(وَلِجَرِيبِ الرَّطْبَةِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَلِجَرِيبِ الْكَرْمِ وَالنَّخْلِ مُتَّصِلَةً ضِعْفُهَا وَلِمَا سِوَاهُ كَزَعْفَرَانٍ وَبُسْتَانٍ) وَهُوَ أَرْضٌ يَحُوطُهَا حَائِطٌ وَفِيهَا نَخِيلٌ مُتَفَرِّقَةٌ وَأَشْجَارٌ وَأَعْنَابٌ وَيُمْكِنُ زِرَاعَةُ مَا بَيْنَ الْأَشْجَارِ، فَإِنْ كَانَتْ الْأَشْجَارُ مُلْتَفَّةً لَا يُمْكِنُ زِرَاعَةُ أَرْضِهَا فَهِيَ كَرْمٌ (مَا يُطِيقُ) إذْ لَيْسَ فِيهِ تَوْظِيفُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَدْ اعْتَبَرَ الطَّاقَةَ فِي ذَلِكَ فَنَعْتَبِرُهَا فِيمَا لَا تَوْظِيفَ فِيهِ قَالُوا (وَنِصْفُ الْخَارِجِ غَايَةُ الطَّاقَةِ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ) لِأَنَّ التَّنْصِيفَ غَايَةُ الْإِنْصَافِ (وَنَقْصٌ إنْ لَمْ تُطَقْ وَظِيفَتُهَا) بِالْإِجْمَاعِ (وَلَا يُزَادُ إنْ أَطَاقَتْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ (وَيُزَادُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ) اعْتِبَارًا بِالنُّقْصَانِ وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ خَرَاجَ التَّوْظِيفِ مُقَدَّرٌ شَرْعًا وَاتِّبَاعُ الصَّحَابَةِ فِيهِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - وَاجِبٌ؛ لِأَنَّ الْمَقَادِيرَ لَا تُعْرَفُ إلَّا تَوْقِيفًا وَالتَّقْدِيرُ يَمْنَعُ الزِّيَادَةَ؛ لِأَنَّ النُّقْصَانَ يَجُوزُ إجْمَاعًا فَتَعَيَّنَ مَنْعُ الزِّيَادَةِ لِئَلَّا يَخْلُوَ التَّقْدِيرُ عَنْ الْفَائِدَةِ.
(وَلَا خَرَاجَ لَوْ انْقَطَعَ الْمَاءُ عَنْ أَرْضِهِ أَوْ غَلَبَ) لِانْتِفَاءِ النَّمَاءِ التَّقْدِيرِيِّ الْمُعْتَبَرِ فِي الْخَرَاجِ وَهُوَ التَّمَكُّنُ مِنْ الزِّرَاعَةِ (أَوْ أَصَابَ الزَّرْعَ آفَةٌ) لِأَنَّ الْأَصْلَ إذَا هَلَكَ بَطَلَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ وَقَالُوا إنَّمَا يَسْقُطُ إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ السَّنَةِ مِقْدَارُ مَا يُمَكِّنُهُ أَنْ يَزْرَعَ الْأَرْضَ ثَانِيًا، وَأَمَّا إذَا بَقِيَ فَلَا يَسْقُطُ.
(وَيَجِبُ) الْخَرَاجُ (إنْ عَطَّلَهَا) أَيْ الْأَرْضَ (مَالِكُهَا) لِأَنَّ التَّمَكُّنَ كَانَ ثَابِتًا وَقَدْ فَوَّتَهُ (وَيَبْقَى) الْخَرَاجُ (إنْ أَسْلَمَ الْمَالِكُ) لِأَنَّ فِيهِ مَعْنَى الْمُؤْنَةِ فَيُعْتَبَرُ مُؤْنَتُهُ فِي حَالَةِ الْبَقَاءِ فَأَمْكَنَ إبْقَاؤُهُ عَلَى الْمُسْلِمِ (أَوْ شَرَاهَا) مِنْ أَهْلِ الْخَرَاجِ (مُسْلِمٌ) لِمَا ذَكَرْنَا وَقَدْ صَحَّ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - اشْتَرَوْا أَرَاضِيَ الْخَرَاجِ وَكَانُوا يُؤَدُّونَ خَرَاجَهَا.
(وَلَا عُشْرَ فِي خَارِجِ أَرْضِهِ) أَيْ أَرْضِ الْخَرَاجِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يُجْمَعُ عُشْرٌ وَخَرَاجٌ فِي أَرْضِ مُسْلِمٍ» وَلِأَنَّ أَحَدًا مِنْ أَئِمَّةِ الْعَدْلِ وَالْجَوْرِ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَهُمَا وَكَفَى بِإِجْمَاعِهِمْ حُجَّةً.
(وَيَتَكَرَّرُ الْعُشْرُ بِتَكَرُّرِ الْخَارِجِ) ؛ لِأَنَّ الْعُشْرَ لَا يَتَحَقَّقُ عُشْرًا إلَّا بِوُجُوبِهِ فِي كُلِّ الْخَارِجِ (لَا الْخَرَاجُ الْمُوَظَّفُ) ، فَإِنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْخَارِجِ فِي سَنَةٍ؛ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يُوَظِّفْهُ مُكَرَّرًا، وَإِنَّمَا قُيِّدَ الْخَرَاجُ بِالْمُوَظَّفِ؛ لِأَنَّ خَرَاجَ الْمُقَاسَمَةِ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْخَارِجِ. .
(يَجِبُ الْعُشْرُ فِي الْأَرَاضِيِ الْمَوْقُوفَةِ وَأَرَاضِيِ الصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ وَالْمَدْيُونِ لَوْ) كَانَتْ (عُشْرِيَّةً وَالْخَرَاجُ لَوْ) كَانَتْ (خَرَاجِيَّةً) لِأَنَّ سَبَبَ الْعُشْرِ الْأَرْضُ النَّامِيَةُ بِحَقِيقَةِ الْخَارِجِ وَسَبَبَ الْخَرَاجِ الْأَرْضُ النَّامِيَةُ بِالتَّمَكُّنِ وَلَا عِبْرَةَ بِالصَّاحِبِ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQقِيرَاطًا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلِجَرِيبِ الرَّطْبَةِ) بِالْفَتْحِ وَالْجَمْعُ الرِّطَابُ وَهِيَ الْقِثَّاءُ وَالْخِيَارُ وَالْبِطِّيخُ وَالْبَاذِنْجَان وَمَا جَرَى مَجْرَاهُ وَالْبُقُولُ غَيْرُ الرِّطَابِ مِثْلُ الْكُرَّاثِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُزَادُ إنْ أَطَاقَتْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ) هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْكَافِي.
(قَوْلُهُ: وَيُزَادُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ) لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ لِمَا قَالَ فِي الْكَافِي الْأَرَاضِيُ الَّتِي صَدَرَ التَّوْظِيفُ فِيهَا مِنْ عُمَرَ أَوْ مِنْ إمَامٍ بِمِثْلِ وَظِيفَةِ عُمَرَ لَمْ تَجُزْ الزِّيَادَةُ عَلَى تِلْكَ الْوَظِيفَةِ إجْمَاعًا، وَأَمَّا إذَا أَرَادَ الْإِمَامُ تَوْظِيفَ الْخَرَاجِ عَلَى أَرْضٍ ابْتِدَاءً وَزَادَ عَلَى وَظِيفَةِ عُمَرَ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجُوزُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا خَرَاجَ لَوْ انْقَطَعَ الْمَاءُ عَنْ أَرْضِهِ أَوْ غَلَبَ) كَذَا حُكْمُ الْأُجْرَةِ فِي الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ (قَوْلُهُ أَوْ أَصَابَ الزَّرْعَ آفَةٌ) أَيْ سَمَاوِيَّةٌ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا كَالْغَرَقِ وَالْحَرْقِ وَشِدَّةِ الْبَرْدِ وَعَدَمِ لُزُومِ الْخَرَاجِ بِالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ فِي ذَهَابِ كُلِّ الزَّرْعِ، وَأَمَّا إذَا بَقِيَ بَعْضُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ إنْ بَقِيَ مِقْدَارُ الْخَرَاجِ وَمِثْلُهُ بِأَنْ بَقِيَ مِقْدَارُ دِرْهَمَيْنِ وَقَفِيزَيْنِ يَجِبُ الْخَرَاجُ وَإِنْ بَقِيَ أَقَلُّ مِنْ مِقْدَارِ الْخَرَاجِ يَجِبُ نِصْفُهُ قَالَ مَشَايِخُنَا وَالصَّوَابُ فِي هَذَا أَنْ يُنْظَرَ أَوَّلًا إلَى مَا أَنْفَقَ هَذَا الرَّجُلُ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ ثُمَّ يُنْظَرَ إلَى الْخَارِجِ فَيَجِبَ مَا أَنْفَقَ أَوَّلًا مِنْ الْخَارِجِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ أُخِذَ مِنْهُ مِقْدَارُ مَا بَيَّنَّا. اهـ. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْآفَةُ غَيْرَ سَمَاوِيَّةٍ وَيُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهَا كَأَكْلِ الْقِرَدَةِ وَالسِّبَاعِ وَالْأَفْعَى وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا يَسْقُطُ الْخَرَاجُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَسْقُطُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ هَلَاكَ الْخَارِجِ قَبْلَ الْحَصَادِ يُسْقِطُ الْخَرَاجَ، وَأَمَّا إذَا أَصَابَ زَرْعَ الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ آفَةٌ سَمَاوِيَّةٌ فَمَا وَجَبَ مِنْ الْأَجْرِ قَبْلَ الِاصْطِلَامِ لَا يَسْقُطُ وَمَا وَجَبَ بَعْدَ الِاصْطِلَامِ يَسْقُطُ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ، كَذَا فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ الْخَرَاجُ إذَا عَطَّلَهَا أَيْ الْأَرْضَ مَالِكُهَا) قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ هَذَا إذَا كَانَ الْخَرَاجُ مُوَظَّفًا أَمَّا إذَا كَانَ خَرَاجَ مُقَاسَمَةٍ لَا يَجِبُ شَيْءٌ، كَذَا فِي الْفَوَائِدِ. اهـ.
وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ إذَا مَنَعَهُ إنْسَانٌ مِنْ الزِّرَاعَةِ لَا خَرَاجَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مِصْرَ الْآنَ لَيْسَتْ خَرَاجِيَّةً بَلْ بِالْأُجْرَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ لَمْ يَزْرَعْ وَلَمْ يَكُنْ مُسْتَأْجِرًا وَلَا جَبْرَ عَلَيْهِ بِسَبَبِهَا فَمَا يَفْعَلُهُ الظُّلْمَةُ مِنْ الْإِضْرَارِ بِهِ حَرَامٌ خُصُوصًا إذَا أَرَادَ الِاشْتِغَالَ بِالْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ: وَيَبْقَى الْخَرَاجُ إنْ أَسْلَمَ الْمَالِكُ) ذِكْرُهُ هُنَا كَغَيْرِهِ مِثْلَ الْهِدَايَةِ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الْعُشْرِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا عُشْرَ فِي خَارِجِ أَرْضِهِ) كَذَا لَا زَكَاةَ مَعَ الْعُشْرِ أَوْ الْخَرَاجِ وَلَا يَجْتَمِعُ حَدٌّ وَعَقْرٌ وَجَلْدٌ وَنَفْيٌ وَجَلْدٌ وَرَجْمٌ وَزَكَاةُ تِجَارَةٍ وَصَدَقَةُ فِطْرٍ وَقَطْعٌ وَضَمَانٌ وَتَيَمُّمٌ وَوُضُوءٌ وَحَبَلٌ وَحَيْضٌ وَنِفَاسٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ
(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ الْعُشْرُ فِي الْأَرَاضِي الْمَوْقُوفَةِ) لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ الْمُشْتَرَاةَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إذَا وَقَفَهَا مُشْتَرِيهَا لَا عُشْرَ فِيهَا وَلَا خَرَاجَ كَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَأَفْرَدَهُ بِرِسَالَةٍ. .