لَحِقَ بِدَارِهِهِمْ وَحُكِمَ بِهِ عَتَقَ مُدَبَّرُهُ وَأُمُّ وَلَدِهِ وَحَلَّ دَيْنٌ عَلَيْهِ) فَإِنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَيِّتِ وَالدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ يَصِيرُ حَالًّا بِمَوْتِ الْمَدْيُونِ (وَكَسْبُ إسْلَامِهِ لِوَارِثِهِ الْمُسْلِمِ) فَإِنْ قِيلَ: الْمُسْلِمُ لَا يَرِثُ الْكَافِرَ فَكَيْفَ يَرِثُهُ الْمُسْلِمُ قُلْنَا: إنَّ مِلْكَهُ فِي كَسْبِهِ بَعْدَ الرِّدَّةِ بَاقٍ لَمَّا عَرَفْت أَنَّهُ مَوْقُوفٌ فَيَنْتَقِلُ كَسْبُهُ فِي الْإِسْلَامِ إلَى وَارِثِهِ لِإِمْكَانِ اسْتِنَادِهِ لِوُجُودِهِ قَبْلَ الرِّدَّةِ وَلَا يُمْكِنُ الِاسْتِنَادُ فِي كَسْبِ الرِّدَّةِ لِعَدَمِهِ قَبْلَهَا وَمِنْ شَرْطِ الِاسْتِنَادِ وُجُودُ الْكَسْبِ قَبْلَ الرِّدَّةِ فَيَكُونُ تَوْرِيثُ الْمُسْلِمِ مِنْ الْمُسْلِمِ (وَكَسْبُ رِدَّتِهِ فَيْءٌ، وَقُضِيَ دَيْنُ كُلِّ حَالٍّ مِنْ كَسْبِهَا) أَيْ دَيْنُ حَالِّ الْإِسْلَامِ يُقْضَى مِنْ كَسْبِ حَالِّهِ وَدَيْنُ حَالِّ الرِّدَّةِ مِنْ كَسْبِ حَالِّهَا.
(وَصَحَّ طَلَاقُهُ) ، فَإِنَّ النِّكَاحَ لَمَّا انْفَسَخَ بِالرِّدَّةِ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُعْتَدَّةً، فَإِنْ طَلَّقَهَا يَقَعُ وَكَذَا إذَا ارْتَدَّا مَعًا فَطَلَّقَهَا فَأَسْلَمَا مَعًا، فَإِنَّ النِّكَاحَ لَمْ يَنْفَسِخْ فَيَقَعْ الطَّلَاقُ (وَ) صَحَّ (اسْتِيلَادُهُ) ، فَإِنَّ أَمَتَهُ إذَا وَلَدَتْ فَادَّعَى ثَبَتَ نَسَبُهُ وَيَرِثُ مَعَ وَرَثَتِهِ وَتَكُونُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدِهِ (لَا ذَبْحُهُ) إذْ لَا دِينَ لَهُ (وَتُوقَفُ مُفَاوَضَتُهُ) لِأَنَّهَا تَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ فِي الدِّينِ وَلَا دِينَ لَهُ لَكِنَّهُ يَحْتَمِلُ الرُّجُوعَ (وَبَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ وَهِبَتُهُ وَإِجَارَتُهُ وَتَدْبِيرُهُ وَكِتَابَتُهُ وَوَصِيَّتُهُ) لِأَنَّهَا تَقْتَضِي الْمِلْكَ الْمُقَرَّرَ (إنْ أَسْلَمَ نَفَذَ، وَإِنْ هَلَكَ) أَيْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ (أَوْ لَحِقَ) بِدَارِ الْحَرْبِ (وَحُكِمَ بِهِ) أَيْ بِلُحُوقِهِ (بَطَلَ) كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْأَحْكَامِ (فَإِنْ جَاءَ مُسْلِمًا قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْحُكْمِ (فَكَأَنَّهُ لَمْ يَرْتَدَّ) حَتَّى لَا يُعْتَقَ مُدَبَّرُهُ وَأُمُّ وَلَدِهِ وَيَضْمَنُ الْوَارِثُ مَا أَتْلَفَهُ، فَإِنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي شَرْطٌ لِبُطْلَانِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْمُرْتَدِّ مَيِّتًا بِاللُّحُوقِ بِدَارِ الْحَرْبِ مُجْتَهَدٌ فِيهِ إذْ الشَّافِعِيُّ مُخَالِفٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ لِيَتَأَكَّدَ بِهِ (وَإِنْ جَاءَ) أَيْ مُسْلِمًا (بَعْدَهُ وَمَالُهُ مَعَ وَارِثِهِ أَخَذَهُ) لِأَنَّ الْوَارِثَ إنَّمَا يَخْلُفُهُ فِيهِ لِاسْتِغْنَائِهِ لِكَوْنِهِ كَالْمَيِّتِ وَإِذَا عَادَ مُسْلِمًا احْتَاجَ إلَيْهِ (وَإِنْ أَزَالَهُ عَنْ مِلْكِهِ لَا يَأْخُذُهُ) أَيْ قِيمَتَهُ إذْ لَا ضَمَانَ بِإِتْلَافِ مَالٍ مُبَاحٍ.
