(وَيُسْرَعُ بِهَا لَا خَبَبًا) أَيْ يَمْشُونَ بِهَا مُسْرِعِينَ بِلَا عَدْوٍ
(وَكُرِهَ الْجُلُوسُ قَبْلَ وَضْعِهَا عَنْ الْأَكْتَافِ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ تَبِعَ الْجِنَازَةَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى تُوضَعَ»
(وَنُدِبَ الْمَشْيُ خَلْفَهَا) لِمَا رَوَيْنَا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْجِنَازَةُ مَتْبُوعَةٌ» وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الِاتِّعَاظِ بِهَا وَالتَّعَاوُنِ فِي حَمْلِهَا إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ (وَيُلْحَدُ الْقَبْرُ وَلَا يُشَقُّ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اللَّحْدُ لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا» (إلَّا فِي أَرْضٍ رَخْوَةٍ) فَلَا بَأْسَ بِالشَّقِّ وَاِتِّخَاذُ تَابُوتٍ مِنْ حَجَرٍ أَوْ حَدِيدٍ وَيُفْرَشُ فِيهِ التُّرَابُ (وَيُدْخَلُ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ وَيَقُولُ وَاضِعُهُ بِسْمِ اللَّهِ) أَيْ وَضَعْنَاك مُتَلَبِّسِينَ بِاسْمِ اللَّهِ (وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ) أَيْ سَلَّمْنَاك عَلَى مِلَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَيُوَجَّهُ إلَيْهَا) أَيْ الْقِبْلَةِ إذْ بِهِ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَيَحِلُّ الْعُقْدَةَ الَّتِي عَلَى الْكَفَنِ) لِخَوْفِ الِانْتِشَارِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِهِ وَلِلْأَمْنِ مِنْ الِانْتِشَارِ (وَيُسَوَّى اللَّبِنُ وَالْقَصَبُ لَا الْخَشَبُ وَالْآجُرُّ وَجُوِّزَ فِي أَرْضٍ رَخْوَةٍ) كَذَا فِي الْكَافِي (وَيُسَجَّى قَبْرُهَا لَا قَبْرُهُ) لِأَنَّ مَبْنَى حَالِهِنَّ عَلَى الِاسْتِتَارِ بِخِلَافِهِمْ (وَيُهَالُ التُّرَابُ عَلَيْهِ) لِلتَّوَارُثِ (وَيُسَنَّمُ الْقَبْرُ وَلَا يُرَبَّعُ وَلَا يُجَصَّصُ) لِلنَّهْيِ عَنْهُمَا
(وَلَا يُخْرَجُ) الْمَيِّتُ (مِنْهُ) أَيْ الْقَبْرِ (إلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ مَغْصُوبَةً أَوْ أُخِذَتْ بِالشُّفْعَةِ) وَطَلَبَ الْمَالِكُ فَحِينَئِذٍ يُخْرَجُ (مَاتَ فِي سَفِينَةٍ يُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُرْمَى بِهِ فِي الْبَحْرِ) كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ
(مَاتَتْ حَامِلٌ وَوَلَدُهَا حَيٌّ تُشَقُّ بَطْنُهَا) مِنْ جَنْبِهَا الْأَيْسَرِ (وَيُخْرَجُ وَلَدُهَا) كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَفِيهَا أَيْضًا وَيُسْتَحَبُّ فِي الْقَتِيلِ وَالْمَيِّتِ دَفْنُهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فِي مَقَابِرِ أُولَئِكَ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ نُقِلَ قَبْلَ الدَّفْنِ إلَى قَدْرِ مِيلٍ أَوْ مِيلَيْنِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَكَذَا لَوْ مَاتَ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَيُسْرِعُ بِهَا لَا خَبَبًا) حَدُّهُ أَنْ لَا يَضْطَرِبَ الْمَيِّتُ عَلَى الْجِنَازَةِ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُسْرِعَ تَجْهِيزَهُ كُلَّهُ
