كُلًّا مِنْهَا جُحُودٌ لِلنِّكَاحِ فَلَا يَكُونُ طَلَاقًا، بَلْ كَذِبًا كَمَا سَيَأْتِي فَوَجَبَ الْحَمْلُ عَلَى الرَّدِّ بِأَبْلَغِ وَجْهٍ (وَمُرَادِفُهَا) مِنْ أَيِّ لُغَةٍ كَانَ، وَذَكَرَ الثَّالِثَ بِقَوْلِهِ (وَإِمَّا) صَالِحٌ (لِلْجَوَابِ وَالشَّتْمِ كَخَلِيَّةٍ بَرِيَّةٍ بَتْلَةٍ بَتَّةٍ بَائِنٌ) وَفِي مَعْنَاهُ (فَارَقْتُك) وَلِذَا لَمْ يُفْرَدْ بِالذِّكْرِ (حَرَامٌ) احْتِمَالُهَا لِلطَّلَاقِ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا احْتِمَالُهَا الشَّتْمَ فَلِجَوَازِ أَنْ يُرَادَ أَنْتِ خَلِيَّةٌ عَنْ الْخَيْرِ لَا حَيَاءَ لَك بَرِيَّةٍ عَنْ الطَّاعَاتِ وَالْمَحَامِدِ بَتَّةٍ بَتْلَةٍ بَائِنٍ كُلُّهَا بِمَعْنَى الْمُنْقَطِعَةِ أَيْ مُنْقَطِعَةٌ عَنْ كُلِّ رُشْدٍ، وَعَنْ الْأَخْلَاقِ الْحَسَنَةِ فَارَقْتُك مُفَارَقَةً صُورِيَّةً حَرَامُ الصُّحْبَةِ وَالْعِشْرَةِ، ثُمَّ إنَّ الْأَحْوَالَ أَيْضًا ثَلَاثٌ، حَالُ الرِّضَا وَحَالُ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ بِأَنْ تَسْأَلَ هِيَ طَلَاقَهَا أَوْ يَسْأَلَهُ أَجْنَبِيٌّ وَحَالُ الْغَضَبِ (فَفِي) حَالِ (الرِّضَا لَا يَقَعُ) الطَّلَاقُ (بِشَيْءٍ مِنْهَا إلَّا بِالنِّيَّةِ) لِلِاحْتِمَالِ وَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ فِي عَدَمِ النِّيَّةِ.
(وَفِي) حَالِ (مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ يَقَعُ) الطَّلَاقُ (بِالصَّالِحِ لِلْجَوَابِ وَالرَّدِّ بِالنِّيَّةِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا احْتَمَلَ الْجَوَابَ وَالرَّدَّ ثَبَتَ الْأَدْنَى بِدُونِ النِّيَّةِ وَهُوَ الرَّدُّ؛ لِأَنَّهُ إبْقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ، وَإِذَا وُجِدَتْ تَعَيَّنَ الْجَوَابُ.
(وَ) يَقَعُ الطَّلَاقُ (بِالْبَاقِيَيْنِ) وَهُمَا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ الصَّالِحُ لِلْجَوَابِ فَقَطْ وَالثَّالِثُ الصَّالِحُ لِلْجَوَابِ وَالشَّتْمِ (بِدُونِهَا) أَيْ بِلَا نِيَّةٍ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْحَالَ حَالُ الْجَوَابِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ بِدَلَالَةِ الْحَالِ فَصَارَ طَلَاقًا، وَكَذَا الثَّالِثُ؛ لِأَنَّ الْحَالَ لَا يَصْلُحُ لِلشَّتْمِ فَتَعَيَّنَ الْجَوَابُ.
(وَفِي) حَالِ (الْغَضَبِ يَقَعُ) الطَّلَاقُ (بِالصَّالِحِ لَهُ) أَيْ لِلْجَوَابِ (فَقَطْ بِلَا نِيَّةٍ) ؛ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ لِلطَّلَاقِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ الْغَضَبُ وَلَا يَصْلُحُ لِلرَّدِّ وَالشَّتْمِ.
