حَالَ كَوْنِهَا (مِمَّنْ تَحِيضُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ بِلَا نِيَّةٍ) أَوْ نَوَى أَنْ يَقَعَ عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةٌ (يَقَعُ عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةٌ) ؛ لِأَنَّهُ مُطْلَقٌ يَتَنَاوَلُ الْكَامِلَ وَإِنَّمَا قَالَ مِمَّنْ تَحِيضُ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ يَقَعُ لِلْحَالِ طَلْقَةٌ وَبَعْدَ شَهْرٍ أُخْرَى وَبَعْد شَهْرٍ أُخْرَى، وَكَذَا الْحَالُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَوْ نَوَى كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَوْطُوءَةٍ وَقَعَتْ لِلْحَالِ طَلْقَةٌ، ثُمَّ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا قَبْلَ التَّزَوُّجِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَ هَذَا الْكَلَامِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا لِوَقْتِ السُّنَّةِ وَلَمْ يَبْقَ فِي حَقِّهَا وَقْتَ السُّنَّةِ لِعَدَمِ الْعِدَّةِ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْكُلَّ) أَيْ وُقُوعَ الْكُلِّ (الْآنَ أَوْ) يَنْوِيَ (وَاحِدَةً عِنْدَ كُلِّ شَهْرٍ) فَحِينَئِذٍ يَقَعُ مَا نَوَى؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمِلٌ كَلَامَهُ؛ لِأَنَّهُ سُنِّيٌّ وُقُوعًا؛ إذْ وُقُوعُ الثَّلَاثِ جُمْلَةً عُرِفَ بِالسُّنَّةِ لَا إيقَاعًا فَلَمْ يَتَنَاوَلْهُ مُطْلَقُ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ كَمَا مَرَّ وَهُوَ السُّنِّيُّ وُقُوعًا وَإِيقَاعًا
(يَقَعُ طَلَاقُ كُلِّ زَوْجٍ عَاقِلٍ بَالِغٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ وَلَا الْمُكَاتَبُ إلَّا الطَّلَاقَ» (وَلَوْ مُكْرَهًا) فَإِنَّ طَلَاقَهُ صَحِيحٌ لَا إقْرَارَهُ بِالطَّلَاقِ (أَوْ هَازِلًا) وَهُوَ الَّذِي لَا يَقْصِدُ حَقِيقَةَ كَلَامِهِ (أَوْ سَفِيهًا) أَيْ ضَعِيفَ الْعَقْلِ (أَوْ سَكْرَانَ) زَائِلُ الْعَقْلِ فَإِنَّ طَلَاقَهُ وَاقِعٌ، وَكَذَا خُلْعُهُ وَإِعْتَاقُهُ (أَوْ أَخْرَسَ) فِي الْيَنَابِيعِ هَذَا إذَا وُلِدَ أَخْرَسَ أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ وَدَامَ، وَإِنْ لَمْ يَدُمْ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُ (بِإِشَارَتِهِ) الْمَعْهُودَةِ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ إشَارَةٌ تُعْرَفُ فِي نِكَاحِهِ وَطَلَاقِهِ وَبَيْعِهِ وَشِرَائِهِ فَهِيَ كَالْعِبَارَةِ مِنْ النَّاطِقِ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الْكَافِي (أَوْ سَاهِيًا) بِأَنْ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَثَلًا فَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلُقُ؛ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ
(فَلَا يَقَعُ طَلَاقُ الْمَوْلَى) أَيْ تَطْلِيقُهُ (امْرَأَةَ عَبْدِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزَوْجٍ (وَالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُلُّ طَلَاقٍ جَائِزٌ إلَّا طَلَاقَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ» (وَالْمُبَرْسَمِ) مِنْ الْبِرْسَامِ بِكَسْرِ الْبَاءِ عِلَّةٌ مَعْرُوفَةٌ كَالْجُنُونِ (وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَعْتُوهِ) مِنْ الْعَتَهِ وَهُوَ اخْتِلَالٌ فِي الْعَقْلِ بِحَيْثُ يَخْتَلِطُ كَلَامُهُ فَيُشْبِهُ مَرَّةً كَلَامَ الْعُقَلَاءِ وَمَرَّةً كَلَامَ الْمَجَانِينِ (وَالنَّائِمِ) وَإِنَّمَا لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُمْ لِعَدَمِ التَّمْيِيزِ أَوْ الْعَقْلِ فِيهِمْ
(إذَا مَلَكَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ (الْآخَرَ) كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ (بَطَلَ النِّكَاحُ) ؛ لِأَنَّ الْمَالِكِيَّةَ تُنَافِي ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ فَتَمْنَعُ بَقَاءَهُ (وَلَوْ حَرَّرَتْهُ) أَيْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا الْمَمْلُوكَ (حِينَ مَلَكَتْهُ فَطَلَّقَهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ خَرَجَتْ الْحَرْبِيَّةُ) مِنْ دَارِ الْحَرْبِ (مُسْلِمَةً، ثُمَّ خَرَجَ) زَوْجُهَا (مُسْلِمًا فَطَلَّقَهَا فِي عِدَّتِهَا) (أَلْغَاهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (أَبُو يُوسُفَ) أَيْ قَالَ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (وَأَوْقَعَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (مُحَمَّدٌ) فِيهِمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأَصْلِ قَوْلُهُمَا: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا فِي الْأَصْلِ قَوْلُ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِإِثْبَاتِ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا أَنْ يَحْكِيَ الْخِلَافَ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا فِيهِ فَلِذَا قَالَ فِي الْكَافِي إنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، كَذَا فِي الْفَتْحِ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُطْلَقٌ) أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَيَتَنَاوَلُ الْكَامِلَ وَهُوَ السُّنِّيُّ وُقُوعًا وَإِيقَاعًا.