(وَيَقْضِي عِبَادَاتٍ تَرَكَهَا فِي الْإِسْلَامِ) قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا تَرَكَ فِي الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ مَعْصِيَةٌ وَالْمَعْصِيَةُ تَبْقَى بَعْدَ الرِّدَّةِ. ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ (وَمَا أَدَّى مِنْهَا) أَيْ الْعِبَادَاتِ (فِيهِ) أَيْ الْإِسْلَامِ (يَبْطُلُ وَلَا يَقْضِي إلَّا الْحَجَّ) ، فَإِنَّهُ بِالرِّدَّةِ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ كَافِرًا فَأَسْلَمَ وَهُوَ غَنِيٌّ فَعَلَيْهِ الْحَجُّ وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
(مُسْلِمٌ أَصَابَ مَالًا أَوْ شَيْئًا يَجِبُ بِهِ الْقِصَاصُ أَوْ الْحَدُّ أَوْ الدِّيَةُ ثُمَّ ارْتَدَّ أَوْ أَصَابَهُ وَهُوَ مُرْتَدٌّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ لَحِقَ) وَحَارَبَ الْمُسْلِمِينَ زَمَانًا (ثُمَّ جَاءَ مُسْلِمًا أُخِذَ بِكُلِّهِ، وَلَوْ أَصَابَهُ بَعْدَمَا لَحِقَ مُرْتَدًّا فَأَسْلَمَ لَا) أَيْ لَا يُؤْخَذُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بَلْ كُلُّهُ مَوْضُوعٌ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَصَابَ ذَلِكَ وَهُوَ حَرْبِيٌّ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَالْحَرْبِيُّ لَا يُؤْخَذُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ بِمَا كَانَ أَصَابَهُ حَالَ كَوْنِهِ مُحَارِبًا لِلْمُسْلِمِينَ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ. .
