لِأَنَّ الْعَفْوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ بِخِلَافِ الرَّجْمِ وَعَلَى الْأَوَّلِ الِاعْتِمَادُ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ (أَوْ رَكِبَ سَفِينَةً فَانْكَسَرَتْ وَبَقِيَ عَلَى لَوْحٍ أَوْ افْتَرَشَهُ السَّبُعُ وَبَقِيَ فِي فِيهِ) وَالْمُقْعَدُ وَالْمَفْلُوجُ مَا دَامَ يَزْدَادُ مَا بِهِ كَالْمَرِيضِ فَإِنْ صَارَ قَدِيمًا وَلَمْ يَزْدَدْ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ (وَالْمَرْأَةُ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ كَالرَّجُلِ) حَتَّى لَوْ بَاشَرَتْ سَبَبَ الْفُرْقَةِ كَخِيَارِ الْبُلُوغِ وَخِيَارِ الْعِتْقِ وَالتَّمْكِينِ مِنْ ابْنِ الزَّوْجِ وَالِارْتِدَادِ بَعْدَمَا حَصَلَ لَهَا مَا ذُكِرَ مِنْ الْمَرَضِ وَغَيْرِهِ يَرِثُهَا الزَّوْجُ لِكَوْنِهَا فَارَّةً ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ (وَالْحَامِلُ كَالصَّحِيحَةِ) فَإِنْ أَخَذَهَا الطَّلْقُ فَهِيَ كَالْمَرِيضَةِ لِأَنَّ هَلَاكَهَا لَا يَغْلِبُ مَا لَمْ يَأْخُذْهَا الطَّلْقُ كَذَا فِي الْكَافِي (فَارٌّ بِالطَّلَاقِ وَلَا يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ إلَّا مِنْ الثَّالِثِ فَلَوْ أَبَانَهَا بِلَا رِضَاهَا) حَتَّى لَوْ رَضِيَتْ لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ فَارًّا (وَمَاتَ) الزَّوْجُ (وَلَوْ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ) مِنْ الْمَرَضِ وَالْمُبَارَزَةِ وَنَحْوِهِمَا بِأَنْ يُقْتَلَ الْمَرِيضُ أَوْ يَمُوتَ بِمَرَضٍ آخَرَ (وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ تَرِثُ) هَذَا فِي الْبَائِنِ، وَأَمَّا فِي الرَّجْعِيِّ فَتَرِثُ مِنْهُ مُطْلَقًا إذَا مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لِبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ السَّبَبُ لِإِرْثِهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَإِنَّ الزَّوْجَ قَصَدَ إبْطَالَهُ فَرُدَّ عَلَيْهِ قَصْدُهُ بِتَأْخِيرِ عَمَلِهِ إلَى زَمَانِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهَا وَلِهَذَا يَرِثُهَا هُوَ إذَا مَاتَتْ بِخِلَافِ الْبَائِنِ لِأَنَّ السَّبَبَ - وَهُوَ النِّكَاحُ - قَدْ زَالَ.
(كَذَا) تَرِثُ (طَالِبَةُ رَجْعِيٍّ طَلُقَتْ ثَلَاثًا) لِأَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ لَا يُزِيلُ النِّكَاحَ وَلِهَذَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَا يَحْرُمُ بِهِ الْمِيرَاثُ فَلَمْ تَكُنْ بِسُؤَالِهَا إيَّاهُ رَاضِيَةً بِبُطْلَانِ حَقِّهَا وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً بَائِنَةً.
. (وَ) كَذَا تَرِثُ (مُبَانَةٌ قَبَّلَتْ ابْنَ زَوْجِهَا) يَعْنِي: أَبَانَ الْمَرِيضُ امْرَأَتَهُ فَقَبَّلَتْ ابْنَ زَوْجِهَا لَا يَمْنَعُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: أَوْ رَكِبَ سَفِينَةً فَانْكَسَرَتْ) لَيْسَ كَسْرُهَا شَرْطًا بَلْ كَذَلِكَ لَوْ تَلَاطَمَتْ الْأَمْوَاجُ وَخِيفَ الْغَرَقُ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمَبْسُوطِ وَالْبَدَائِعِ وَقَيَّدَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ بِأَنْ يَمُوتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْجِ أَمَّا لَوْ سَكَنَ، ثُمَّ مَاتَ لَا تَرِثُ. اهـ. .
وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا شَرْطُ كَوْنِهِ فَارًّا فَلَا يَخْتَصُّ بِهَذِهِ الصُّورَةِ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَفْلُوجُ. . . إلَخْ) اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَهُوَ أَحَدُ خَمْسَةِ أَقْوَالٍ فِيهِ لِأَنَّهُ أَفْتَى بِهِ بُرْهَانُ الْأَئِمَّةِ وَالصَّدْرُ الشَّهِيدُ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَرْأَةُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا كَالرَّجُلِ) فِيهِ تَسَامُحٌ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهَا كَالرَّجُلِ فِي اشْتِرَاطِ عَجْزِهَا عَنْ الْمَصَالِحِ خَارِجَ الْبَيْتِ، وَعُلِمَتْ مُخَالَفَتُهَا لَهُ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخَذَهَا الطَّلْقُ. . . إلَخْ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ أَيْ بَعْدَ مَا تَمَّ لَهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ اهـ.
(قُلْتُ) وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْعَادَةَ صُعُوبَةُ طَلْقِ السِّقْطِ بِمَا هُوَ أَشَدُّ فِي تَمَامِ الْمُدَّةِ اهـ.
وَاخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ الطَّلَاقِ فَقِيلَ هُوَ الْوَجَعُ الَّذِي لَا يَسْكُنُ حَتَّى الْمَوْتِ أَوْ تَلِدَ وَقِيلَ: وَإِنْ سَكَنَ لِأَنَّ الْوَجَعَ يَسْكُنُ تَارَةً وَيَهِيجُ أُخْرَى وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَلَاكَهَا لَا يَغْلِبُ مَا لَمْ يَأْخُذْهَا الطَّلْقُ) فِي مَفْهُومِهِ تَأَمُّلٌ، إذْ الْمَعْلُومُ أَنَّهُ لَا يَغْلِبُ الْهَلَاكُ بِالطَّلْقِ، وَالْفَارُّ مَنْ غَالِبُ حَالِهِ الْهَلَاكُ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ أَبَانَهَا بِلَا رِضَاهَا) أَيْ وَهُوَ طَائِعٌ لَا مُكْرَهٌ وَكَذَا يَكُونُ فَارًّا إذَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِمَرَضِهِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْخَانِيَّةِ، أَوْ وَكَّلَ بِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ فَأَوْقَعَهُ وَكِيلُهُ حَالَ مَرَضِهِ قَادِرًا عَلَى عَزْلِهِ لَا إذَا لَمْ يَقْدِرْ كَمَا فِي النَّهْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ وَلَوْ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ) هُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ.
