(وَ) وَكَذَا (مُرَاهِقَةٌ) أَيْ صَبِيَّةٌ سِنُّهَا تِسْعٌ فَصَاعِدًا لَمْ يَظْهَرْ فِيهَا أَمَارَاتُ الْبُلُوغِ يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا.
(إذَا وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ) مُنْذُ طَلَّقَهَا بَائِنًا كَانَ، أَوْ رَجْعِيًّا لِأَنَّ الْعُلُوقَ حِينَئِذٍ يَكُونُ فِي الْعِدَّةِ (وَلِتِسْعَةٍ لَا) أَيْ لَوْ وَلَدَتْ لِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ لَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا لِأَنَّ الْعُلُوقَ حِينَئِذٍ يَكُونُ خَارِجَ الْعِدَّةِ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا صَغِيرَةٌ بِيَقِينٍ وَالْيَقِينُ لَا يَزُولُ بِالِاحْتِمَالِ وَالصِّغَرُ مُنَافٍ لِلْحَمْلِ فَإِذَا بَقِيَ فِيهَا صِفَةُ الصِّغَرِ حُكِمَ بِمُضِيِّ عِدَّتِهَا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَحُمِلَ الْحَمْلُ عَلَى أَنَّهُ حَادِثٌ فَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ بِمُضِيِّ الْعِدَّةِ، ثُمَّ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ لِوُجُودِ دَلِيلِ الِانْقِضَاءِ وَهُوَ إقْرَارُهَا فَكَذَا هُنَا بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ إقْرَارَهَا يَحْتَمِلُ الْكَذِبَ وَحُكْمُ الشَّرْعِ بِالِانْقِضَاءِ لَا تَرَدُّدَ فِيهِ.
(وَكَذَا مُعْتَدَّةٌ) أَيْ مُعْتَدَّةُ طَلَاقٍ (أَقَرَّتْ بِالْمُضِيِّ) أَيْ مُضِيِّ عِدَّتِهَا (وَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ سَنَةٍ) مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ هَذَا هُوَ الْمَسْطُورُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِلتَّعْلِيلِ وَقَدْ وَقَعَ فِي عِبَارَةِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ الطَّلَاقُ مَكَانَ الْإِقْرَارِ وَكَأَنَّهُ سَهْوٌ مِنْ النَّاسِخِ الْأَوَّلِ وَيَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا لِمَا مَرَّ أَنَّ الْعُلُوقَ حِينَئِذٍ يَكُونُ فِي الْعِدَّةِ لِظُهُورِ كَذِبِهَا بِيَقِينٍ حَيْثُ أَقَرَّتْ بِالِانْقِضَاءِ وَرَحِمُهَا مَشْغُولٌ بِالْمَاءِ (وَلِنِصْفِهَا لَا لِمَا مَرَّ أَنَّ الْعُلُوقَ حِينَئِذٍ يَكُونُ خَارِجَهَا) (أَوْ ظَهَرَ) عَطْفٌ عَلَى أَقَرَّتْ أَيْ كَذَا مُعْتَدَّةُ طَلَاقٍ ظَهَرَ (حَبَلُهَا، أَوْ أَقَرَّ الزَّوْجُ بِهِ) أَيْ يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِ مُعْتَدَّةٍ ادَّعَتْ وِلَادَتَهُ وَأَنْكَرَهَا الزَّوْجُ وَقَدْ كَانَ قَبْلَ الْوِلَادَةِ حَبَلٌ ظَاهِرٌ، أَوْ أَقَرَّ الزَّوْجُ بِالْحَبَلِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ حَبَلُهَا وَلَمْ يُقِرَّ الزَّوْجُ بِهِ (فَيَثْبُتُ) أَيْ النَّسَبُ (إذَا ثَبَتَتْ وِلَادَتُهَا بِحُجَّةٍ تَامَّةٍ) أَيْ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ بِأَنْ دَخَلَتْ الْمَرْأَةُ بَيْتًا وَلَمْ يَكُنْ مَعَهَا أَحَدٌ وَلَا فِي الْبَيْتِ، وَالرَّجُلَانِ عَلَى الْبَابِ حَتَّى وَلَدَتْ فَعَلِمَا الْوِلَادَةَ بِرُؤْيَةِ الْوَلَدِ، أَوْ سَمَاعِ صَوْتِهِ قَيَّدَ الْحُجَّةَ بِالتَّامَّةِ؛ إذْ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِشَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الْوِلَادَةِ خِلَافًا لَهُمَا فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ إذَا وَلَدَتْ وَلَدًا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ بِوِلَادَتِهَا رَجُلَانِ، أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ إلَّا أَنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: لَمْ يَظْهَرْ فِيهَا أَمَارَاتُ الْبُلُوغِ) أَيْ وَلَمْ تَدَّعِ حَبَلًا وَلَمْ تُقِرَّ بِمُضِيِّ الْعِدَّةِ فَإِنَّهَا إنْ أَقَرَّتْ بِالِانْقِضَاءِ، ثُمَّ وَلَدَتْ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمُقِرَّةِ، وَإِنْ لَمْ تُقِرَّ بِالِانْقِضَاءِ وَادَّعَتْ حَبَلًا فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا يَثْبُتُ إلَى سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ، وَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَى سَبْعٍ وَعِشْرِينَ شَهْرًا، وَإِنْ لَمْ تَدَّعِ الْحَبَلَ وَلَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: هَذَا وَمَا لَوْ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ سَوَاءٌ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: هَذَا وَمَا لَوْ ادَّعَتْ الْحَبَلَ سَوَاءٌ كَذَا فِي قَاضِي خَانْ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعُلُوقَ حِينَئِذٍ يَكُونُ فِي الْعِدَّةِ) فِيهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّهَا مَدْخُولٌ بِهَا وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِهِ، إذْ لَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا فَإِنْ وَلَدَتْ لِدُونٍ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ، وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا مُعْتَدَّةٌ) أَيْ مُعْتَدَّةُ طَلَاقٍ كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إبْقَاءُ مَتْنِهِ عَلَى عُمُومِهِ بِتَرْكِ هَذَا الْقَيْدِ لِأَنَّ مُعْتَدَّةَ الْوَفَاةِ مِثْلُ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ طَلَاقٍ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ.
