حَلَالٌ وَذَبْحُهُ بِلَا دَلَالَةِ مُحْرِمٍ وَأُمِرَ بِهِ حَلَالٌ دَخَلَ الْحَرَمَ) .
قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَمَنْ دَخَلَ الْحَرَمَ بِصَيْدٍ إلَى آخِرِهِ وَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ وَهُوَ حَلَالٌ حَتَّى يَظْهَرَ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّ فِي الْمُحْرِمِ لَا يَتَوَقَّفُ وُجُوبُ الْإِرْسَالِ عَلَى دُخُولِ الْحَرَمِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِرْسَالُ بِمُجَرَّدِ الْإِحْرَامِ بِالِاتِّفَاقِ وَلِهَذَا قُلْت حَلَالٌ دَخَلَ الْحَرَمَ (بِصَيْدٍ فِي يَدِهِ) أَيْ يَدِهِ الْحَقِيقِيَّةِ الَّتِي هِيَ الْجَارِحَةُ حَتَّى إذَا كَانَ فِي رَحْلِهِ أَوْ قَفَصِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِرْسَالُ ذَكَرَهُ تَاجُ الشَّرِيعَةِ (أَرْسَلَهُ) أَيْ عَلَيْهِ أَنْ يُرْسِلَهُ
(وَرَدَّ بَيْعَهُ) أَيْ الْبَيْعَ الَّذِي أَتَى بِهِ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي الْمَحْرَمِ (إنْ بَقِيَ) فِي يَدِ الْمُشْتَرِي (وَإِلَّا جَزَى) أَيْ أَعْطَى قِيمَتَهُ (كَبَيْعِ الْمُحْرِمِ صَيْدَهُ) أَيْ يَرُدُّ الْمُحْرِمُ الْبَيْعَ إنْ كَانَ قَائِمًا وَتَجِبُ الْقِيمَةُ إنْ كَانَ فَائِتًا سَوَاءٌ بَاعَهُ مِنْ مُحْرِمٍ أَوْ حَلَالٍ (لَا صَيْدًا) عَطْفٌ عَلَى ضَمِيرِ أَرْسَلَهُ (فِي بَيْتِهِ أَوْ قَفَصٍ مَعَهُ إنْ أَحْرَمَ) أَيْ إنْ أَحْرَمَ وَفِي بَيْتِهِ أَوْ قَفَصِهِ صَيْدٌ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُرْسِلَهُ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يُنَافِي مَالِكِيَّةَ الصَّيْدِ وَمُحَافَظَتَهُ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَإِنْ صِيدَ فِيهَا صَارَ صَيْدَ الْحَرَمِ فَيَجِبُ تَرْكُ التَّعَرُّضِ لَهُ
(أَرْسَلَ صَيْدًا فِي يَدِ مُحْرِمٍ إنْ أَخَذَهُ حَلَالٌ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا، قَتَلَ مُحْرِمٌ صَيْدَ مِثْلِهِ يُجْزِي كُلٌّ) لِأَنَّ الْآخِذَ مُتَعَرِّضٌ لِلصَّيْدِ بِتَفْوِيتِ الْأَمْنِ وَالْقَاتِلُ مُقَرِّرٌ لِذَلِكَ وَالتَّقْرِيرُ كَالِابْتِدَاءِ فِي حَقِّ التَّضْمِينِ كَشُهُودِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ إذَا رَجَعُوا (وَيَرْجِعُ آخِذُهُ عَلَى قَاتِلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ بِالْقَتْلِ جَعَلَ فِعْلَ الْآخِذِ عِلَّةً، فَيَكُونُ فِي مَعْنَى مُبَاشَرَةِ عِلَّةِ الْعِلَّةِ فَيُحَالُ بِالضَّمَانِ إلَيْهِ
(مَا بِهِ دَمٌ عَلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَذَبْحُهُ بِلَا دَلَالَةٍ) شُرِطَ أَنْ لَا يَكُونَ دَالًّا عَلَى الصَّيْدِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَقِيلَ لَا يَحْرُمُ بِالدَّلَالَةِ قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ (قَوْلُهُ: حَتَّى إذَا كَانَ فِي رَحْلِهِ أَوْ فِي قَفَصِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِرْسَالُ ذَكَرَهُ تَاجُ الشَّرِيعَةِ) أَقُولُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ جَزْمُهُ بِعَدَمِ الْإِرْسَالِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ فِيمَا إذَا كَانَ الْقَفَصُ لَيْسَ فِي يَدِهِ الْحَقِيقِيَّةِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي يَدَيْهِ الْحَقِيقِيَّةِ فَيُمْكِنُ أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ الْخِلَافُ الْجَارِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ وَهِيَ مَا إذَا أَحْرَمَ وَفِي بَيْتِهِ أَوْ قَفَصِهِ صَيْدٌ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ أَفَادَ ضَعْفَ الْقَوْلِ بِلُزُومِ الْإِرْسَالِ فِيمَا إذَا كَانَ الْقَفَصُ فِي يَدَيْهِ حَيْثُ قَالَ، وَمَنْ أَحْرَمَ وَفِي بَيْتِهِ أَوْ قَفَصٍ مَعَهُ صَيْدٌ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُرْسِلَهُ، وَقِيلَ إذَا كَانَ الْقَفَصُ فِي يَدِهِ لَزِمَهُ إرْسَالُهُ لَكِنْ عَلَى وَجْهٍ لَا يَضِيعُ اهـ، وَكَذَلِكَ فِي التَّبْيِينِ وَجَعَلَ فِي الْبَحْرِ حُكْمَ دَاخِلِ الْحَرَمِ بِالصَّيْدِ كَالْحُكْمِ فِيمَنْ أَحْرَمَ فَقَالَ قَوْلُهُ: أَيْ فِي الْكَنْزِ، وَمَنْ دَخَلَ الْحَرَمَ بِصَيْدٍ أَرْسَلَهُ أَرَادَ بِهِ مَا إذَا دَخَلَ بِهِ وَهُوَ مُمْسِكٌ لَهُ بِيَدِهِ الْجَارِحَةِ؛ لِأَنَّهُ سَيُصَرِّحُ بِأَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ وَفِي بَيْتِهِ أَوْ قَفَصِهِ صَيْدٌ لَا يُرْسِلُهُ فَكَذَلِكَ إذَا دَخَلَ الْحَرَمَ وَمَعَهُ صَيْدٌ فِي قَفَصِهِ لَا فِي يَدِهِ لَا يُرْسِلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا اهـ.