(قَوْلُهُ: هَذَا فِي الْبَائِنِ) تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ فَارٌّ بِالطَّلَاقِ لِيَخْرُجَ الرَّجْعِيُّ لِأَنَّ لَفْظَ الطَّلَاقِ ظَاهِرٌ فِي الرَّجْعِيِّ فَقَيَّدَ بِالْبَائِنِ لِيَخْرُجَ الرَّجْعِيُّ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ أَيْ كَمَا ذُكِرَ إذْ الْقَيْدُ الْمَذْكُورُ مَتْنًا وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ قَيَّدَ بِالْبَائِنِ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّ تَرِثُ فِيهِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءً كَانَ صَحِيحًا، أَوْ مَرِيضًا وَقْتَ التَّطْلِيقِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا السَّبَبُ لِإِرْثِهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ) غَيْرُ جَيِّدٍ لِأَنَّهَا - أَيْ الزَّوْجِيَّةَ - سَبَبُ إرْثِهَا عِنْدَ مَوْتِهِ عَنْ مَرَضٍ، أَوْ فَجْأَةٍ، وَالْوَجْهُ أَنْ نَقُولَ الزَّوْجِيَّةُ سَبَبُ تَعَلُّقِ حَقِّهَا بِمَالِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَالزَّوْجُ قَصَدَ. . . إلَخْ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَهُوَ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ هَذَا فِي الْبَائِنِ يُوَضِّحُهُ قَوْلُهُ: فَإِنَّ الزَّوْجَ قَصَدَ إبْطَالَهُ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّ الزَّوْجَ قَصَدَ إبْطَالَهُ. . . إلَخْ) مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ قَصْدَ الْإِبْطَالِ إنَّمَا هُوَ فِي الْبَائِنِ لَا الرَّجْعِيِّ فَكَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ اَ هـ.
وَيُشْتَرَطُ لِكَوْنِهِ فَارًّا أَهْلِيَّتُهَا لِلْإِرْثِ فِي الْبَائِنِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ إلَى الْمَوْتِ، وَفِي الرَّجْعِيِّ لَا يُشْتَرَطُ إلَّا وَقْتَ الْمَوْتِ وَلَوْ كَذَّبَهَا الْوَرَثَةُ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي كَوْنِ الطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ فَالْقَوْلُ لَهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً فَادَّعَتْ الْعِتْقَ - قَبْلَ مَوْتِهِ - وَالْوَرَثَةُ بَعْدَهُ؛ فَإِنَّ الْقَوْلَ لَهُمْ كَمَا فِي النَّهْرِ.
(قَوْلُهُ: وَلِهَذَا يَرِثُهَا) هُوَ إذَا مَاتَتْ كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَدَمُ ذِكْرِهِ هُنَا لِإِيهَامِ ذِكْرِهِ تَعَلُّقَهُ بِالْبَائِنِ وَلَيْسَ صَحِيحًا بَلْ بِالرَّجْعِيِّ فَهُوَ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ سَابِقًا لِبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا فَيَصِحُّ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ قَوْلُهُ: وَلِهَذَا يَرِثُهَا هُوَ إذَا مَاتَتْ يُوَضِّحُهُ قَوْلُهُ: عَقِبَهُ بِخِلَافِ الْبَائِنِ لِأَنَّ السَّبَبَ وَهُوَ النِّكَاحُ قَدْ زَالَ يَعْنِي بِالنَّظَرِ إلَيْهِ لِقَصْدِهِ الَّذِي رُدَّ عَلَيْهِ بِتَأْخِيرِ عَمَلِهِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَتْ هِيَ فِي الْعِدَّةِ حَيْثُ لَا يَرِثُهَا هُوَ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَيْسَتْ مُوجِبَةً لِإِرْثِهِ مِنْهَا مُؤَاخِذَةً لَهُ بِقَصْدِهِ وَرِضَاهُ بِهِ هَكَذَا يَجِبُ حَلُّ هَذَا الْمَحَلِّ لِدَفْعِ الِاشْتِبَاهِ الْحَاصِلِ فِيهِ وَلَعَلَّهُ مِنْ النَّاسِخِ الْأَوَّلِ بِوَضْعِ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ السَّبَبَ - وَهُوَ النِّكَاحُ - قَدْ زَالَ) فِيهِ قُصُورٌ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ: لَكِنْ لَمَّا صَارَ فَارًّا رُدَّ عَلَيْهِ قَصْدُهُ فَوَرِثَتْ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: كَذَا تَرِثُ طَالِبَةُ رَجْعِيٍّ) سَوَاءٌ فِيهِ مَا لَوْ صَرَّحَتْ بِهِ، أَوْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي وَلَمْ تَزِدْ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: كَذَا تَرِثُ مُبَانَةٌ قَبَّلَتْ ابْنَ زَوْجِهَا)