لَا تَجِبُ عَلَى الْأَبِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ، ثُمَّ مُدَّةُ الرَّضَاعِ إذَا مَضَتْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ تَحْرِيمٌ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا رَضَاعَ بَعْدَ الْفِصَالِ» وَلَا يُعْتَبَرُ الْفِطَامُ قَبْلَ الْمُدَّةِ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا اسْتَغْنَى عَنْهُ، وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّهُ إذَا فُطِمَ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَاسْتَغْنَى بِالطَّعَامِ لَمْ يَكُنْ رَضَاعًا، وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْنِ يَثْبُتُ بِهِ الْحُرْمَةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ (وَلَا يُبَاحُ الْإِرْضَاعُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ وَقْتٍ مَخْصُوصٍ عَلَى الْخِلَافِ؛ لِأَنَّ إبَاحَتَهُ ضَرُورِيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ جُزْءُ الْآدَمِيِّ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ (وَيَثْبُتُ بِهِ) أَيْ بِالرَّضَاعِ (وَإِنْ قَلَّ) ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ إلَّا بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ يَكْتَفِي الصَّبِيُّ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا (أُمُومَةُ الْمُرْضِعَةِ) فَاعِلُ يَثْبُتُ (لِلرَّضِيعِ وَأُبُوَّةُ زَوْجِ مُرْضِعَةٍ لَبَنُهَا مِنْهُ) أَيْ مِنْ ذَلِكَ الزَّوْجِ (لَهُ) أَيْ لِلرَّضِيعِ يَعْنِي يَثْبُتُ بِالرَّضَاعِ كَوْنُ الْمُرْضِعَةِ أُمًّا لِلرَّضِيعِ وَكَوْنُ زَوْجِهَا أَبًا لَهُ إذَا كَانَ لَبَنُهَا مِنْهُ حَتَّى إذَا لَمْ يَكُنْ لَبَنُهَا مِنْهُ بِأَنْ تَزَوَّجَتْ ذَاتُ لَبَنٍ رَجُلًا فَأَرْضَعَتْ بِهِ صَبِيًّا فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ وَلَدًا لَهُ مِنْ الرَّضَاعِ، بَلْ يَكُونُ رَبِيبُهُ مِنْ الرَّضَاعِ حَتَّى يَجُوزَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَوْلَادِ الزَّوْجِ الثَّانِي مِنْ غَيْرِهَا وَبِأَخَوَاتِهِ كَمَا فِي النَّسَبِ وَيَكُونُ وَلَدًا لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ مَا لَمْ تَلِدْ مِنْ الثَّانِي فَإِذَا وَلَدَتْ مِنْهُ فَأَرْضَعَتْ صَبِيًّا فَهُوَ وَلَدُ الثَّانِي بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَحْبَلْ مِنْ الثَّانِي فَهُوَ وَلَدُ الْأَوَّلِ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ مِنْهُ، ثُمَّ إنَّ انْتِفَاءَ هَذَا الْقَيْدِ يَقْتَضِي انْتِفَاءَ الْأُبُوَّةِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ جَوَازُ نِكَاحِ الزَّوْجِ لِلرَّضِيعَةِ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُرْضِعَةِ الْمَوْطُوءَةِ لَهُ؛ لِأَنَّ وَطْءَ الْأُمَّهَاتِ يُحَرِّمُ الْبَنَاتِ، وَلَوْ بِجِهَةِ الرَّضَاعِ كَمَا مَرَّ