(قَوْلُهُ: لَهُ ثُمَّ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا قَبْلَ التَّزَوُّجِ شَيْءٌ) مُفِيدٌ أَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا طَلُقَتْ أُخْرَى، وَكَذَا ثَالِثًا وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتْحِ.
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ فَمَا فِي الْمِعْرَاجِ مِنْ وُقُوعِ الثَّلَاثِ لِلْحَالِ بِالْإِجْمَاعِ سَهْوٌ ظَاهِرٌ اهـ.
وَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْكَمَالِ أَنَّهُ لَوْ رَاجَعَ الْمَدْخُولَ بِهَا لَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ فَتَطْلُقُ بَعْدَهُ فِي طُهْرَيْنِ طَلْقَتَيْنِ فَلْيُنْظَرْ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُكْرَهًا فَإِنَّ طَلَاقَهُ صَحِيحٌ لِإِقْرَارِهِ بِالطَّلَاقِ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ خَبَرٌ مُحْتَمِلٌ لِلصِّدْقِ وَالْكَذِبِ وَقِيَامُ السَّيْفِ عَلَى رَأْسِهِ يُرَجِّحُ جَانِبَ الْكَذِبِ وَلَا كَذَلِكَ الْإِنْشَاءُ؛ لِأَنَّهُ عَرَفَ الشَّيْئَيْنِ فَاخْتَارَ أَهْوَنَهُمَا، وَفَوْتُ الرَّضَاعِ لَا يُخِلُّ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ كَالْهَازِلِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ سَكْرَانَ) أَيْ مِنْ مُحَرَّمٍ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ فَلَوْ كَانَ مُكْرَهًا الْأَصَحُّ عَدَمُ وُقُوعِ طَلَاقِهِ كَمَا لَا يُحَدُّ، كَذَا فِي قَاضِي خَانْ وَاخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِيمَا إذَا سَكِرَ مِنْ الْأَشْرِبَةِ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْحُبُوبِ أَوْ الْعَسَلِ وَالْفَتْوَى أَنَّهُ إذَا سَكِرَ مِنْ مُحَرَّمٍ فَيَقَعُ طَلَاقُهُ وَعَتَاقُهُ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ.
(قَوْلُهُ: زَائِلُ الْعَقْلِ) وَهُوَ مَنْ لَا يَعْرِفُ الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ وَلَا السَّمَاءَ مِنْ الْأَرْضِ وَفِي شَرْحِ بَكْرٍ السُّكْرُ الَّذِي يَصِحُّ بِهِ التَّصَرُّفَاتُ أَنْ يَصِيرَ بِحَالٍ يَسْتَحْسِنُ مَا يَسْتَقْبِحُهُ النَّاسُ وَيَسْتَقْبِحُ مَا يَسْتَحْسِنُهُ النَّاسُ لَكِنَّهُ يَعْرِفُ الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ، كَذَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: بِإِشَارَتِهِ الْمَعْهُودَةِ) أَيْ الْمَقْرُونَةِ بِتَصْوِيتٍ مِنْهُ وَسَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى الْكِتَابَةِ أَوْ لَا اسْتِحْسَانًا.
وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إنْ كَانَ يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ لَا تَقَعُ بِالْإِشَارَةِ لِانْدِفَاعِ الضَّرُورَةِ بِمَا هُوَ أَدَلُّ مِنْ الْإِشَارَةِ وَهُوَ قَوْلٌ حَسَنٌ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا، كَذَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ سَاهِيًا) يَعْنِي مُخْطِئًا لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْمِثَالِ وَلَا يَدِينُ لِمَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ الْإِمَامُ أَيْ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَجُوزُ الْغَلَطُ فِي الطَّلَاقِ وَفِي الْعَتَاقِ يَدِينُ وَالْغَلَطُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ سَبْقِ اللِّسَانِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ الثَّانِي أَيْ أَبُو يُوسُفَ لَا يَدِينُ فِيهِمَا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالنَّائِمُ) كَذَا لَوْ اسْتَيْقَظَ فَقَالَ أَجَزْت ذَلِكَ الطَّلَاقَ أَوْ أَوْقَعْته لَا يَقَعُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعَادَ الضَّمِيرَ إلَى غَيْرِ مُعْتَبَرٍ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ
(قَوْلُهُ: وَإِذَا مَلَكَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ) يَعْنِي مِلْكًا حَقِيقِيًّا فَلَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ بَيْنَ الْمُكَاتَبِ وَزَوْجَتِهِ إذَا اشْتَرَاهَا لِقِيَامِ الرِّقِّ وَالثَّابِتُ لَهُ حَقُّ الْمِلْكِ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ بَقَاءَ النِّكَاحِ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: أَلْغَاهُ أَبُو يُوسُفَ وَأَوْقَعَهُ مُحَمَّدٌ) كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الْمَلِكِ وَنَفْيُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