(وَ) يَقَعُ (بِالْبَاقِيَيْنِ) وَهُمَا الْقِسْمُ الثَّانِي الصَّالِحُ لِلْجَوَابِ وَالرَّدِّ وَالثَّالِثُ الصَّالِحُ لِلْجَوَابِ وَالشَّتْمِ (بِهَا) أَيْ بِالنِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا احْتَمَلَ الْجَوَابَ وَغَيْرَهُ اُحْتِيجَ إلَى مَا يُرَجِّحُ الْجَوَابَ وَهُوَ النِّيَّةُ (وَتَطْلُقُ) الْمَرْأَةُ (بِالثَّلَاثِ الْأُوَلِ) يَعْنِي اعْتَدِّي اسْتَبْرِئِي رَحِمَك أَنْتِ وَاحِدَةٌ (وَاحِدَةً رَجْعِيَّةً) ، أَمَّا اعْتَدِّي فَلِأَنَّ حَقِيقَتَهُ الْأَمْرُ بِالْحِسَابِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ اعْتَدِّي نِعَمَ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ نِعَمِي عَلَيْك أَوْ اعْتَدِّي مِنْ النِّكَاحِ فَإِذَا نَوَى الْأَخِيرَ زَالَ الْإِبْهَامُ وَوَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ بَعْدَ الدُّخُولِ اقْتِضَاءً كَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فَاعْتَدِّي وَقَبْلَ الدُّخُولِ جُعِلَ مُسْتَعَارًا عَنْ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُهُ وَتَجُوزُ اسْتِعَارَةُ الْحُكْمِ لِلسَّبَبِ إذَا كَانَ الْحُكْمُ مُخْتَصًّا بِهِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ وَالطَّلَاقُ مُعَقِّبٌ لِلرَّجْعَةِ، وَأَمَّا اسْتَبْرِئِي فَلِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الِاعْتِدَادِ؛ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالْعِدَّةِ فَكَانَ بِمَنْزِلَتِهِ وَيُحْتَمَلُ الِاسْتِبْرَاءُ لِيُطَلِّقَهَا فِي حَالِ فَرَاغِ رَحِمِهَا أَيْ تَعَرَّفِي بَرَاءَةَ رَحِمِك لِأُطَلِّقَك، وَأَمَّا أَنْتِ وَاحِدَةٌ فَلِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ أَنْتِ وَاحِدَةٌ عِنْدَ قَوْمِك أَوْ مُنْفَرِدَةٌ عِنْدِي لَيْسَ لِي مَعَك غَيْرُك وَنَحْوُ ذَلِكَ وَأَنْ يَكُونَ نَعْتًا لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً وَاحِدَةً، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ عَوَامَّ الْأَعْرَابِ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ وُجُوهِ الْإِعْرَابِ فَإِذَا زَالَ الْإِبْهَامُ بِالنِّيَّةِ كَانَ دَلَالَةً عَلَى الصَّرِيحِ لَا عَامِلًا بِمُوجِبِهِ وَالصَّرِيحُ يَعْقُبُ الرَّجْعَةَ (وَلَا تَصِحُّ) فِي هَذِهِ الثَّلَاثِ (نِيَّةُ الثَّلَاثِ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَبَتَ اقْتِضَاءً فِي اعْتَدِّي وَاسْتَبْرِئِي رَحِمَك وَمُضْمَرًا فِي قَوْلِهِ أَنْتِ وَاحِدَةٌ، وَلَوْ كَانَ مُصَرَّحًا لَمْ يَقَعْ بِهِ إلَّا وَاحِدَةٌ فَإِذَا كَانَ مُقْتَضًى أَوْ مُضْمَرًا أَوْلَى أَنْ لَا يَقَعَ بِهِ إلَّا وَاحِدَةٌ فَإِنْ قِيلَ الْمَصْدَرُ لَمَّا كَانَ مُضْمَرًا فِي قَوْلِهِ أَنْتِ وَاحِدَةٌ، وَجَبَ أَنْ تَصِحَّ نِيَّةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: وَفِي مَعْنَاهُ فَارَقْتُك) هُوَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ.
(قَوْلُهُ: فَفِي حَالَةِ الرِّضَا) يَعْنِي الْمُجَرَّدَةَ عَنْ سُؤَالِ الطَّلَاقِ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا اعْتَدِّي فَلِأَنَّ حَقِيقَتَهُ الْأَمْرُ بِالْحِسَابِ إلَى قَوْلِهِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ عَوَامَّ الْأَعْرَابِ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ وُجُوهِ الْإِعْرَابِ) مُكَرَّرٌ