً إنْ عَلِمَ بِذَلِكَ) قَالَ الْكَمَالُ وَهِيَ أَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنْ التَّعْزِيرِ سِيَاسَةً وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ أَيْضًا اهـ.
(قَوْلُهُ وَعِنْدَ غَيْرِهِ إنْ عَلِمَ يُحَدُّ) الْمُرَادُ بِالْغَيْرِ صَاحِبَاهُ وَبِقَوْلِهِمَا أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَرَجَّحَهُ فِي الْوَاقِعَاتِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ) لَمْ يُبَيِّنْهُ فِيمَا سَيَأْتِي جَمِيعًا بَلْ لَمْ يَذْكُرْ هُنَاكَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا وَأَحَالَ هُنَاكَ عَلَى مَا هُنَا وَبَيَانُهُ أَنَّ الْعَقْدَ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مَنْ وَافَقَهُمَا لَمْ يُصَادِفْ مَحَلَّهُ يَعْنِي بِالنِّسْبَةِ إلَى هَذَا الْعَاقِدِ فَيَلْغُو كَمَا إذَا أُضِيفَ إلَى الذُّكُورِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْعَقْدَ صَادَفَ مَحَلَّهُ يَعْنِي مَحَلِّيَّتَهَا لِنَفْسِ الْعَقْدِ لَا بِالنَّظَرِ إلَى خُصُوصِ الْعَاقِدِ لِأَنَّ مَحَلَّ التَّصَرُّفِ مَا يَقْبَلُ مَقْصُودَهُ وَالْأُنْثَى مِنْ بَنِي آدَمَ قَابِلَةٌ لِلتَّوَالُدِ وَالتَّنَاسُلِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَنْعَقِدَ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ إلَّا أَنَّهُ تَقَاعَدَ عَنْ إفَادَةِ حَقِيقَةِ الْحِلِّ لِدَلِيلٍ فَيُورِثُ شُبْهَةً اهـ.
وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ عَنْ صَاحِبِ الْأَسْرَارِ كَلَامُهُمَا أَوْضَحُ اهـ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا. اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ لِي) قَالَ فِي الْفَتْحِ وَمَعْنَى هَذَا أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ الزِّنَا حَرَامٌ لَكِنَّهُ ظَنَّ أَنَّ وَطْأَهُ هَذِهِ لَيْسَ زِنًا مُحَرَّمًا فَلَا يُعَارِضُ مَا فِي الْمُحِيطِ مِنْ قَوْلِهِ شَرْطُ وُجُوبِ الْحَدِّ أَنَّ الزِّنَا حَرَامٌ وَإِنَّمَا يَنْفِيهِ مَسْأَلَةُ الْحَرْبِيِّ. اهـ. وَقَدْ تَقَدَّمَتْ