(قَوْلُهُ: أَقَرَّتْ) شَامِلٌ لِإِقْرَارِ الْمُرَاهِقَةِ وَالْبَالِغَةِ.
(قَوْلُهُ: وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ سَنَةٍ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ) أَيْ وَلِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ أَيْضًا مِنْ وَقْتِ الْفِرَاقِ بِالْمَوْتِ، أَوْ الطَّلَاقِ وَإِلَّا فَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَلَوْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
(قَوْلُهُ: لِظُهُورِ كَذِبِهَا بِيَقِينٍ. . . إلَخْ) هَذَا إذَا قَالَتْ: انْقَضَتْ عِدَّتِي السَّاعَةَ، ثُمَّ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَإِلَّا فَلَا يُعْلَمُ الْيَقِينُ لَوْ قَالَتْ انْقَضَتْ عِدَّتِي وَلَمْ تَقُلْ السَّاعَةَ، ثُمَّ جَاءَتْ بِهِ لَأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ وَلِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْفِرَاقِ، إذْ يُمْكِنُ صِدْقُهَا وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَثْبُتَ نَسَبُهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ ظَهَرَ حَبَلُهَا) يَعْنِي وَقَدْ جَحَدَتْ وِلَادَتَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْكَنْزِ، وَظُهُورُ الْحَبَلِ أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَمَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ قَاسِمٌ: الْمُرَادُ بِظُهُورِ الْحَبَلِ أَنْ تَكُونَ أَمَارَاتُ حَمْلِهَا بَالِغَةً مَبْلَغًا يُوجِبُ غَلَبَةَ ظَنِّ كَوْنِهَا حَامِلًا لِكُلِّ مَنْ شَاهَدَهَا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَثْبُتُ إذَا ثَبَتَتْ وِلَادَتُهَا بِحُجَّةٍ تَامَّةٍ) شَامِلٌ لِلْمُطَلَّقَةِ رَجْعِيًّا، وَفِيهِ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ إشْكَالٌ لِأَنَّ الْفِرَاشَ لَيْسَ بِمُنْقَضٍ فِي حَقِّهَا لِأَنَّهَا تَكُونُ مُرَاجَعَةً لِكَوْنِ الْعُلُوقِ فِي الْعِدَّةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ نَسَبُ وَلَدِهَا بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ شَيْءٍ آخَرَ كَمَا فِي الْمَنْكُوحَةِ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَقَالَ الْكَمَالُ: وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ الْمُعْتَدَّةَ عَنْ وَفَاةٍ وَطَلَاقٍ بَائِنٍ، أَوْ رَجْعِيٍّ فَيُوَافِقُ تَصْرِيحَ قَاضِي خَانْ وَفَخْرِ الْإِسْلَامِ بِجَرَيَانِ الْخِلَافِ فِي الرَّجْعِيِّ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ قَيَّدَ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ بِالْبَائِنِ، وَنَحْوَهُ فَعَلَ صَاحِبُ الْمُخْتَلِفِ، وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ النِّكَاحَ بَعْدَ الرَّجْعِيِّ قَائِمٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ يُتَّجَهُ تَقْيِيدُ الْخِلَافِ بِالْبَائِنِ كَمَا نَقَلَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَيَكُونُ الرَّجْعِيُّ كَالْعِصْمَةِ الْقَائِمَةِ حَتَّى حَلَّ الْوَطْءُ وَدَوَاعِيهِ، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ الْبَائِنِ اهـ فَاتَّضَحَ إشْكَالُ الزَّيْلَعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
(قَوْلُهُ: فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ إذَا وَلَدَتْ وَلَدًا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. . . إلَخْ) يَعْنِي فِي صُورَةِ جُحُودِ الْوِلَادَةِ، وَالْحَاصِلُ الْمَذْكُورُ نَاقِصٌ صُورَةَ تَصْدِيقِ الْوَرَثَةِ الَّتِي سَيَذْكُرُهَا الْمُصَنِّفُ عَقِبَ هَذَا فَكَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهَا فِي هَذَا الْحَاصِلِ.