(فَيَحْرُمُ بِهِ) أَيْ بِالرَّضَاعِ (مَا يَحْرُمُ بِالنَّسَبِ إلَّا أُمَّ أُخْتِهِ وَأَخِيهِ) فَإِنَّ أُمَّ الْأُخْتِ وَالْأَخِ مِنْ النَّسَبِ هِيَ الْأُمُّ أَوْ مَوْطُوءَةُ الْأَبِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا حَرَامٌ وَلَا كَذَلِكَ مِنْ الرَّضَاعِ وَهِيَ شَامِلَةٌ لِثَلَاثِ صُوَرٍ: الْأُولَى الْأُمُّ رَضَاعًا لِلْأُخْتِ أَوْ الْأَخِ نَسَبًا كَأَنْ يَكُونَ لِرَجُلٍ أُخْتٌ مِنْ النَّسَبِ وَلَهَا أُمٌّ مِنْ الرَّضَاعَةِ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّ أُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ، وَالثَّانِيَةُ الْأُمُّ نَسَبًا لِلْأُخْتِ أَوْ الْأَخِ رَضَاعًا كَأَنْ يَكُونَ لَهُ أُخْتٌ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَلَهَا أُمٌّ مِنْ النَّسَبِ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّ أُخْتِهِ مِنْ النَّسَبِ، وَالثَّالِثَةُ الْأُمُّ رَضَاعًا لِلْأُخْتِ أَوْ الْأَخِ رَضَاعًا كَأَنْ يَجْتَمِعَ الصَّبِيُّ وَالصَّبِيَّةُ الْأَجْنَبِيَّانِ عَلَى ثَدْيِ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ وَلِلصَّبِيَّةِ أُمٌّ أُخْرَى مِنْ الرَّضَاعَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِذَلِكَ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّ أُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ (وَأُخْتُ ابْنِهِ) فَإِنَّ أُخْتَ الِابْنِ مِنْ النَّسَبِ، أَمَّا الْبِنْتُ أَوْ الرَّبِيبَةُ، وَقَدْ وُطِئَتْ أُمُّهَا وَلَا كَذَلِكَ مِنْ الرَّضَاعِ (وَجَدَّةُ ابْنِهِ) فَإِنَّ جَدَّةَ ابْنِهِ نَسَبًا أُمُّ مَوْطُوءَتِهِ أَوْ أُمُّهُ وَلَا كَذَلِكَ مِنْ الرَّضَاعِ (وَأُمُّ عَمِّهِ وَعَمَّتِهِ وَأُمُّ خَالِهِ وَخَالَتِهِ) فَإِنَّ أُمَّ الْأُولَيَيْنِ مَوْطُوءَةُ الْجَدِّ الصَّحِيحِ وَأُمُّ الْأُخْرَيَيْنِ مَوْطُوءَةُ الْجَدِّ الْفَاسِدِ وَلَا كَذَلِكَ مِنْ الرَّضَاعِ (لِلرَّجُلِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمُسْتَثْنَى فِي قَوْلِهِ إلَّا أُمَّ أُخْتِهِ. . . إلَخْ يَعْنِي أَنَّ شَيْئًا مِنْ النِّسْوَةِ الْمَذْكُورَاتِ لَا يَحْرُمُ لِلرَّجُلِ إذَا كَانَتْ مِنْ الرَّضَاعِ (وَتَحِلُّ أُخْتُ أَخِيهِ مُطْلَقًا) أَيْ يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ بِأُخْتِ أَخِيهِ مِنْ الرَّضَاعِ كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُخْتِ أَخِيهِ مِنْ النَّسَبِ كَالْأَخِ مِنْ الْأَبِ إذَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مُدَّةُ الرَّضَاعِ إذَا انْقَضَتْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ التَّحْرِيمُ) أَيْ سَوَاءٌ فُطِمَ أَوْ لَمْ يُفْطَمْ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى) ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ قَالَ الْكَمَالُ.
وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ الْفَتْوَى عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهَا أَيْ الْحُرْمَةُ تَثْبُتُ مَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةُ الرَّضَاعِ وَلَا يُعْتَبَرُ الْفِطَامُ قَبْلَ الْمُدَّةِ إقَامَةً لِلْمَظِنَّةِ مَقَامَ الْمَئِنَّةِ فَإِنَّ مَا قَبْلَ الْمُدَّةِ مَظِنَّةُ عَدَمِ الِاسْتِغْنَاءِ اهـ. وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِهِ وَنُقِلَ مِثْله عَنْ الْوَلْوَالِجِيِّ فَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَيْ الزَّيْلَعِيُّ مِنْ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ مِنْ عَدَمِ ثُبُوتِهَا بَعْدَهُ خِلَافَ الْمُعْتَمَدِ لِمَا عُلِمَ مِنْ أَنَّ الْفَتْوَى إذَا اخْتَلَفَتْ كَانَ التَّرْجِيحُ لِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُبَاحُ الْإِرْضَاعُ بَعْدَهُ) هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ الْإِرْضَاعُ بَعْدَ مُدَّتِهِ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهُ جُزْءُ الْآدَمِيِّ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ حَرَامٌ عَلَى الصَّحِيحِ نَعَمْ أَجَازَ الْبَعْضُ التَّدَاوِيَ بِهِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَزُولُ بِهِ الرَّمَدُ، كَذَا ذَكَرَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ وَالْبَعْضُ لَمْ يُجَوِّزُوا شُرْبَهُ لِلتَّدَاوِي اهـ. وَقَدَّمْنَا مَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِالْمُحَرَّمِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ لَمْ يَبْقَ حَرَامًا.
(قَوْلُهُ: وَأُبُوَّةُ زَوْجِ الْمُرْضِعَةِ) كَذَا أُبُوَّةُ مَوْلَى الْمُرْضِعَةِ وَاللَّبَنُ مِنْهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ اللَّبَنُ مِنْ زِنًا فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي إثْبَاتِ الْحُرْمَةِ لِرَضِيعَتِهِ عَلَى فُرُوعِ الزِّنَى وَأُصُولِهِ وَالْأَوْجَهُ دِرَايَةُ عَدَمِ تَحْرِيمِهِ لَا رِوَايَةُ كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ صَاحِبِ الْبَحْرِ مِنْ إطْلَاقِهِ كَلَامَ الْكَمَالِ الْأَوْجَهِيَّةِ وَقَيَّدَ أُسْتَاذُنَا بِمَا قُلْنَاهُ فِي هَامِشِ نُسْخَتِهِ مِنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ وَعَلَّلَهُ بِمَا يَأْتِي آخِرَ كَلَامِ الْكَمَالِ اهـ. .
وَفِي الْجَوْهَرَةِ إنْ وَطِئَ امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ فَحَبِلَتْ مِنْهُ فَأَرْضَعَتْ صَبِيًّا فَهُوَ ابْنُ الْوَاطِئِ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَعَلَى هَذَا كُلُّ مَنْ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْوَاطِئِ يَثْبُتُ مِنْهُ الرَّضَاعُ، وَمَنْ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ لَا يَثْبُتُ مِنْهُ الرَّضَاعُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيَكُونُ وَلَدًا لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ مَا لَمْ تَلِدْ مِنْ الثَّانِي) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَيَجْعَلُهُ أَبُو يُوسُفَ مِنْ الثَّانِي إنْ كَانَ رَقِيقًا أَوْ مُطَلِّقًا.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ دَرَّ بَعْدَمَا جَفَّ اخْتَصَّ بِهَا كَمَا فِي الْمَوَاهِبِ
(قَوْلُهُ: وَأُخْتُ ابْنِهِ. . . إلَخْ) لَا حَصْرَ فِيمَا ذُكِرَ؛ إذْ يُتَصَوَّرُ الْحِلُّ فِي أُخْتِ ابْنِهِ وَبِنْتِهِ نَسَبًا بِأَنْ يَدَّعِيَ شُرَكَاءُ فِي أَمَةِ وَلَدِهَا فَإِذَا كَانَ لِكُلِّ بِنْتٍ مِنْ غَيْرِ الْأَمَةِ حَلَّ لِشَرِيكِهِ