ضَمِيرُهُ إلَى الْمُزَكِّي؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ وَقَالَا يَدْفَعُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ مَدْيُونٌ عِنْدَهُمَا، فَإِنَّ الْعَبْدَ إذَا كَانَ كُلُّهُ لَهُ فَأَعْتَقَ بَعْضَهُ كَانَ كُلُّهُ حُرًّا بِلَا دَيْنٍ بَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَيُصَوِّرُ الْمَسْأَلَةَ فِي عَبْدَيْنِ اثْنَيْنِ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ حَتَّى يَتَأَتَّى هَذَا التَّعْلِيلُ وَلَمَّا كَانَ كَوْنُ أَعْتَقَ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ التَّعْلِيلُ وَكَانَ دَلَالَةُ قَوْلِهِ أَعْتَقَ بَعْضَهُ عَلَى الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي غَايَةِ الْخَفَاءِ كَمَا لَا يَخْفَى ذَكَرْتُ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى فِي الْمَتْنِ وَدَلِيلًا لَهَا فِي الشَّرْحِ غَيْرِ مَا ذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ وَالثَّانِيَةَ بِعِبَارَةٍ تَدُلُّ ظَاهِرًا عَلَى الْمَذْكُورَةِ وَدَلِيلًا لَهَا مِثْلُ الْمَذْكُورَةِ فِي الْهِدَايَةِ (وَغَنِيٍّ وَمَمْلُوكِهِ) ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ وَاقِعٌ لِمَوْلَاهُ (وَطِفْلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ غَنِيًّا بِمَالِ أَبِيهِ بِخِلَافِ الْكَبِيرِ

ـــــــــــــــــــــــــــــQمُكَاتَبُ الْغَيْرِ وَهُوَ مَصْرِفٌ بِالنَّصِّ فَلَا يَعْرَى عَنْ الْإِشْكَالِ وَيَحْتَاجُ فِي دَفْعِهِ إلَى تَخْصِيصِ الْمَسْأَلَةِ، فَإِنْ قُرِئَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ فَالْمُرَادُ عَبْدٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِهِ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ فَعَلَيْهِ السِّعَايَةُ لِلِابْنِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الدَّفْعُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَمُكَاتَبِ ابْنِهِ وَكَمَا لَا يَدْفَعُ إلَى ابْنِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ الدَّفْعُ إلَى مُكَاتَبِهِ وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ مَدْيُونٌ لِلِابْنِ، وَإِنْ قُرِئَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَالْمُرَادُ عَبْدٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ أَجْنَبِيَّيْنِ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَيَسْتَسْعِيهِ السَّاكِتُ فَلَا يَجُوزُ لِلسَّاكِتِ الدَّفْعُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَمُكَاتَبِ نَفْسِهِ، وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مَدْيُونٌ وَهُوَ حُرٌّ وَيَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ الْإِنْسَانُ إلَى مَدْيُونِهِ أَمَّا لَوْ اخْتَارَ السَّاكِتُ التَّضْمِينَ كَانَ أَجْنَبِيًّا عَنْ الْعَبْدِ فَيَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ كَمُكَاتَبِ الْغَيْرِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَغَنِيٍّ) أَقُولُ أَيْ يَمْلِكُ نِصَابَ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ فَاضِلًا عَنْ حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ أَوْ يَمْلِكُ مَا يُسَاوِي قِيمَةَ نِصَابِ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ مِنْ أَيِّ مَالٍ كَانَ بِلَا شَرْطِ النَّمَاءِ حَتَّى لَوْ مَلَكَ نِصَابَ سَائِمَةٍ كَخَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ لَا تُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ جَازَ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ وَمَا وَقَعَ فِي الْبَحْرِ خِلَافُ هَذَا فَهُوَ وَهْمٌ حَيْثُ قَالَ وَدَخَلَ تَحْتَ النِّصَابِ الْخَمْسُ مِنْ الْإِبِلِ السَّائِمَةِ، فَإِنْ مَلَكَهَا أَوْ نِصَابًا مِنْ السَّوَائِمِ مِنْ أَيِّ مَالٍ كَانَ لَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ لَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ تُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ لَا وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ مِنْ أَيِّ مَالٍ كَانَ. اهـ.

فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ وَقَدْ ذَكَرَ خِلَافَهُ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ فِي فَنِّ الْمُعَايَاةِ فَقَدْ نَاقَضَ نَفْسَهُ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ شُرَّاحِ الْهِدَايَةِ صَرَّحَ بِمَا ادَّعَاهُ مِمَّنْ اطَّلَعْت عَلَيْهِ بَلْ عِبَارَتُهُمْ مُفِيدَةٌ جَوَازَ الدَّفْعِ لِمَنْ مَلَكَ نِصَابَ سَائِمَةٍ لَا تَبْلُغُ قِيمَتُهَا نِصَابًا غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى مَنْ مَلَكَ نِصَابًا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ النُّقُودِ أَوْ السَّوَائِمِ أَوْ الْعَرْضِ. اهـ.

فَأَوْهَمَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ مَدْفُوعٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْعِنَايَةِ سَوَاءٌ كَانَ. . . إلَخْ مُقَيَّدٌ تَقْدِيرُ النِّصَابِ بِالْقِيمَةِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْعَرْضِ أَوْ السَّوَائِمِ لِمَا أَنَّ الْعُرُوضَ لَيْسَ نِصَابُهَا إلَّا مَا يَبْلُغُ قِيمَتُهُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ مِقْدَارُ النِّصَابِ فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ وَاسْتَدَلَّ لَهُ فِي الْكَافِي بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ سَأَلَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ فَقَدْ سَأَلَ النَّاسَ إلْحَافًا قِيلَ وَمَا الَّذِي يُغْنِيهِ قَالَ مِائَتَا دِرْهَمٍ أَوْ عَدْلُهَا. اهـ.

فَقَدْ شَمَلَ الْحَدِيثُ اعْتِبَارَ السَّائِمَةِ بِالْقِيمَةِ لِإِطْلَاقِهِ وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ الْغَنِيُّ الَّذِي يُحَرِّمُ الصَّدَقَةَ وَيُوجِبُ صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَالْأُضْحِيَّةِ هُوَ أَنْ يَمْلِكَ مَا يَبْلُغُ قِيمَتُهُ مِائَتِي دِرْهَمٍ مِنْ الْأَمْوَالِ الْفَاضِلَةِ عَنْ حَاجَتِهِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ قِيلَ وَمَا الْغَنِيُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ» . اهـ.

وَقَدْ نَصَّ عَلَى اعْتِبَارِ قِيمَةِ السَّوَائِمِ فِي عِدَّةِ كُتُبٍ مِنْ غَيْرٍ (وَإِنْ) ذُكِرَ خِلَافٌ فِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ كَمَا ذَكَرْنَا وَفِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَنَظْمِ ابْنُ وَهْبَانَ وَشَرْحِهِ لَهُ وَفِي شَرْحِهِ لِابْنِ الشِّحْنَةِ.

وَفِي الذَّخَائِرِ الْأَشْرَفِيَّةِ.

وَفِي الْجَوْهَرَةِ قَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ إذَا كَانَ لَهُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ قِيمَتُهَا أَقَلُّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ تَحِلُّ لَهُ الزَّكَاةُ وَتَجِبُ عَلَيْهِ وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ نِصَابُ النَّقْدِ مِنْ أَيِّ مَالٍ كَانَ بَلَغَ نِصَابًا أَيْ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ لَمْ يَبْلُغْ. اهـ. مَا نَقَلَهُ عَنْ الْمَرْغِينَانِيِّ

(تَنْبِيهٌ) : قَيَّدْنَا بِكَوْنِ النِّصَابِ فَاضِلًا عَنْ الْحَاجَةِ تَبَعًا لِلْكَمَالِ وَغَيْرِهِ حَيْثُ قَالَ وَالشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ فَاضِلًا عَنْ الْحَاجَةِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ نِصَابٌ لَيْسَ نَامِيًا وَهُوَ مُسْتَغْرَقٌ بِحَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ فَيَجُوزُ الدَّفْعُ إلَيْهِ كَمَا قَدَّمْنَا فِيمَنْ يَمْلِكُ كُتُبًا تُسَاوِي نُصُبًا وَهُوَ عَالِمٌ يَحْتَاجُ إلَيْهَا أَوْ هُوَ جَاهِلٌ لَا حَاجَةَ لَهُ بِهَا. اهـ. قُلْت إلَّا أَنَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ هُوَ جَاهِلٌ لَا حَاجَةَ لَهُ بِهَا نَظَرًا؛ لِأَنَّهُ عَطَفَهُ عَلَى مَنْ يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَيْهِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ لَكِنَّهُ لَمَّا أَحَالَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ مُفِيدٌ أَنَّ الْجَاهِلَ لَا يَكُونُ مُصَرِّفًا بِمِلْكِهِ كُتُبًا عُلِمَ حُكْمُهُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي هَذَا تَسَامُحٌ (قَوْلُهُ وَمَمْلُوكِهِ) أَقُولُ الْمُرَادُ غَيْرُ الْمُكَاتَبِ، وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى تَصْرِيحِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ شُمُولَ الْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمِلْكَ وَاقِعٌ لِمَوْلَاهُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى جَوَازِ الدَّفْعِ لَهُ إذَا كَانَ مَأْذُونًا مَدْيُونًا بِمَا يُحِيطُ بِكَسْبِهِ وَرَقَبَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ فَقَالَ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَوْلَى يَمْلِكُ إكْسَابَهُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ لَا يَمْلِكُ فَصَارَ كَالْمُكَاتَبِ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ إذَا كَانَ الْعَبْدُ زَمِنًا وَلَيْسَ فِي عِيَالِ مَوْلَاهُ وَلَا يَجِدُ شَيْئًا يَجُوزُ وَكَذَا إذَا كَانَ مَوْلَاهُ غَائِبًا رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَطِفْلِهِ) لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ فِي عِيَالِ الْأَبِ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الصَّحِيحِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْكَبِيرِ) أَقُولُ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَّاحِ وَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ فَقَالَ وَهَكَذَا حُكْمُ الْبِنْتِ الْكَبِيرَةِ إلَّا أَنَّهُ عَقَّبَهُ فِيهَا بِقَوْلِهِ.

وَفِي الْفَتَاوَى إذَا دَفَعَ إلَى ابْنَةِ الْغَنِيِّ الْكَبِيرَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015