بِمَالٍ فَلَا يَلْزَمُ عَلَى الْمُكَاتَبِ شَيْءٌ (وَصَحَّتْ) الْكِتَابَةُ عَلَى حَيَوَانٍ (ذَكَرَ جِنْسَهُ) كَالْعَبْدِ (فَقَطْ) أَيْ لَا نَوْعَهُ وَصِفَتَهُ (وَيُؤَدِّي الْوَسَطَ أَوْ قِيمَتَهُ) فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ أَصْلٌ مِنْ وَجْهٍ أَمَّا الْوَسَطُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا قِيمَتُهُ فَلِأَنَّهُ يُعْرَفُ بِالْقِيمَةِ فَصَارَتْ أَصْلًا فَدَفْعُ الْقِيمَةِ قَضَاءً فِي مَعْنَى الْأَدَاءِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ.

(وَمِنْ كَافِرٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى حَيَوَانٍ أَيْ صَحَّتْ الْكِتَابَةُ مِنْ كَافِرٍ (كَاتَبَ عَبْدًا مِثْلَهُ) يَعْنِي كَافِرًا (بِخَمْرٍ مُقَدَّرَةٍ) اُعْتُبِرَ التَّقْدِيرُ لِيُعْلَمَ الْبَدَلُ وَإِنَّمَا صَحَّتْ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْخَلِّ عِنْدَنَا (وَأَيٌّ) مِنْ الْمَوْلَى وَالْعَبْدِ (أَسْلَمَ لِلْمَوْلَى قِيمَتَهَا) ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ مَمْنُوعٌ عَنْ تَمَلُّكِ الْخَمْرِ وَتَمْلِيكِهِ (وَعَتَقَ) الْعَبْدُ (بِقَبْضِ الْخَمْرِ) ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ مُتَعَلِّقٌ بِقَبْضِهَا لَكِنْ مَعَ ذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَةُ نَفْسِهِ كَمَا مَرَّ (وَعَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى حَيَوَانٍ (لَهُ) أَيْ لِلْمَوْلَى (أَوْ لِغَيْرِهِ أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ أَوْ بِنَاءِ دَارٍ إذَا بَيَّنَ قَدْرَ الْمَعْمُولِ، وَالْآجُرِّ بِمَا يَرْفَعُ النِّزَاعَ) لِحُصُولِ الرُّكْنِ، وَالشَّرْطِ (وَأَلْفٍ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهَا إلَى غَرِيمِهِ وَأَلْفٍ وَوَصِيفٍ وَأَلْفٍ وَخِدْمَتِهِ سَنَةً وَخِدْمَتِهِ أَبَدًا لَا) أَيْ لَا يَجُوزُ هَذَا؛ لِأَنَّهُ مُنَافٍ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْكِتَابَةِ كَوْنُ الْمَمْلُوكِ مَالِكًا يَدًا وَلَوْ فِي بَعْضِ الْأَزْمَانِ لِيَكُونَ مَالِكًا مُطْلَقًا بَعْدَهُ، كَمَا فِي الْكِتَابَةِ عَلَى الْخِدْمَةِ سَنَةً وَهَذَا يُنَافِيهِ (لَا تَفْسُدُ) الْكِتَابَة (بِشَرْطٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ) أَيْ الشَّرْطُ (فِي صُلْبِ الْعَقْدِ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: الْكِتَابَةُ تُشْبِهُ الْبَيْعَ يَعْنِي انْتِهَاءً؛ لِأَنَّهَا مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ انْتِهَاءً وَتُشْبِهُ النِّكَاحَ يَعْنِي ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّهَا مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِغَيْرِ الْمَالِ وَهُوَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَصَحَّتْ عَلَى حَيَوَانٍ ذُكِرَ جِنْسُهُ كَالْعَبْدِ) كَذَا قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: إذَا كَاتَبَهُ عَلَى حَيَوَانٍ وَبَيَّنَ جِنْسَهُ كَالْعَبْدِ وَالْفَرَسِ وَلَمْ يُبَيِّنْ النَّوْعَ أَنَّهُ تُرْكِيٌّ أَوْ هِنْدِيٌّ وَلَا الْوَصْفَ أَنَّهُ جَيِّدٌ أَوْ رَدِيءٌ جَازَتْ وَيَنْصَرِفُ إلَى الْوَسَطِ وَإِنَّمَا صَحَّ الْعَقْدُ مَعَ الْجَهَالَةِ؛ لِأَنَّهَا يَسِيرَةٌ وَمِثْلُهَا يُتَحَمَّلُ فِي الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الْمُسَاهَلَةِ فَيُعْتَبَرُ جَهَالَةُ الْبَدَلِ بِجَهَالَةِ الْأَجَلِ فِيهِ حَتَّى لَوْ كَاتَبَهُ إلَى الْحَصَادِ صَحَّتْ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَجَازَ الْكِتَابَةَ عَلَى الْوَصْفِ جَمْعُ وَصِيفٍ وَهُوَ الْعَبْدُ لِلْخِدْمَةِ اهـ.

وَلَكِنْ قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ: وَالْكِتَابَةُ عَلَى الْحَيَوَانِ، وَالثَّوْبِ كَالنِّكَاحِ إنَّ عَيَّنَ النَّوْعَ صَحَّ وَإِنْ أَطْلَقَ لَا يَصِحُّ اهـ.

فَلْيَتَأَمَّلْ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالنَّوْعِ الْجِنْسَ وَإِلَّا نَاقَضَهُ مَا فِي الْعِنَايَةِ (قَوْلُهُ: وَيُؤَدِّي الْوَسَطَ) قَدَّرَهُ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْعَبْدِ بِمَا قِيمَتُهُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَقَالَا هُوَ عَلَى قَدْرِ غَلَاءِ السِّعْرِ وَرُخْصِهِ، كَذَا فِي الْعِنَايَةِ.

(قَوْلُهُ: وَعَتَقَ بِقَبْضِ الْخَمْرِ) ، كَذَا فِي الْكَنْزِ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ: قَالَ فِي الْكَافِي هَكَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ كَالْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ والتمرتاشي لَوْ أَدَّى الْخَمْرَ لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ انْتَقَلَتْ إلَى الْقِيمَةِ وَلَمْ يَبْقَ الْخَمْرُ بَدَلًا اهـ.

وَقَالَ فِي الْعِنَايَةِ: فَكَانَ فِي الْعِتْقِ بِأَدَاءِ الْخَمْرِ رِوَايَتَانِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ) اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْجَوَازِ؛ لِأَنَّ الْخِدْمَةَ مُخْتَلِفَةٌ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْخِدْمَةَ الْمُطْلَقَةَ تَنْصَرِفُ إلَى الْمَعْهُودَةِ فَتَصِيرُ مَعْلُومَةً بِالْعَادَةِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ: أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ أَوْ بِنَاءِ دَارٍ إذَا بَيَّنَ قَدْرَ الْمَعْمُولِ) بَيَانُهُ: أَنْ يُسَمَّى لَهُ طُولُ الْبِئْرِ وَعُمْقُهَا وَمَكَانُهَا.

وَفِي الدِّرَايَةِ آجُرُّهَا وَجِصُّهَا وَمَا يُبْنَى بِهَا فَتَصِحُّ الْكِتَابَةُ؛ لِأَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى بَدَلٍ مَعْلُومٍ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ: وَالْآجُرِّ) بِالْمَدِّ وَضَمِّ الْجِيمِ اللَّبِنُ الْمُحْرَقُ (قَوْلُهُ: وَأَلْفٍ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَهَا إلَى غَرِيمِهِ) أَيْ صَحَّتْ عَلَيْهَا وَكَذَا إذَا كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفٍ يَضْمَنُهَا لِرَجُلٍ عَنْ سَيِّدِهِ فَالْمُكَاتَبَةُ، وَالضَّمَانُ جَائِزَانِ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ: وَأَلْفٍ وَوَصِيفٍ وَأَلْفٍ وَخِدْمَتِهِ سَنَةً) أَيْ صَحَّتْ الْكِتَابَةُ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ مَعْلُومٌ وَلَيْسَ صَفْقَةً فِي صَفْقَةٍ (قَوْلُهُ: وَخِدْمَتِهِ أَبَدًا لَا) يَعْنِي إذَا كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفٍ وَخِدْمَتِهِ أَبَدًا لَا تَصِحُّ لِمَا ذُكِرَ مِنْ مُنَافَاتِهِ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَإِنْ أَدَّى الْأَلْفَ عَتَقَ.

