أَيْضًا بِجَازِ (إنْ اسْتَوْعَبَتَا) أَيْ الضَّرْبَتَانِ، وَالْمُرَادُ الْيَدَانِ الْمَضْرُوبَتَانِ عَلَى الْأَرْضِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا نَقْعٌ (وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ بِمِرْفَقَيْهِ) حَتَّى لَوْ بَقِيَ شَيْءٌ قَلِيلٌ لَا يَجْزِيهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَسْتَوْعِبَا (فَثَالِثَةٌ) أَيْ يَلْزَمُ ضَرْبَةٌ ثَالِثَةٌ لِيَحْصُلَ الِاسْتِيعَابُ بِالنَّقْعِ أَوْ الْيَدِ الْمَضْرُوبَةِ عَلَى الْأَرْضِ إنْ لَمْ يَكُنْ، فَعَلَى هَذَا لَا يَرِدُ مَا يَرُدُّ عَلَى قَوْلِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ ثُمَّ إذَا لَمْ يَدْخُلْ الْغُبَارُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُخَلِّلَ أَصَابِعَهُ فَيَحْتَاجُ إلَى ضَرْبَةٍ ثَالِثَةٍ لِتَخْلِيلِهَا مِنْ أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ النَّقْعِ وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَهُ وَلَوْ بِلَا نَقْعٍ فَتَدَبَّرْ (عَلَى طَاهِرٍ) مُتَعَلِّقٌ بِضَرْبَتَيْنِ (مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ) كَالتُّرَابِ، وَالرَّمْلِ، وَالْحَجَرِ، وَالْكُحْلِ، وَالزِّرْنِيخِ، وَالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ الْمُخْتَلِطَيْنِ بِالتُّرَابِ أَوْ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ عَلَيْهِمَا غُبَارٌ وَيَخْرُجُ عَنْهُ الْمِلْحُ الْمَائِيُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ (وَهُوَ لَا يَنْطَبِعُ) أَيْ لَا يَلِينُ احْتِرَازًا عَنْ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، وَالْحَدِيدِ وَنَحْوِهَا (وَلَا يَتَرَمَّدُ) أَيْ لَا يَصِيرُ رَمَادًا (بِالِاحْتِرَاقِ) كَالشَّجَرِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الصَّعِيدَ اسْمٌ لِوَجْهِ الْأَرْضِ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ اللُّغَةِ فَلَا يَتَنَاوَلُ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِهَا أَوْ يَنْطَبِعُ أَوْ يَتَرَمَّدُ (وَلَوْ) كَانَ ذَلِكَ الطَّاهِرُ (بِلَا نَقْعٍ) أَيْ غُبَارٍ (وَعَلَيْهِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى طَاهِرٍ، وَالضَّمِيرُ لِلنَّقْعِ أَيْ وَبِضَرْبَتَيْنِ عَلَى النَّقْعِ (بِلَا عَجْزٍ) عَنْ الصَّعِيدِ كَمَا إذَا كَنَسَ دَارًا أَوْ هَدَمَ حَائِطًا أَوْ كَالَ حِنْطَةً فَأَصَابَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ غُبَارٌ فَمَسَحَ جَازَ حَتَّى إذَا لَمْ يَمْسَحْ لَمْ يَجُزْ.
(وَيَجِبُ طَلَبُهُ) أَيْ الْمَاءِ (غَلْوَةً) وَهِيَ مِقْدَارُ ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ إلَى أَرْبَعِمِائَةٍ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَاءُ بِحَيْثُ لَوْ ذَهَبَ إلَيْهِ وَتَوَضَّأَ ذَهَبَتْ الْقَافِلَةُ وَتَغِيبُ عَنْ بَصَرِهِ كَانَ بَعِيدًا جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ وَاسْتَحْسَنَهُ صَاحِبُ الْمُحِيطِ (إنْ ظَنَّ قُرْبَهُ) أَيْ الْمَاءِ (وَإِلَّا فَلَا) يَجِبُ طَلَبُهُ (وَنُدِبَ لِرَاجِيهِ) أَيْ الْمَاءِ (تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ آخِرَ الْوَقْتِ) فَلَوْ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ، وَالْوَقْتُ بَاقٍ لَا يُعِيدُهَا.
(وَضَعَهُ) أَيْ الْمَاءَ (فِي رَحْلِهِ أَوْ أَمَرَ) غَيْرَهُ (بِهِ) أَيْ بِوَضْعِهِ فِيهِ (وَنَسِيَ فَصَلَّى بِهِ) أَيْ بِالتَّيَمُّمِ (لَمْ يُعِدْ) الصَّلَاةَ (إلَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَلَوْ) وَضَعَهُ (غَيْرُهُ بِلَا عِلْمِهِ فَقِيلَ جَازَ) التَّيَمُّمُ (وِفَاقًا وَقِيلَ) هُوَ أَيْضًا (مُخْتَلَفٌ فِيهِ، طَلَبَهُ مِنْ رَفِيقِهِ فَإِنْ مَنَعَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْأَرْضِ مِنْ مُسَمَّى التَّيَمُّمِ شَرْعًا فَإِنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ الْمَسْحُ لَيْسَ غَيْرُ فِي الْكِتَابِ قَالَ تَعَالَى {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ} [النساء: 43] وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ» إمَّا عَلَى إرَادَةِ الْأَعَمِّ مِنْ الْمَسْحَتَيْنِ كَمَا قُلْنَا أَوْ أَنَّهُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، قَالَهُ الْكَمَالُ (قَوْلُهُ: إنْ اسْتَوْعَبَتَا) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَيُشْتَرَطُ الْمَسْحُ بِجَمِيعِ الْيَدِ أَوْ بِأَكْثَرِهَا حَتَّى لَوْ مَسَحَ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِأُصْبُعَيْنِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ كَرَّرَ الْمَسْحَ حَتَّى اسْتَوْعَبَ بِخِلَافِ الرَّأْسِ، وَالِاسْتِيعَابُ فَرْضٌ لَازِمٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا حَتَّى لَوْ تَرَكَ قَلِيلًا مِنْ مَوَاضِعِ التَّيَمُّمِ لَا يَجُوزُ وَهُوَ الْأَصَحُّ الْمُخْتَارُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَيَلْزَمُهُ تَخْلِيلُ الْأَصَابِعِ وَنَزْعُ الْخَاتَمِ أَوْ تَحْرِيكُهُ وَيَمْسَحُ تَحْتَ الْحَاجِبَيْنِ وَمُوقِ الْعَيْنَيْنِ وَمِنْ وَجْهِهِ ظَاهِرَ الْبَشَرَةِ، وَالشَّعْرَ عَلَى الصَّحِيحِ.
