الذَّبْحِ كَالْإِضْجَاعِ وَشَدِّ الرِّجْلِ، فَيَكُونُ غَاصِبًا قَبْلَ الذَّبْحِ أَقُولُ حَقِيقَةُ الْغَصْبِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَوْضِعِهِ إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ وَإِثْبَاتُ الْيَدِ الْمُبْطِلَةِ وَغَايَةُ مَا يُوجَدُ فِي الْإِضْجَاعِ وَشَدِّ الرِّجْلِ إثْبَاتُ الْيَدِ الْمُبْطِلَةِ وَلَا يَحْصُلُ بِهِ إزَالَةُ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ وَإِنَّمَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِالذَّبْحِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْجُمْهُورُ
{كِتَابُ الصَّيْدِ أَوْرَدَهُ هَا هُنَا لِذِكْرِهِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ (وَهُوَ) لُغَةً الِاصْطِيَادُ وَيُسَمَّى الْمِصْيَدُ صَيْدًا تَسْمِيَةً لِلْمَفْعُولِ بِالْمَصْدَرِ كَضَرْبِ الْأَمِيرِ (يَحِلُّ بِكُلِّ ذِي نَابٍ) مِنْ السِّبَاعِ (وَمِخْلَبٍ) مِنْ الطُّيُورِ الْمِخْلَبُ ظُفْرُ الطَّائِرِ.
وَفِي الْمَبْسُوطِ الْمُرَادُ مِنْ ذِي نَابٍ الَّذِي يَصِيدُ بِنَابِهِ وَمِنْ ذِي مِخْلَبٍ الَّذِي يَصِيدُ بِمِخْلَبِهِ لَا كُلَّ ذِي نَابٍ وَمِخْلَبٍ فَإِنَّ الْحَمَامَةَ لَهَا مِخْلَبٌ وَالْبَعِيرَ لَهُ نَابٌ الْأَوَّلُ (كَكَلْبٍ وَفَهْدٍ وَ) الثَّانِي نَحْوُ (بَازٍ وَنَحْوِهَا) مِنْ السِّبَاعِ وَالطُّيُورِ وَيُشْتَرَطُ لِمَا يُؤْكَلُ أَيْ لِجَوَازِ أَكْلِ مَا يُؤْكَلُ مِنْ الصَّيْدِ أُمُورٌ بِخِلَافِ مَا لَا يُؤْكَلُ فَإِنَّ شَيْئًا مِنْهَا لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي جَوَازِ صَيْدِهِ كَمَا سَيَأْتِي مِنْهَا (عَلَّمَهُمَا) أَيْ عَلَّمَ ذِي نَابٍ وَذِي مِخْلَبٍ كَيْفِيَّةَ الصَّيْدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} [المائدة: 4] ، وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِثَعْلَبَةَ «مَا صِدْت بِكَلْبِك الْمُعَلَّمِ فَذَكَرْت اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ وَمَا صِدْت بِكَلْبِك غَيْرِ الْمُعَلَّمِ فَأَدْرَكْت ذَكَاتَهُ فَكُلْ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
(وَ) مِنْهَا (جَرْحُهُمَا أَيَّ مَوْضِعٍ مِنْهُ) وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ حَتَّى لَوْ خَنَقَ الْكَلْبُ الصَّيْدَ وَلَمْ يَجْرَحْهُ لَمْ يُؤْكَلْ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ (وَ) مِنْهَا (إرْسَالُ مُسْلِمٍ أَوْ كِتَابِيٍّ إيَّاهُمَا) أَيْ إرْسَالُ مَنْ لَهُ مِلَّةُ التَّوْحِيدِ دَعْوَى وَاعْتِقَادًا كَالْمُسْلِمِ أَوْ دَعْوَى لَا اعْتِقَادًا كَالْكِتَابِيِّ وَسَيَأْتِي فِي الذَّبَائِحِ فَإِنْ انْبَعَثَ الْكَلْبُ أَوْ الْبَازِي عَلَى أَثَرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [كِتَابُ الصَّيْدِ]
ِ) (قَوْلُهُ: وَهُوَ لُغَةً الِاصْطِيَادُ) قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَلَمْ يَنُصَّ عَلَى تَعْرِيفِهِ شَرْعًا وَلَهُ فِي الشَّرْعِ أَحْكَامٌ وَشَرَائِطُ وَهِيَ مَا يَذْكُرُهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَيُشْتَرَطُ لِمَا يُؤْكَلُ. . . إلَخْ وَالصَّيْدُ مَشْرُوعٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ إلَّا فِي الْإِحْرَامِ إذَا كَانَ صَيْدُ الْبَرِّ وَالْحَرَمِ لِغَيْرِ الْفَوَاسِقِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا فَإِنَّهَا يَجُوزُ صَيْدُهَا فِي الْحَرَمِ اسْتِدْفَاعًا لِشَرِّهَا كَمَا فِي الْبَدَائِعِ اهـ.
وَهُوَ مُبَاحٌ إلَّا إذَا كَانَ لِلتَّلَهِّي أَوْ يَأْخُذُهُ حِرْفَةً كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.
وَفِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي الِاصْطِيَادُ عَلَى قَصْدِ اللَّهْوِ مَكْرُوهٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِكُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ) أَيْ إلَّا الْخِنْزِيرَ فَإِنَّهُ نَجِسُ الْعَيْنِ فَلَا يَجُوزُ بِهِ الِانْتِفَاعُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ اسْتَثْنَى الْأَسَدَ وَالدُّبَّ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَعْمَلَانِ لِغَيْرِهِمَا الْأَسَدُ لِعُلُوِّ هِمَّتِهِ وَالدُّبُّ لِخَسَاسَتِهِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ الذِّئْبَ بَدَلَ الدُّبِّ، وَكَذَا فِي الْمُحِيطِ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُعَلَّمَانِ عَادَةً؛ وَلِأَنَّ التَّعْلِيمَ يُعْرَفُ بِتَرْكِ الْأَكْلِ وَهُمَا أَيْ الدُّبُّ وَالْأَسَدُ لَا يَأْكُلَانِ الصَّيْدَ فِي الْحَالِ فَلَا يُمْكِنُ الِاسْتِدْلَال بِتَرْكِ الْأَكْلِ عَلَى التَّعَلُّمِ حَتَّى لَوْ تُصُوِّرَ التَّعَلُّمُ مِنْهُمَا وَعُرِفَ ذَلِكَ جَازَ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَأَلْحَقَ بَعْضُهُمْ الْحِدَأَةَ بِهِمَا لِخَسَاسَتِهَا كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَا يُؤْكَلُ فَإِنَّ شَيْئًا مِنْهَا لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي جَوَازِ صَيْدِهِ) إنْ أَرَادَ بِهِ جَوَازَ الِاصْطِيَادِ فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ الصَّيْدُ فِي الْحَرَمِ وَأَنْ لَا يَكُونَ الصَّائِدُ مُحْرِمًا لِغَيْرِ الْفَوَاسِقِ وَإِنْ أَرَادَ بِالْجَوَازِ حِلَّ الِانْتِفَاعِ بِجِلْدِهِ مَثَلًا فَيُشْتَرَطُ التَّسْمِيَةُ وَالْجَرْحُ وَكَوْنُ الْجَارِحِ مُعَلَّمًا لِطَهَارَةِ جِلْدِهِ كَمَا يُفِيدُهُ آخِرَ الْكِتَابِ (قَوْلُهُ: مُكَلِّبِينَ) أَيْ مُسَلِّطِينَ وَالتَّكْلِيبُ إغْرَاءُ السَّبُعِ عَلَى الصَّيْدِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ مَعْنَى مُكَلِّبِينَ مُعَلِّمِينَ الِاصْطِيَادَ تُعَلِّمُونَهُنَّ تُؤَدِّبُونَهُنَّ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ) . رَوَاهُ الْحَسَنُ عَنْهُمَا وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَدَلِيلُهُ فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ: إرْسَالُ مُسْلِمٍ) أَيْ غَيْرِ مُحْرِمٍ وَهُوَ يُضْبَطُ عَلَى نَحْوِ مَا نَذْكُرُ فِي الذَّبَائِحِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالصَّابِئ كَالْكِتَابِيِّ لِمَا قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الظَّهِيرِيَّةِ لِلْعَيْنِيِّ وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْت ذَبِيحَةَ الصَّابِئِ وَصَيْدَهُ يَحِلُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَهُمَا يُكْرَهُ. اهـ. وَسَنَذْكُرُ فِي الذَّبَائِحِ تَمَامَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَشْتَغِلَ بَيْنَ الْإِرْسَالِ وَالْأَخْذِ بِعَمَلٍ آخَرَ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ وَذُكِرَ لِحِلِّ الصَّيْدِ خَمْسَةَ عَشَرَ شَرْطًا عَنْ النِّهَايَةِ وَكُلُّهَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَّا هَذَا لَكِنَّهُ يُسْتَفَادُ مِمَّا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا يَقْعُدُ عَنْ طَلَبِهِ بَعْدَ رَمْيِهِ كَمَا يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَغِيبَ عَنْ بَصَرِهِ بَعْدَ إرْسَالِ الْجَارِحِ عَلَيْهِ أَوْ لَا يَقْعُدَ عَنْ طَلَبِهِ، فَيَكُونُ فِي طَلَبِهِ وَلَا يَشْتَغِلُ بِعَمَلٍ آخَرَ حَتَّى يَجِدَهُ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ.
وَفِي الْجَوْهَرَةِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَلْحَقَهُ الْمُرْسِلُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ قَبْلَ انْقِطَاعِ الطَّلَبِ وَالتَّوَارِي (قَوْلُهُ: أَوْ دَعْوَى لَا اعْتِقَادًا كَالْكِتَابِيِّ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَتَوْضِيحُهُ مَا قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ لِلسَّرَخْسِيِّ شَرْطُنَا تَسْمِيَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْخُلُوصِ وَأَنْ يَتَحَقَّقَ ذَلِكَ مِمَّنْ يُعْتَقَدُ تَوْحِيدُهُ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ أَوْ يَظْهَرُ ذَلِكَ وَهُوَ مُسْلِمٌ أَوْ كِتَابِيٌّ فَأَمَّا الْمَجُوسِيُّ يَدَّعِي الِاثْنَيْنِ لَا تَصِحُّ مِنْهُ تَسْمِيَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْخُلُوصِ فَلِهَذَا لَا تَحِلُّ ذَبِيحَةُ الْمَجُوسِيِّ وَصَيْدُهُ وَيَحِلُّ مِنْ الْكِتَابِيِّ لِتَسْمِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى ظَاهِرًا وَإِنْ أَضْمَرَ غَيْرَهُ وَهُوَ مَا يَعْتَقِدُونَهُ مَعْبُودًا لَهُمْ؛ لِأَنَّ النَّصَارَى يَقُولُونَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا