كَلْبَهُ فَأَغْرَاهُ مَجُوسِيٌّ فَأَخَذَ أَوْ لَمْ يُرْسِلْ الْكَلْبَ فَأَغْرَاهُ مُسْلِمٌ فَأَخَذَ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ الْإِرْسَالُ وَالْإِغْرَاءُ فَالْعِبْرَةُ لِلْإِرْسَالِ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْمَجُوسِيِّ وَالْإِغْرَاءُ مِنْ الْمُسْلِمِ حَرُمَ كَمَا سَبَقَ وَفِي الْعَكْسِ حَلَّ، وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ الْإِرْسَالُ وَوُجِدَ الْإِغْرَاءُ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُسْلِمِ حَلَّ، وَلَوْ مِنْ الْمَجُوسِيِّ حَرُمَ (أَوْ أَخَذَ) أَيْ أَكَلَ إنْ أَخَذَ الْكَلْبُ (غَيْرَ مَا أُرْسِلَ عَلَيْهِ) لِامْتِنَاعِ التَّعْظِيمِ بِحَيْثُ يَأْخُذُ مَا عَيَّنَهُ وَإِنْ أَرْسَلَهُ فَقَتَلَ صَيْدًا، ثُمَّ آخَرَ أُكِلَا كَمَا لَوْ رَمَى سَهْمًا إلَى صَيْدٍ فَأَصَابَهُ وَأَصَابَ آخَرَ، وَكَذَا لَوْ أَرْسَلَ عَلَى صَيْدٍ كَثِيرٍ وَسَمَّى مَرَّةً وَاحِدَةً بِخِلَافِ ذَبْحِ الشَّاتَيْنِ بِتَسْمِيَةٍ وَاحِدَةٍ (كَذَا) يُؤْكَلُ (صَيْدٌ رُمِيَ فَقَطَعَ عُضْوًا مِنْهُ لَا الْعُضْوَ) لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا أُبِينَ مِنْ الْحَيِّ فَهُوَ مَيِّتٌ» (وَكَذَا) يُؤْكَلُ (مَا قُطِعَ أَثْلَاثًا وَأَكْثَرُهُ مَعَ عَجُزِهِ) أَيْ قَطَعَهُ قِطْعَتَيْنِ بِحَيْثُ يَكُونُ الثُّلُثُ فِي طَرَفِ الرَّأْسِ وَالثُّلُثَانِ فِي طَرَفِ الْعَجُزِ (أَوْ قَطَعَ نِصْفَ رَأْسِهِ أَوْ أَكْثَرَهُ أَوْ قَدْ بِنِصْفَيْنِ) فَإِنَّ كُلَّهُ يُؤْكَلُ إذْ لَا يُمْكِنُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ حَيَاةٌ فَوْقَ حَيَاةِ الْمَذْبُوحِ فَلَمْ يَتَنَاوَلْهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا أُبِينَ مِنْ الْحَيِّ فَهُوَ مَيِّتٌ» بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الثُّلُثَانِ فِي طَرَفِ الرَّأْسِ وَالثُّلُثُ فِي طَرَفِ الْعَجُزِ لِإِمْكَانِ الْحَيَاةِ فِي الثُّلُثَيْنِ فَوْقَ حَيَاةِ الْمَذْبُوحِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا قُطِعَ أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ الرَّأْسِ لِلْإِمْكَانِ الْمَذْكُورِ

(رَمَى صَيْدًا وَرَمَاهُ آخَرُ فَقَتَلَهُ) الْآخَرُ (فَإِنْ أَثْخَنَهُ الْأَوَّلُ) أَيْ أَخْرَجَهُ عَنْ حَيِّزِ الِامْتِنَاعِ (فَهُوَ لَهُ) أَيْ مِلْكٌ لِلْأَوَّلِ (وَحَرُمَ) بِرَمْيِ الثَّانِي (وَضَمِنَ الثَّانِي لَهُ قِيمَتَهُ) حَالَ كَوْنِهِ (مَجْرُوحًا) بِرَمْيِ الْأَوَّلِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُثْخِنْهُ الْأَوَّلُ (فَلِلثَّانِي) لِأَنَّهُ صَادَهُ (وَحَلَّ) لِأَنَّ ذَكَاتَهُ اضْطِرَارِيَّةٌ كَمَا سَيَأْتِي

