وَ) الْجَزَاءُ (فِي السَّبُعِ لَا يَزِيدُ عَلَى شَاةٍ) وَإِنْ كَانَ أَكْبَرَ مِنْهَا (ثُمَّ لَهُ) أَيْ لِلْمُحْرِمِ (أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ هَدْيًا وَيَذْبَحَهُ بِمَكَّةَ أَوْ طَعَامًا وَيَتَصَدَّقَ عَلَى كُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ لَا أَقَلَّ مِنْهُ، أَوْ يَصُومَ عَنْ طَعَامِ كُلِّ مِسْكِينٍ يَوْمًا وَإِنْ فَضَلَ عَنْ طَعَامِ مِسْكِينٍ) طَعَامُ الْمِسْكِينِ نِصْفُ صَاعٍ وَمَا فَضَلَ يَكُونُ أَقَلَّ مِنْهُ (تَصَدَّقَ بِهِ) أَيْ بِمَا فَضَلَ (أَوْ صَامَ يَوْمًا بَدَلَهُ وَيَجِبُ مَا نَقَصَ بِجَرْحِهِ وَنَتْفِ شَعْرِهِ وَقَطْعِ عُضْوِهِ) أَيْ وَلَوْ جَرَحَ صَيْدًا أَوْ نَتَفَ شَعْرَهُ أَوْ قَطَعَ عُضْوًا مِنْهُ ضَمِنَ مَا نَقَصَ اعْتِبَارًا لِلْبَعْضِ بِالْكُلِّ كَمَا فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ (وَتَجِبُ الْقِيمَةُ) أَيْ قِيمَةِ الصَّيْدِ كَامِلَةً (بِنَتْفِ رِيشِهِ وَقَطْعِ قَوَائِمِهِ) حَتَّى خَرَجَ عَنْ حَيِّزِ الِامْتِنَاعِ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهِ الْأَمْنَ بِتَفْوِيتِ آلَةِ الِامْتِنَاعِ فَيَضْمَنُ جَزَاءَهُ (وَكَسْرِ بَيْضِهِ) أَيْ تَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَةُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْقِيمَةِ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَالْجَزَاءُ فِي السَّبُعِ لَا يَزِيدُ عَلَى شَاةٍ) هَذَا بِاعْتِبَارِ مَا يَجِبُ لِلَّهِ تَعَالَى لِمَا قَالَ قَاضِي خَانْ الصَّيْدُ الْمَمْلُوكُ تَجِبُ قِيمَتُهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ.

وَقَالَ الشَّيْخُ زَيْنٌ يَعْنِي عَلَيْهِ قِيمَتَانِ قِيمَةٌ لِمَالِكِهِ مُطْلَقًا وَقِيمَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى لَا تُجَاوِزُ قِيمَةَ شَاةٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ لَهُ أَيْ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ. . . إلَخْ) إشَارَةً إلَى أَنَّ التَّخْيِيرَ فِي أَحَدِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ لِلْقَاتِلِ لَا لِمَنْ قَوَّمَ الصَّيْدَ الْمَقْتُولَ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ إنْ كَانَ الصَّيْدُ مِمَّا لَا مِثْلَ لَهُ مِنْ النَّعَمِ الْخِيَارُ إلَى الْحُكْمَيْنِ وَفِي مَالِهِ مِثْلُهُ مِنْ النَّعَمِ لَا خِيَارَ فِيهِ لِلْحُكْمَيْنِ وَيَجِبُ عَلَى الْقَاتِلِ مِثْلُ الْمَقْتُولِ، فِي النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ وَحِمَارِ الْوَحْشِ بَقَرَةٌ وَهَكَذَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَيَذْبَحُهُ بِمَكَّةَ) أَيْ بِالْحَرَمِ، وَإِذَا ذَبَحَهُ فِي الْحَرَمِ جَازَ التَّصَدُّقُ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ كَهَدْيِ الْمُتْعَةِ لِوُجُودِ الْقُرْبَةِ بِالْإِرَاقَةِ فِي مَكَانِهَا، وَلَوْ ذَبَحَهُ فِي الْحِلِّ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يُعْطِيَ كُلَّ فَقِيرٍ قَدْرَ قِيمَةِ نِصْفِ صَاعِ بُرٍّ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ اللَّحْمِ مِثْلَ قِيمَةِ الْمَقْتُولِ فَبِهَا وَإِلَّا فَيُكْمِلُ وَلَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ مِنْ الْجَزَاءِ عَلَى مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ وَيَجُوزُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ وَالْمُسْلِمُ أَحَبُّ، وَلَوْ أَكَلَ مِنْ الْجَزَاءِ غَرِمَ قِيمَةَ مَا أَكَلَ كَذَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: أَوْ طَعَامًا وَيَتَصَدَّقُ عَلَى الْمَسَاكِينِ) وَالْإِبَاحَةُ تَكْفِي فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ فِي الْإِطْعَامِ كَالتَّمْلِيكِ صَرَّحَ بِهِ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَلَا يَكْفِي فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَيَجُوزُ دَفْعُ قِيمَةِ نِصْفِ الصَّاعِ لِلْفَقِيرِ قِيَاسًا عَلَى الْفِطْرِ (قَوْلُهُ: لَا أَقَلَّ مِنْهُ) أَيْ لَا يَجْزِيهِ لَوْ دَفَعَ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ صَاعٍ وَيَكُونُ تَطَوُّعًا، وَكَذَا مَا أَعْطَاهُ زَائِدًا عَنْ نِصْفِ صَاعٍ لِفَقِيرٍ وَاحِدٍ وَيَقَعُ الزَّائِدُ تَطَوُّعًا نَصَّ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَا كِتَابٍ.

وَقَالَ الشَّيْخُ زَيْنٌ بَعْدَ نَقْلِ مِثْلِهِ، وَقَدْ حَقَّقْنَا فِي بَابِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُفَرِّقَ نِصْفَ الصَّاعِ عَلَى مَسَاكِينَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَأَنَّ الْقَائِلَ بِالْمَنْعِ الْكَرْخِيُّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ هُنَا خُصُوصًا وَالنَّصُّ هُنَا مُطْلَقٌ فَيَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ فَضَلَ عَنْ طَعَامِ مِسْكِينٍ) الضَّمِيرُ فِيهِ رَاجِعٌ لِلطَّعَامِ وَهُوَ فَاعِلُ فَضَلَ أَيْ فَضَلَ أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ صَاعٍ (قَوْلُهُ: نِصْفِ صَاعٍ) بِالْجَرِّ بَدَلٌ مِنْ طَعَامِ مِسْكِينٍ (قَوْلُهُ: أَوْ صَامَ يَوْمًا بَدَلَهُ) كَذَا الْحُكْمُ لَوْ كَانَ الْجَزَاءُ لَا يَبْلُغُ نِصْفَ صَاعٍ تَخَيَّرَ إنْ شَاءَ تَصَدَّقَ بِهِ وَإِنْ شَاءَ صَامَ يَوْمًا بَدَلَهُ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَغَيْرِهَا وَيَجُوزُ الْجَمْعُ هُنَا بَيْنَ الصَّوْمِ وَالْإِطْعَامِ بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ أَصْلٌ كَالْإِطْعَامِ فِي الْجَزَاءِ، وَأَمَّا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ فَالصَّوْمُ بَدَلٌ عَنْ التَّكْفِيرِ بِالْمَالِ فَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ فِيهَا بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْبَدَلِ لِلتَّنَافِي كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ مَا نَقَصَ بِجَرْحِهِ وَنَتْفِ شَعْرِهِ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ هَذَا إذَا بَرِئَ وَبَقِيَ أَثَرُهُ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ لَا يَضْمَنُ لِزَوَالِ الْمُوجِبِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَلْزَمُهُ صَدَقَةٌ لِلْأَلَمِ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَلَعَ سِنَّهُ أَوْ ضَرَبَ عَيْنَهُ فَابْيَضَّتْ فَنَبَتَ لَهُ سِنٌّ أَوْ زَالَ الْبَيَاضُ، وَذَكَرَ فِي الْعِنَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْبَدَائِعِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الضَّمَانُ بِخِلَافِ جَرْحِ الْآدَمِيِّ إذَا انْدَمَلَ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ حَيْثُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِزَوَالِ الشَّيْنِ اهـ.