وَفِي السِّرَاجِ لَا يَجِبُ مَسْحُ اللِّحْيَةِ وَلَا الْجَبِيرَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ الْيَدُ الْمَضْرُوبَةُ عَلَى الْأَرْضِ إنْ لَمْ يَكُنْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ عَدَمَ النَّقْعِ شَرْطٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: فَعَلَى هَذَا لَا يَرِدُ. . . إلَخْ) .
أَقُولُ بَلْ عَلَى هَذَا يَرِدُ كَمَا عَلِمْت مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَيَخْرُجُ عَنْهُ الْمِلْحُ الْمَائِيُّ) أَقُولُ وَعَدَمُ الْجَوَازِ بِالْمَائِيِّ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَوَازُهُ بِالْجَبَلِيِّ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَصَحَّحَ كُلًّا مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْخُلَاصَةِ.
وَفِي التَّجْنِيسِ الْفَتْوَى عَلَى الْجَوَازِ بِالْجَبَلِيِّ قَالَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَنَاوَلُ مَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِهَا أَوْ يَنْطَبِعُ أَوْ يَتَرَمَّدُ) فِي الْعَطْفِ بِأَوْ تَسَامُحٌ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِالْوَاوِ لِأَنَّهُ عَطْفُ خَاصٍّ (قَوْلُهُ: أَيْ وَبِضَرْبَتَيْنِ عَلَى النَّقْعِ) إنْ كَانَ مَشْيًا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الضَّرْبَ مِنْ مُسَمَّى التَّيَمُّمِ فَاعْتِبَارُ الضَّرْبَةِ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهَا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ الْعُضْوِ لِلتَّمْثِيلِ لَهُ بِقَوْلِهِ كَمَا إذَا كَنَسَ دَارًا. . . إلَخْ وَإِنْ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مُسَمَّاهُ فَظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ طَلَبُ الْمَاءِ غَلْوَةً) يَعْنِي يُفْتَرَضُ لِمَا قَالَ قَاضِي خَانْ وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِهِ طَلَبُ الْمَاءِ فِي الْعُمْرَانَاتِ يُشْتَرَطُ وَفِي الْفَلَوَاتِ لَا يُشْتَرَطُ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّ الْمُسَافِرِ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ الْمَاءَ يَجِدُهُ أَوْ خُبِّرَ بِذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يُفْتَرَضُ عَلَيْهِ الطَّلَبُ يَمِينًا وَيَسَارًا عَلَى قَدْرِ غَلْوَةٍ اهـ.
وَقَيَّدَ الْمُخْبِرَ فِي الْبَدَائِعِ بِالْعَدْلِ وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ: وَقُدِّرَ الطَّلَبُ بِغَلْوَةٍ مِنْ جَانِبِ ظَنِّهِ وَطَلَبُ وُصُولِهِ كَطَلَبِهِ (قَوْلُهُ: وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ. . . إلَخْ) .
أَقُولُ كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَذْكُرَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ لِبُعْدِهِ مِيلًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْحَدِّ الْفَاصِلِ بَيْنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ خِلَافًا فِي هَذَا الْمَحَلِّ كَالْمُصَنِّفِ بَلْ ثَمَّةَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ) أَقُولُ وَكَانَ مُسْتَحَبًّا كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ لِرَاجِيهِ. . . إلَخْ) يَعْنِي فِي الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ كَالطَّامِعِ فِي الْجَمَاعَةِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ أَنَّ التَّأْخِيرَ حَتْمٌ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ.
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ هُوَ أَيْضًا مُخْتَلَفٌ فِيهِ) قَالَهُ فِي الْكَافِي وَذِكْرُ الْمَاءِ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ (قَوْلُهُ: طَلَبَهُ مِنْ رَفِيقِهِ) أَطْلَقَهُ تَبَعًا لِلْهِدَايَةِ، وَالْكَنْزِ وَقَدْ فَصَّلَ صَاحِبُهُ فِي الْكَافِي فَقَالَ مَعَ رَفِيقِهِ مَاءٌ فَظَنَّ أَنَّهُ إنْ سَأَلَ أَعْطَاهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّيَمُّمُ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَا يُعْطِيهِ تَيَمَّمَ، وَإِنْ شَكَّ فِي الْإِعْطَاءِ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى فَسَأَلَهُ