(قَوْلُهُ: وَنُدِبَ الْمَشْيُ خَلْفَهَا. . . إلَخْ) هُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْمَشْيِ أَمَامَهَا كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَكَانَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَمْشِي خَلْفًا وَقَالَ: إنَّ فَضْلَ الْمَاشِي خَلْفَهَا عَلَى الْمَاشِي أَمَامَهَا كَفَضْلِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ عَلَى النَّافِلَةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا نَائِحَةٌ أَوْ صَائِحَةٌ زُجِرَتْ، فَإِنْ لَمْ تَنْزَجِرْ فَلَا بَأْسَ بِالْمَشْيِ مَعَهَا وَلَا تُتْرَكُ السُّنَّةُ بِمَا اُقْتُرِنَ بِهَا مِنْ الْبِدْعَةِ وَيُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ وَيَذْكُرُ فِي نَفْسِهِ وَقَدْ جَاءَ سُبْحَانَ مَنْ قَهَرَ عِبَادَهُ بِالْمَوْتِ وَتَفَرَّدَ بِالْبَقَاءِ سُبْحَانَ الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَلَا يَرْجِعُ قَبْلَ الدَّفْنِ بِلَا إذْنِ أَهْلِهِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَيُلْحَدُ الْقَبْرُ) أَيْ بَعْدَ عُمْقِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي عُمْقِهِ قِيلَ نِصْفُ الْقَامَةِ وَقِيلَ إلَى الصَّدْرِ، وَإِنْ زَادَ فَحَسَنٌ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ: وَيُسَنَّمُ الْقَبْرُ) صَرَّحَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ بِوُجُوبِ التَّسْنِيمِ.
وَفِي الْمُجْتَبَى بِاسْتِحْبَابِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَلَا يُجَصَّصُ) قَالَ فِي الْبُرْهَانِ يَحْرُمُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ لِلزِّينَةِ وَيُكْرَهُ لِلْأَحْكَامِ بَعْدَ الدَّفْنِ لَا الدَّفْنُ فِي مَكَان بُنِيَ فِيهِ قِبْلَةٌ لِعَدَمِ كَوْنِهِ قَبْرًا حَقِيقَةً بِدُونِهِ وَيُعْلَمُ بِعَلَامَتِهِ. اهـ. وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى الْكِتَابَةِ حَتَّى لَا يَذْهَبَ الْأَثَرُ لَا وَيُمْتَهَنُ فَلَا بَأْسَ بِهِ فَأَمَّا الْكِتَابَةُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَلَا كَذَا فِي الْبَحْرِ وَيُكْرَهُ الدَّفْنُ فِي الْأَمَاكِنِ الَّتِي تُسَمَّى فَسَاقِيَّ وَلَا يُدْفَنُ صَغِيرٌ وَلَا كَبِيرٌ فِي الْبَيْتِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْأَنْبِيَاءِ بَلْ يُنْقَلُ إلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ كَذَا فِي الْفَتْحِ
(قَوْلُهُ: وَلَا يُخْرَجُ مِنْهُ) أَيْ الْقَبْرِ يَعْنِي بَعْدَمَا أُهِيلَ عَلَيْهِ التُّرَابُ لِلنَّهْيِ الْوَارِدِ عَنْ نَبْشِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ صَرَّحُوا بِحُرْمَتِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ مَغْصُوبَةً) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: يُخْرَجُ لِحَقِّ صَاحِبِهَا إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ سَوَّاهُ مَعَ الْأَرْضِ وَانْتَفَعَ بِهَا زِرَاعَةً وَغَيْرَهُ وَلَيْسَ مِنْ الْغَصْبِ مَا إذَا دُفِنَ فِي قَبْرٍ حَفَرَهُ الْغَيْرُ لِيَدْفِنَ فِيهِ فَلَا يُنْبَشُ وَلَكِنْ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْحَفْرِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَأَشَارَ بِكَوْنِ الْأَرْضِ مَغْصُوبَةً إلَى جَوَازِ نَبْشِهِ لِحَقِّ الْآدَمِيِّ كَمَا إذَا سَقَطَ مَتَاعُهُ أَوْ كُفِّنَ بِثَوْبٍ مَغْصُوبٍ أَوْ دُفِنَ مَعَهُ مَالُ إحْيَاءٍ لَحِقَ الْمُحْتَاجَ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَلَوْ وُضِعَ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ أَوْ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ أَوْ جَعَلَ رَأْسَهُ مَوْضِعَ رِجْلَيْهِ وَأُهِيلَ التُّرَابُ لَمْ يُنْبَشْ وَإِلَّا فَعَلَ بِهِ السُّنَّةَ وَلَوْ بَلِيَ الْمَيِّتُ وَصَارَ تُرَابًا جَازَ دَفْنُ غَيْرِهِ فِي قَبْرِهِ وَزَرْعُهُ وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ: مَاتَ فِي سَفِينَةٍ. . . إلَخْ) الْمُرَادُ إنْ كَانَ الْبَرُّ بَعِيدًا وَخِيفَ الضَّرَرُ وَعَنْ أَحْمَدَ يُثَقَّلُ إنْ شَبَّ وَعَنْ الشَّافِعِيَّةِ كَذَلِكَ إنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ وَإِلَّا شُدَّ بَيْنَ لَوْحَيْنِ لِيَقْذِفَهُ الْبَحْرُ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَالْبُرْهَانِ
(قَوْلُهُ: مَاتَتْ حَامِلٌ إلَى قَوْلِهِ وَكَذَا فِي الْخَانِيَّةِ) أَقُولُ عِبَارَتُهَا امْرَأَةٌ وَمَاتَتْ وَالْوَلَدُ يَضْطَرِبُ فِي بَطْنِهَا قَالَ مُحَمَّدٌ يُشَقُّ بَطْنُهَا وَيُخْرَجُ الْوَلَدُ لَا يَسَعُ إلَّا ذَلِكَ اهـ.
وَنَقَلَ الْكَمَالُ عَنْ التَّجْنِيسِ حَامِلٌ مَاتَتْ وَاضْطَرَبَ فِي بَطْنِهَا شَيْءٌ وَكَانَ رَأْيُهُمْ أَنَّهُ وَلَدٌ حَيٌّ شُقَّ بَطْنُهَا فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا ابْتَلَعَ دُرَّةً فَمَاتَ وَلَمْ يَدَّعِ مَالًا عَلَيْهِ قِيمَةٌ وَلَا يُشَقُّ بَطْنُهُ.
وَفِي الِاخْتِيَارِ جَعَلَ عَدَمَ شَقِّ بَطْنِهِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ وَرَوَى الْجُرْجَانِيِّ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُشَقُّ لِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَمُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الظَّالِمِ الْمُتَعَدِّي اهـ. ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ وَهَذَا أَوْلَى وَالْجَوَابُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ ذَلِكَ الِاحْتِرَامَ يَزُولُ بِتَعَدِّيهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ نُقِلَ قَبْلَ الدَّفْنِ إلَى قَدْرِ مِيلٍ. . . إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى كَرَاهَةِ نَقْلِهِ إلَى مَا فَوْقَ مِيلَيْنِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نَبْشُهُ وَنَقْلُهُ بَعْدَ الدَّفْنِ وَهُوَ بِالْإِجْمَاعِ إلَّا لِحَقِّ الْغَيْرِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَاتَّفَقَتْ كَلِمَةُ الْمَشَايِخِ فِي امْرَأَةٍ دُفِنَ ابْنُهَا وَهِيَ غَائِبَةٌ فِي غَيْرِ بَلَدِهَا فَلَمْ تَصْبِرْ وَأَرَادَتْ نَقْلَهُ أَنَّهُ لَا يَسَعُهَا ذَلِكَ فَتَجْوِيزُ شَوَاذِّ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