وَقَالَ بِشْرٌ الْمَرِيسِيُّ: هَذَا غَلَطٌ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَنْزِلُ إلَّا بَعْدَ أَدَاءِ جَمِيعِ الْمَشْرُوطِ عَلَيْهِ، وَقَدْ شَرَطَ عَلَيْهِ مَعَ الْأَلْفِ شَيْئًا آخَرَ فَكَيْفَ يَعْتِقُ بِأَدَاءِ الْأَلْفِ قُلْنَا اشْتِرَاطُ الْخِدْمَةِ عَلَيْهِ لَيْسَ بِطَرِيقِ الْبَدَلِ لِمَا أَوْجَبَهُ لَهُ بَلْ بِاعْتِبَارِ بَقَاءِ مِلْكِ نَفْسِهِ فِي الْخِدْمَةِ كَمَا لَوْ كَانَ مِنْ قَبْلُ فَلَا يَكُونُ اسْتِثْنَاءً لِمُوجَبِ الْعَقْدِ فَأَمَّا الْبَدَلُ الْمَشْرُوطُ عَلَيْهِ هُوَ الْأَلْفُ فَإِذَا أَدَّاهُ يَعْتِقُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ، كَمَا فِي الْبُرْهَانِ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَيْ لَا يَجُوزُ هَذَا) يُرِيدُ بِهِ الصُّورَةَ الْأَخِيرَةَ فَقَطْ وَهِيَ مَا إذَا كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفٍ وَخِدْمَتِهِ أَبَدًا وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَوْعُ خَفَاءٍ فَشَرْحُهُ أَوْضَحَهُ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: الْكِتَابَةُ تُشْبِهُ الْبَيْعَ يَعْنِي انْتِهَاءً؛ لِأَنَّهَا مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ انْتِهَاءً) أَقُولُ لَمْ يَعْنِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ شَبَهَ الْكِتَابَةِ بِالْبَيْعِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ بَلْ مِنْ حَيْثُ الْمُعَاوَضَةُ وَعَدَمُ صِحَّتِهِمَا بِلَا بَدَلٍ وَاحْتِمَالُهُمَا الْفَسْخَ، كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْعِنَايَةِ، وَقَدْ نَفَى صَاحِبُ الْهِدَايَةِ شَبَهَ الْكِتَابَةِ بِالْبَيْعِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ حَيْثُ قَالَ: وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ أَيْ عَقْدُ الْكِتَابَةِ عَلَى حَيَوَانٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ فَأَشْبَهَتْ الْبَيْعَ وَلَنَا أَنَّهَا مُعَاوَضَةُ مَالٍ بِغَيْرِ مَالٍ أَوْ بِمَالٍ لَكِنْ عَلَى وَجْهٍ يَسْقُطُ الْمِلْكَ فِيهِ فَأَشْبَهَتْ النِّكَاحَ، وَالْجَامِعُ أَنَّهَا تُبْنَى عَلَى الْمُسَامَحَةِ اهـ.

وَقَدْ مَنَعَ فِي الْعِنَايَةِ شَبَهَ الْكِتَابَةِ بِالْبَيْعِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً فَقَالَ: وَلَنَا أَنَّ هَذَا قِيَاسٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ قِيَاسَ الْكِتَابَةِ عَلَى الْبَيْعِ إمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ حَيْثُ ابْتِدَاؤُهَا أَوْ مِنْ حَيْثُ الِانْتِهَاءُ، وَالْأَوَّلُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ مُعَاوَضَةُ مَالٍ بِمَالٍ، وَالْكِتَابَةَ مُعَاوَضَةُ مَالٍ بِغَيْرِ مَالٍ؛ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ فَكِّ الْحَجْرِ فِي الِابْتِدَاءِ وَكَذَلِكَ الثَّانِي؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي الِانْتِهَاءِ مُعَاوَضَةَ مَالٍ بِمَالٍ وَهُوَ الرَّقَبَةُ لَكِنْ عَلَى وَجْهٍ يَسْقُطُ الْمِلْكُ فِيهِ فَأَشْبَهَ النِّكَاحَ فِي الِانْتِهَاءِ وَفِي أَنَّ مَبْنَى كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَهَذَا الْمِقْدَارُ كَافٍ فِي إلْحَاقِهَا بِالنِّكَاحِ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِغَيْرِ الْمَالِ وَهُوَ الْبُضْعُ) صَوَابُهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015