وَقَالَ الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ الظَّاهِرُ إطْلَاقُ لُزُومِ أَرْشِ النَّقْصِ. اهـ.

قُلْت يَعْنِي الظَّاهِرَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا حَصَلَ عِنْدَهُ لَا أَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَلِذَا قَالَ أَخُوهُ الشَّيْخُ عُمَرُ صَاحِبُ النَّهْرِ إنَّ كَلَامَ الْبَدَائِعِ هُوَ الْمُنَاسِبُ لِلْإِطْلَاقِ اهـ، وَلَوْ غَابَ لَمْ يَدْرِ مَاتَ أَوْ لَا لَزِمَ كُلُّ الْقِيمَةِ اسْتِحْسَانًا (قَوْلُهُ: وَقَطْعِ عُضْوِهِ) أَيْ يَجِبُ مَا نَقَصَ بِهِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ حَيِّزِ الِامْتِنَاعِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَهُ فَإِنْ أَخْرَجَهُ لَزِمَهُ كُلُّ قِيمَتِهِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ الْإِصْلَاحَ فَإِنْ قَصَدَهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا إذَا خَلَّصَ حَمَامَةً مِنْ سِنَّوْرٍ أَوْ سَبُعٍ أَوْ شَبَكَةٍ أَوْ خَيْطًا مِنْ رِجْلِهِ فَقُطِعَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا فِي كُلِّ فِعْلٍ قَصَدَ بِهِ الْإِصْلَاحَ كَمَا فِي النَّهْرِ عَنْ الدِّرَايَةِ وَإِنْ جَرَحَهُ، ثُمَّ قَتَلَهُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ وَجَبَ قِيمَتُهُ وَسَقَطَ أَرْشُ الْجِرَاحَةِ وَإِنْ كَفَّرَ أَوَّلًا كَفَّرَ ثَانِيًا كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ الْقِيمَةُ بِنَتْفِ رِيشِهِ) أَيْ إذَا كَانَ يَمْتَنِعُ بِهِ الطَّيَرَانُ فَلَوْ كَانَ لَا يَمْتَنِعُ بِهِ كَالنَّعَامَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ النَّقْصَ بِنَتْفِ رِيشِهَا؛ لِأَنَّهَا تَمْتَنِعُ بِجَرْيِهَا مَعَ مُسَاعَدَةِ جَنَاحَيْهَا وَلَمْ أَرَهُ مَنْصُوصًا (قَوْلُهُ: وَقَطْعِ قَوَائِمِهِ) يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَطْعُ كُلِّ الْقَوَائِمِ، بَلْ إذَا قَطَعَ بَعْضَهَا وَفَاتَ بِهِ الِامْتِنَاعُ وَجَبَ الْجَزَاءُ فَلْيُنْظَرْ اهـ، وَإِذَا قَتَلَ الصَّيْدَ بَعْدَمَا أَخْرَجَهُ عَنْ حَيِّزِ الِامْتِنَاعِ قَالَ فِي الْوَجِيزِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا جَزَاءٌ وَاحِدٌ إنْ كَانَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ (قَوْلُهُ: عَنْ حَيِّزِ الِامْتِنَاعِ) الْحَيِّزُ يُشَدَّدُ وَيُخَفَّفُ وَهُوَ الْجِهَةُ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ (قَوْلُهُ: وَكَسْرِ بَيْضِهِ) كَذَا بِشَيِّهِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ، وَكَذَا لَوْ أَلْقَاهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015