المطلب الثاني عنايته بالنحو

كثيرا، وينتفع منهم، وينقل الكثير من أقوالهم، سواء ذكر أنّ هذه الأقوال لهم، أم لم يذكر ذلك، بل حتى إنه لا يشير إليهم بمجرد إشارة، وكانت طريقته على النحو الآتي:

أ-ينقل الأقوال مبينا أصحاب الأقوال: فمثلا عند تفسيره قول الله تعالى: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً} [الرعد:17]، ينقل أقوال العلماء، فيقول: «قال أبو عمرو بن العلاء: أجفأت القدر، إذا غلت فعلاها الزبد، فإذا سكنت لم يبق منه شيء. وقال أبو عبيد الهروي: جفا الوادي، وأجفأ: إذا ألقى غثاء على جانبيه، وأجفأت القدر: إذا ألقت زبدها» (?).

ب-ينقل أقوال العلماء، ولا يبين أصحاب الأقوال، وإنما يذكر أن هذه الأقوال ليست له بل هي أقوال لغيره بقوله: «قيل». والأمثلة على ذلك كثيرة، منها ما جاء في تفسيره قول الله تعالى: {يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} [الأنبياء:104]، ففسره هو بأنه الصك يطوى، ثم جاء بقول غير منسوب لأحد، لكنه بيّنه بأنه منقول عن أحدهم، فقال:

«وقيل: السجل: الوراق الكاتب» (?).

ج-يذكر معاني للكلمات وهي أقوال لعلماء سابقين له وموجودة في كتبهم من غير أن يشير إلى ذلك، وأمثلتها كثيرة، ومنها ما جاء في تفسير قول الله تعالى: {وَاِسْتَعْمَرَكُمْ فِيها} [هود:61]، فيقول: «ويحتمل من قوله: أعمرته الدار، أي: جعلتها له مدة عمره، وهي العمرى» (?)، وهذا القول بنصه تقريبا في كتاب الغريبين لأبي عبيد، لكنه لم يشر إلى ذلك.

وكذلك عند تفسيره قول الله تعالى: {أَوْزِعْنِي} [النمل:19]، يقول: «ألهمني واجعلني مولعا بشكرك وبالعمل الصالح، وفي الحديث: «كان موزعا بالسواك»، أي مولعا به» (?). وهذا القول موجود بنصه في كتاب الغريبين (?)، وغريب القرآن لابن قتيبة (?).

وقد انتقيت هذه الأمثلة لأنه استشهد بأقوال أصحابها كثيرا، وذكر أنها لهم، وأخذ عنهم أقوالا كثيرة من غير أن يذكر أنها لهم.

المطلب الثاني

عنايته بالنحو

الألفاظ قوالب المعاني، والمعاني تتغير تبعا لتغير حركات الإعراب، فالموقع الإعرابي للكلمة يحدد معنى السياق اللغوي، ومن عناية المؤلف رحمه الله تعالى بالعربية، اهتمامه بالإعراب في تفسير كلمات القرآن، وقد جاءت عنايته بالشكل الآتي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015