(قَوْلُهُ: أَيْ عَلَيْهِ أَنْ يُرْسِلَهُ) لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ إرْسَالِهِ تَسَيُّبَهُ؛ لِأَنَّ تَسَيُّبَ الدَّابَّةِ حَرَامٌ، بَلْ يُطْلِقُهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَضِيعُ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ بِهَذَا الْإِرْسَالِ حَتَّى لَوْ خَرَجَ إلَى الْحِلِّ فَلَهُ أَنْ يُمْسِكَهُ، وَلَوْ أَخَذَهُ إنْسَانٌ يَسْتَرِدُّهُ وَأَطْلَقَ فِي الصَّيْدِ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ مِنْ الْجَوَارِحِ أَوْ لَا فَلَوْ دَخَلَ الْحَرَمَ وَمَعَهُ بَازِي فَأَرْسَلَهُ فَقَتَلَ حَمَامَ الْحَرَمِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْبَحْرِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ
(قَوْلُهُ: وَرَدَّ بَيْعَهُ. . . إلَخْ) لَا فَرْقَ فِي لُزُومِ رَدِّ الْبَيْعِ بَيْنَ أَنْ يَبِيعَهُ فِي الْحَرَمِ أَوْ بَعْدَمَا أَخْرَجَهُ مِنْهُ فَبَاعَهُ خَارِجَ الْحَرَمِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِالْإِدْخَالِ مِنْ صَيْدِ الْحَرَمِ وَلَا يَخْلُ إخْرَاجُهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ إشَارَةٌ بِقَوْلِهِ رَدَّ الْبَيْعَ إلَى أَنَّهُ فَاسِدٌ لَا بَاطِلٌ. اهـ.
قُلْت وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْكَافِي بِقَوْلِهِ فَإِنْ بَاعَ الصَّيْدَ بَعْدَمَا أَدْخَلَهُ فِي الْحَرَمِ فَسَدَ الْبَيْعُ اهـ، وَكَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ الْبَيْعُ فَاسِدٌ لِمَكَانِ النَّهْيِ
(قَوْلُهُ: أَرْسَلَ صَيْدًا فِي يَدِ مُحْرِمٍ إنْ أَخَذَهُ حَلَالٌ ضَمِنَ) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ وَلَهُ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ تَرْكُ التَّعَرُّضِ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِتَفْوِيتِ يَدِهِ الْحَقِيقِيَّةِ لَا مُطْلَقِ يَدِهِ، فَإِنْ ادَّعَيَا الثَّانِيَ مَنَعْنَاهُ أَوْ الْأَوَّلَ سَلَّمْنَاهُ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِإِرْسَالِهِ، وَلَوْ فِي قَفَصٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ هُوَ الْقِيَاسُ، وَقَوْلُهُمَا اسْتِحْسَانٌ، وَهَذَا نَظِيرُ اخْتِلَافِهِمْ فِيمَنْ أَتْلَفَ الْمَعَازِفَ اهـ.
وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا أَرْسَلَهُ مِنْ يَدِهِ الْحَقِيقِيَّةِ، أَمَّا لَوْ أَرْسَلَهُ مِنْ الْحُكْمِيَّةِ فَهُوَ ضَامِنٌ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِنْ أَخَذَهُ مُحْرِمٌ لَا يَضْمَنُ مُرْسِلُهُ، وَهَذَا بِالِاتِّفَاقِ سَوَاءٌ الْيَدُ الْحَقِيقِيَّةُ وَالْحُكْمِيَّةُ لِعَدَمِ مِلْكِهِ بِالْأَخْذِ مُحْرِمًا؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَمْلِكُ الصَّيْدَ بِسَبَبٍ مَا.
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِمْ الْمُحْرِمُ لَا يَمْلِكُ الصَّيْدَ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ الِاخْتِيَارِيَّةِ كَالشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْوَصِيَّةِ، وَأَمَّا السَّبَبُ الْجَبْرِيُّ فَيَمْلِكُهُ بِهِ كَمَا إذَا وَرِثَ الْمُحْرِمُ مِنْ قَرِيبِهِ صَيْدًا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحِيطِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ آخِذُهُ عَلَى قَاتِلِهِ) أَيْ الْمُحْرِمِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ حَلَالًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمُحْرِمُ بِمَا غَرِمَهُ، وَلَوْ لَمْ يَلْزَمْ الْقَاتِلَ شَيْءٌ بِالْقَتْلِ يَلْزَمُهُ مَا قَرَّرَهُ مِنْ الضَّمَانِ عَلَى الْمُحْرِمِ، ثُمَّ إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الْقَاتِلِ أَنْ لَوْ كَفَّرَ بِالْمَالِ، وَأَمَّا إذَا كَفَّرَ بِالصَّوْمِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْقَاتِلِ صَبِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا أَوْ مَجُوسِيًّا فِي ثُبُوتِ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ
(قَوْلُهُ: مَا بِهِ دَمٌ عَلَى