الْوَثَاقِ دِيَانَةً) يَعْنِي إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ عَنْ وَثَاقٍ لَمْ يُصَدَّقْ قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَالْمَرْأَةُ كَالْقَاضِي لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تُمَكِّنَهُ إذَا سَمِعَتْ مِنْهُ ذَلِكَ أَوْ شَهِدَ بِهِ شَاهِدُ عَدْلٍ عِنْدَهَا لَكِنْ تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى (وَلَوْ صَرَّحَ بِهِ) أَيْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ عَنْ وَثَاقٍ (صُدِّقَ مُطْلَقًا) أَيْ لَمْ يَقَعْ فِي الْقَضَاءِ أَيْضًا شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِمَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ فَيُصَدَّقُ دِيَانَةً وَقَضَاءً (وَفِي نِيَّةِ الْعَمَلِ لَا يُصَدَّقُ أَصْلًا) لَا دِيَانَةً وَلَا قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ لِرَفْعِ الْقَيْدِ وَالْمَرْأَةُ غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ بِالْعَمَلِ (كَذَا) أَيْ كَمَا ذَكَرَ مِنْ الصُّوَرِ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ (أَنْتِ الطَّلَاقُ أَوْ طَالِقٌ الطَّلَاقَ أَوْ طَالِقٌ طَلَاقًا أَوْ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً لَكِنْ يَقَعُ بِهَا) أَيْ بِهَذَا الصُّوَرِ (وَاحِدٌ رَجْعِيٌّ إنْ لَمْ يَنْوِ أَوْ نَوَى وَاحِدَةً) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمُرَادِ (أَوْ ثِنْتَيْنِ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ عَدَدٌ مَحْضٌ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ الْفَرْدُ (وَإِنْ نَوَى تَمَامَ الْعَدَدِ) وَهُوَ الثَّلَاثُ فِي الْحُرَّةِ وَالثِّنْتَانِ فِي الْأَمَةِ (صَحَّ) لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ لَفْظَ الْمَصْدَرِ مُفْرَدٌ لَا يَدُلُّ عَلَى الْعَدَدِ وَالثَّلَاثُ وَاحِدٌ اعْتِبَارِيٌّ لِكَوْنِهِ تَمَامَ الْجِنْسِ، وَكَذَا الثِّنْتَانِ فِي حَقِّ الْأَمَةِ، وَأَمَّا فِي حَقِّ الْحُرَّةِ فَعَدَدٌ مَحْضٌ فَلَا تَصِحُّ نِيَّتُهُمَا
(إنْ أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَيْهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ، وَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَثَلًا (أَوْ إلَى مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْهَا كَالرَّقَبَةِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92] (وَالْعُنُقِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} [الشعراء: 4] (وَالرُّوحِ) يُقَالُ هَلَكَ رُوحُهُ (وَالْبَدَنِ وَالْجَسَدِ وَالْفَرْجِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَعَنَ اللَّهُ الْفُرُوجَ عَلَى السُّرُوجِ» (وَالْوَجْهِ) يُقَالُ يَا وَجْهَ الْعَرَبِ (وَالرَّأْسِ) فُلَانٌ رَأْسُ الْقَوْمِ (أَوْ إلَى جُزْءٍ شَائِعٍ كَنِصْفِهَا وَثُلُثِهَا وَقَعَ) أَيْ الطَّلَاقُ جَزَاءً لِقَوْلِهِ إنْ أَضَافَ فَإِنَّ الْجُزْءَ الشَّائِعَ مَحَلٌّ لِسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ كَالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، فَيَكُونُ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ لَكِنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ فَيَثْبُتُ فِي الْكُلِّ ضَرُورَةً.
(وَ) إنْ أَضَافَهُ (إلَى الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَالظَّهْرِ وَالْبَطْنِ وَالْقَلْبِ لَا) أَيْ لَا تَطْلُقُ؛ إذْ لَا يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ الْكُلِّ فَإِنْ قِيلَ الْيَدُ وَالْقَلْبُ عَبَّرَ بِهِمَا عَنْ الْكُلِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1] ، وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ» وقَوْله تَعَالَى {فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283] وقَوْله تَعَالَى {مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} [الأنفال: 63] أَيْ بَيْنَهُمْ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى {وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} [الأنفال: 63] أُجِيبُ بِأَنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ اسْتِمْرَارُ اسْتِعْمَالِهِ لُغَةً وَلَا عُرْفًا وَإِنَّمَا جَاءَ عَلَى وَجْهِ النُّدْرَةِ حَتَّى إذَا كَانَ عِنْدَ قَوْمٍ يُعَبِّرُونَ بِهِ عَنْ الْجُمْلَةِ وَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ أَيَّ عُضْوٍ كَانَ، ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ
. (وَ) يَقَعُ (بِنِصْفِ طَلْقَةٍ) أَوْ ثُلُثِهَا وَفَاعِلُ يَقَعُ الْمُقَدَّرُ قَوْلُهُ الْآتِي وَاحِدَةٌ يَعْنِي إذَا طَلَّقَهَا نِصْفَ التَّطْلِيقَةِ أَوْ ثُلُثَهَا وَقَعَتْ وَاحِدَةً، وَكَذَا كُلُّ جُزْءٍ شَائِعٍ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ بَعْضِ مَا لَا يَتَجَزَّأُ كَذِكْرِ كُلِّهِ.