(وَيُصَادُ) أَيْ يَجُوزُ صَيْدُ (مَا يُؤْكَلُ، وَ) يُصَادُ (غَيْرُهُ) لِأَنَّ صَيْدَهُ سَبَبُ الِانْتِفَاعِ بِجِلْدِهِ أَوْ شَعْرِهِ أَوْ رِيشِهِ أَوْ لِاسْتِدْفَاعِ شَرِّهِ وَكُلُّ ذَلِكَ مَشْرُوعٌ (وَبِهِ) أَيْ بِالصَّيْدِ (يَطْهُرُ لَحْمٌ غَيْرُ نَجِسِ الْعَيْنِ) لِأَنَّهُ ذَكَاةٌ حُكْمًا حَتَّى تَجُوزَ

ـــــــــــــــــــــــــــــQانْشَقَّتْ فَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ ذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى لَوْ وَقَعَ عَلَى صَخْرَةٍ فَانْشَقَّ بَطْنُهُ لَمْ يَأْكُلْ لِاحْتِمَالِ الْمَوْتِ بِسَبَبٍ آخَرَ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ وَحَمَلَ مُطْلَقَ الْمَرْوِيِّ فِي الْأَصْلِ عَلَى غَيْرِ حَالَةِ الِانْشِقَاقِ وَحَمَلَهُ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ عَلَى مَا أَصَابَهُ حَدُّ الصَّخْرَةِ فَانْشَقَّ بَطْنُهُ لِذَلِكَ وَحَمَلَ الْمَرْوِيَّ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهُ مِنْ الْآجُرَّةِ إلَّا مَا يُصِيبُهُ مِنْ الْأَرْضِ لَوْ وَقَعَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ عَفْوٌ، وَهَذَا أَصَحُّ اهـ.

وَلَفْظُ أَصَحَّ مِنْ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ لَا مِنْ السَّرَخْسِيِّ يَعْنِي أَنَّهُ أَصَحُّ مِنْ كَلَامِ الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ اهـ.

وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ كِلَا التَّأْوِيلَيْنِ صَحِيحٌ وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَحْمِلُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْأَصْلِ عَلَى مَا إذَا مَاتَ بِالرَّمْيِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَقَى عَلَى مَا إذَا مَاتَ بِغَيْرِهِ وَفِي لَفْظِ الْمُنْتَقَى إشَارَةٌ إلَيْهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ لِاحْتِمَالِ الْمَوْتِ بِسَبَبٍ آخَرَ أَيْ غَيْرِ الرَّمْيِ، وَهَذَا يَرْجِعُ إلَى اخْتِلَافِ اللَّفْظِ دُونَ الْمَعْنَى فَلَا يُبَالِي بِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُرْسِلْ الْكَلْبَ فَأَغْرَاهُ مُسْلِمٌ) هَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْبَازِي كَالْكَلْبِ فِيمَا ذُكِرَ كَذَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَلَا يَخْتَصُّ بِكَلْبِ الْمُسْلِمِ، بَلْ كَذَلِكَ كَلْبٌ مُعَلَّمٌ لِمَنْ لَا يَحِلُّ ذَكَاتُهُ كَالْمُرْتَدِّ وَالْمَجُوسِيِّ وَالْوَثَنِيِّ وَالْمُحْرِمِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَخَذَ غَيْرَ مَا أَرْسَلَ إلَيْهِ) يَعْنِي إذَا كَانَ عَلَى سَنَنِهِ، وَلَوْ أَرْسَلَ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ يَحِلُّ مَا أَصَابَهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَرْسَلَهُ فَقَتَلَ صَيْدًا، ثُمَّ آخَرَ أُكِلَا) كَذَا عَبَّرَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَابْنُ كَمَالٍ بَاشَا بِثُمَّ وَمِثْلُهُ فِي التَّبْيِينِ وَالْهِدَايَةِ لَكِنْ مُقَيَّدًا بِعَدَمِ الْمُكْثِ طَوِيلًا حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ جَثَمَ عَلَى الْأَوَّلِ طَوِيلًا، ثُمَّ مَرَّ بِهِ صَيْدٌ آخَرُ فَقَتَلَهُ لَا يُؤْكَلُ الثَّانِي لِانْقِطَاعِ الْإِرْسَالِ بِمُكْثِهِ طَوِيلًا إذْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ حِيلَةً مِنْهُ لِلْأَخْذِ وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِرَاحَةٌ اهـ، وَقِيلَ الْأَوَّلُ لَيْسَ قَيْدًا لِحِلِّ الثَّانِي، بَلْ الْمَدَارُ عَلَى عَدَمِ انْقِطَاعِ الْإِرْسَالِ لِمَا قَالَ قَاضِي خَانْ لَوْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَى صَيْدٍ فَأَخْطَأَ، ثُمَّ عَرَضَ لَهُ صَيْدٌ آخَرُ فَقَتَلَهُ حَلَّ أَكْلُهُ وَإِنْ فَاتَهُ ذَلِكَ الصَّيْدُ فَرَجَعَ وَعَرَضَ لَهُ صَيْدٌ آخَرُ فِي رُجُوعِهِ فَقَتَلَهُ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّ الْإِرْسَالَ بَطَلَ بِالرُّجُوعِ وَبِدُونِ الْإِرْسَالِ لَا يَحِلُّ اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ ذَبْحِ الشَّاتَيْنِ بِتَسْمِيَةٍ وَاحِدَةٍ) يَعْنِي، وَقَدْ ذَبَحَهُمَا عَلَى التَّعَاقُبِ، أَمَّا إذَا أَضْجَعَ إحْدَاهُمَا فَوْقَ الْأُخْرَى فَذَبَحَهُمَا دُفْعَةً وَاحِدَةً بِتَسْمِيَةٍ وَاحِدَةٍ أَجْزَأَ وَحَلَّا كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَالْهِدَايَةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا يُؤْكَلُ مَا قُطِعَ أَثْلَاثًا وَأَكْثَرُهُ مَعَ عَجُزِهِ) أَيْ فَيُؤْكَلُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ مَا بَيْنَ النِّصْفِ إلَى الْعُنُقِ مَذْبَحٌ يُرِيدُ بِهِ أَنَّ الْأَوْدَاجَ مِنْ الْقَلْبِ إلَى الدِّمَاغِ كَذَا فِي مَبْسُوطِ السَّرَخْسِيِّ وَقَاضِي خَانْ (قَوْلُهُ: أَوْ قُدِّرَ بِنِصْفَيْنِ) لَمْ يُبَيِّنْ كَيْفِيَّتَهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ وَعَلَيْهِ نَصَّ فِي مَبْسُوطِ السَّرَخْسِيِّ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَنَصُّ الْمَبْسُوطِ وَإِنْ قَطَعَهُ نِصْفَيْنِ أَكَلَ كُلَّهُ لِأَنَّ فِعْلَهُ أَتَمُّ مَا يَكُونُ مِنْ الذَّكَاةِ إذْ لَا يُتَوَهَّمُ بَقَاؤُهُ حَيًّا بَعْدَمَا قَطَعَهُ بِنِصْفَيْنِ طُولًا. اهـ.

وَقَاضِي خَانْ وَإِنْ قَطَعَهُ بِنِصْفَيْنِ طُولًا يُؤْكَلُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ بَقَاءُ الصَّيْدِ حَيًّا بَعْدَ ذَلِكَ فَكَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الذَّبْحِ اهـ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الثُّلُثَانِ. . . إلَخْ) كَذَا قَالَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَابْنُ كَمَالٍ بَاشَا وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَحْرُمُ الْجُزْءُ الْمُبَانُ وَيَحِلُّ الْمُبَانُ مِنْهُ وَعَلَيْهِ نَصَّ فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّبْيِينِ فَقَالَا إذَا قَطَعَ يَدًا أَوْ رِجْلًا أَوْ فَخِذًا أَوْ ثُلُثَهُ مِمَّا يَلِي الْقَوَائِمَ أَوْ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الرَّأْسِ يَحْرُمُ الْمُبَانُ وَيَحِلُّ الْمُبَانُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ بَقَاءُ الْحَيَاةِ فِي الْبَاقِي اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ

(قَوْلُهُ: وَضَمِنَ الثَّانِي لَهُ قِيمَتَهُ مَجْرُوحًا) نَقَلَ الزَّيْلَعِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ أَنَّ تَأْوِيلَهُ إذَا عُلِمَ أَنَّ الْقَتْلَ حَصَلَ بِالثَّانِي

(قَوْلُهُ: وَبِهِ أَيْ بِالصَّيْدِ يَطْهُرُ لَحْمٌ غَيْرُ نَجِسِ الْعَيْنِ) أَقُولُ أَصَحُّ مَا يُفْتَى بِهِ أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ لَحْمُهُ، بَلْ جِلْدُهُ فَقَطْ كَمَا فِي مَوَاهِبِ الرَّحْمَنِ لِلطَّرَابُلُسِيِّ صَاحِبِ الْإِسْعَافِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015