(أَخْبَرَتْ) امْرَأَةٌ (بِارْتِدَادِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: عِتْقُ مُدَبَّرِهِ) كَذَا مُدَبَّرِهَا إذَا لَحِقَتْ وَتَحِلُّ دُيُونُهَا كَمَا فِي الْفَتْحِ (لَهُ وَكَسْبُ إسْلَامِهِ لِوَارِثِهِ الْمُسْلِمِ) الْعِبْرَةُ لِكَوْنِهِ وَارِثًا عِنْدَ مَوْتِ الْمُرْتَدِّ أَوْ قَتْلِهِ أَوْ الْقَضَاءِ بِلِحَاقِهِ فِي الْأَصَحِّ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ وَتَرِثُهُ امْرَأَتُهُ الْمُسْلِمَةُ إذَا مَاتَ أَوْ قُتِلَ أَوْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِاللِّحَاقِ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ فَارًّا كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ: وَقُضِيَ دَيْنُ كُلِّ حَالٍّ مِنْ كَسْبِهَا) الْكَسْبُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِهَا وَهَذَا قَوْلُ زُفَرَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْهُ أَنَّهُ أَيْ دَيْنَهُ يُقْضَى مِنْ كَسْبِ الْإِسْلَامِ إلَّا أَنْ لَا يَفِيَ بِهِ فَيُقْضَى الْبَاقِي مِنْ كَسْبِ الرِّدَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ دَيْنَ الْإِنْسَانِ يُقْضَى مِنْ مَالِهِ لَا مِنْ مَالِ غَيْرِهِ وَكَذَا دَيْنُ الْمَيِّتِ يُقْضَى مِنْ مَالِهِ لَا مِنْ مَالِ وَارِثِهِ وَمَالُهُ كَسْبُ إسْلَامِهِ فَأَمَّا كَسْبُ الرِّدَّةِ فَمَالُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يُقْضَى مِنْهُ الدَّيْنُ إلَّا لِضَرُورَةٍ فَإِذَا لَمْ يَفِ بِهِ كَسْبُ الْإِسْلَامِ تَحَقَّقَتْ الضَّرُورَةُ فَيُقْضَى الْبَاقِي مِنْهُ، كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَهَكَذَا صَحَّحَ الْوَلْوَالِجِيُّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَصَحَّ طَلَاقُهُ وَاسْتِيلَادُهُ) هَذَا بِالِاتِّفَاقِ وَكَذَا قَبُولُهُ الْهِبَةَ وَتَسْلِيمُهُ الشُّفْعَةَ وَحَجْرُهُ عَلَى مَأْذُونِهِ.
(قَوْلُهُ: وَتُوقَفُ مُفَاوَضَتُهُ) كَذَا تَصَرُّفُهُ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ. (قَوْلُهُ: وَتَدْبِيرُهُ) كَذَا عِتْقُهُ مَوْقُوفٌ كَمَا فِي الْكَنْزِ.
(قَوْلُهُ: وَوَصِيَّتُهُ) أَيْ الَّتِي فِي حَالِ رِدَّتِهِ أَمَّا وَصِيَّتُهُ فِي حَالِ إسْلَامِهِ فَالْمَذْكُورُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مِنْ الْمَبْسُوطِ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا تَبْطُلُ مُطْلَقًا قُرْبَةً أَوْ غَيْرَ قُرْبَةٍ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ وَذَكَرَ الْوَلْوَالِجِيُّ أَنَّ الْإِطْلَاقَ قَوْلُهُ وَقَوْلُهُمَا بِعَدَمِ بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ بِغَيْرِ قُرْبَةٍ، قِيلَ أَرَادَ بِغَيْرِ الْقُرْبَةِ الْوَصِيَّةَ لِلنَّائِحَةِ وَالْمُغَنِّيَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ جَاءَ مُسْلِمًا بَعْدَهُ وَمَالُهُ مَعَ وَارِثِهِ أَخَذَهُ) يَعْنِي بِالْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا قَالَ فِي الْبَحْرِ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة وَمَا كَانَ قَائِمًا فِي يَدِ الْوَرَثَةِ إنَّمَا يَعُودُ إلَى مِلْكِهِ بِقَضَاءٍ أَوْ رِضًا فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّ وَارِثَ الْمُرْتَدِّ إذَا تَصَرَّفَ فِي الْمَالِ الَّذِي وَرِثَهُ بَعْدَمَا عَادَ الْمُرْتَدُّ مُسْلِمًا نَفَذَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ. اهـ.
وَبِهِ جَزَمَ الزَّيْلَعِيُّ مُعَلَّلًا بِأَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ إلَّا بِطَرِيقَةٍ. اهـ. ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَلَمْ أَرَ حُكْمَ اسْتِرْدَادِهِ مِنْ الْإِمَامِ كَسْبَ رِدَّتِهِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ اسْتِرْدَادِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ بَلْ لِكَوْنِهِ مَالَ حَرْبِيٍّ كَالْحَرْبِيِّ الْحَقِيقِيِّ لَا يَسْتَرِدُّ مَالَهُ بَعْدَ إسْلَامِهِ. . اهـ. .
(قَوْلُهُ: أَخْبَرَتْ امْرَأَةٌ بِارْتِدَادِ