(وَ) يَقَعُ أَيْضًا بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثِنْتَيْنِ أَوْ مَا بَيْنَ وَاحِدَةٍ إلَى ثِنْتَيْنِ وَاحِدَةٌ وَإِلَى ثَلَاثٍ) أَيْ يَقَعُ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ، أَوْ مَا بَيْنَ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ (ثِنْتَانِ) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّ الْغَايَةَ الْأُولَى عِنْدَهُ تَدْخُلُ تَحْتَ الْمُغَيَّا لَا الثَّانِيَةُ، وَعِنْدَهُمَا تَدْخُلُ الْغَايَتَانِ حَتَّى يَقَعَ فِي الْأُولَى ثِنْتَانِ وَفِي الثَّانِيَةِ ثَلَاثٌ،.
وَعِنْدَ زُفَرَ لَا تَدْخُلُ الْغَايَتَانِ حَتَّى لَا يَقَعَ فِي الْأُولَى شَيْءٌ وَفِي الثَّانِيَةِ يَقَعُ وَاحِدَةٌ.
(وَ) يَقَعُ (بِثَلَاثِ أَنْصَافِ طَلْقَتَيْنِ) ثَلَاثٌ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الطَّلْقَتَيْنِ طَلْقَةٌ، وَإِذَا جَمَعَ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَنْصَافٍ يَكُونُ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ ضَرُورَةً
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: يَعْنِي إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ عَنْ وَثَاقٍ) لَعَلَّ إنَّمَا قَالَ يَعْنِي وَحَصَرَ شَرْحَهُ بِالتَّصْوِيرِ بِطَالِقٍ؛ لِأَنَّ الْمَتْنَ شَامِلٌ لِقَوْلِهِ مُطَلَّقَةٌ وَطَلَاقٌ فَيُنْظَرُ هَلْ تَعْمَلُ نِيَّةُ الطَّلَاقِ عَنْ وَثَاقٍ فِيهِمَا دِيَانَةً أَوْلَى.
(قَوْلُهُ: وَالْمَرْأَةُ كَالْقَاضِي لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تُمَكِّنَهُ. . . إلَخْ) فَتَدْفَعَهُ عَنْ نَفْسِهَا بِغَيْرِ الْقَتْلِ عَلَى الْمُخْتَارِ لِلْفَتْوَى وَعَلَى الْقَوْلِ بِقَتْلِهِ نَقْتُلُهُ بِالدَّوَاءِ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَهَذَا إذَا كَانَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَلَمْ يَكُنْ قَرُبَهَا فِيهَا، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْعِدَّةُ قَائِمَةً فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّهُ رَجْعِيٌّ فَلَا تَمْنَعُهُ عَنْ نَفْسِهَا.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ صَرَّحَ بِهِ صُدِّقَ مُطْلَقًا) هَذَا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْعَدَدِ فَلَوْ قَالَ طَالِقٌ ثَلَاثًا مِنْ هَذَا الْقَيْدِ وَقَعَ فِي الْقَضَاءِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَى تَمَامَ الْعَدَدِ صَحَّ) ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ قَوْلِهِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تَعْمَلُ فِي الْمُحْتَمَلِ وَتَطْلِيقَةٌ بِتَاءِ الْوَحْدَةِ لَا يَحْتَمِلُ الثَّلَاثَ كَمَا ذَكَرَهُ الْكَمَالُ قَبْلَ فَصْلِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَسَنَذْكُرُ فِي الْكِنَايَاتِ عَنْ الْكَافِي أَنَّ التَّنْصِيصَ عَنْ الْوَاحِدَةِ يُنَافِي نِيَّةَ الثَّلَاثِ اهـ.
وَذَكَرَ الْكَمَالُ فِي الْكِنَايَاتِ أَنَّ الْمَصْدَرَ الْمَحْدُودَ بِالْهَاءِ لَا يَتَجَاوَزُ الْوَاحِدَةَ.
(قَوْلُهُ: وَالثِّنْتَانِ فِي الْأَمَةِ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ نِيَّتُهُمَا فِي الْحُرَّةِ، وَلَوْ سَبَقَ لَهَا طَلْقَةٌ وَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ مِنْ صِحَّةِ نِيَّتِهِمَا فِيمَنْ سَبَقَ تَطْلِيقُهَا سَهْوٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَضَافَ. . . إلَخْ) الْإِضَافَةُ بِطَرِيقِ الْوَضْعِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ وَبِالتَّجَوُّزِ فِيمَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْجُمْلَةِ كَرَقَبَتُك وَسَوَاءٌ أَشَارَ إلَى مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْجَسَدِ كَهَذَا الرَّأْسِ أَمْ قَالَ رَأْسُك، أَمَّا لَوْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى نَحْوِ الرَّقَبَةِ فَقَالَ هَذَا الْعُضْوُ طَالِقٌ أَوْ قَالَ الرَّقَبَةُ مِنْك طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْهُ عِبَارَةً عَنْ الْكُلِّ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ جَوَابَ الشَّرْطِ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْقَوْلَةِ لِيَحْسُنَ اسْتِدْلَالُهُ لِإِطْلَاقِ نَحْوِ الرَّقَبَةِ عَلَى إرَادَةِ الذَّاتِ فِيمَا عُطِفَ عَلَيْهَا.
(قَوْلُهُ: وَالْفَرْجُ) كَذَا الِاسْتُ فَيَقَعُ بِقَوْلِهِ اسْتُك طَالِقٌ