إنّما سألتك لتخبرني، قال: فهي أيّام سمّاها الله تعالى في كتابه، وهو أعلم بها، أكره أن أقول في كتاب الله ما لا أعلم، قال ابن أبي مليكة: فضرب الدهر ضربة، فجلست إلى سعيد بن المسيّب، سئل عن المسألة، فلم يدر ما يقول، فقلت له: ألا أخبرك بما شهدته من ابن عباس؟ ثمّ ذكرته له، فسرّى ذلك عنه، وقال: هذا ابن عباس قد اتّقى أن يقول فيها وهو أعلم منّي». فيقول في سورة السجدة: «وهذه الرواية مخالفة لما سبق عن ابن عباس في هذا الباب، فإن صحت فيحمل:

أنه فسّر هذه الآية لتوقيف، أو لدلالة قامت له. ويحتمل: أن ما سبق قوله الأول، وهذا قوله الثاني استفاده من عليّ أو أبيّ أو غيرهما، أو فتح عليه بالإلهام، وأدركته دعوة النبي عليه السّلام: «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل» (?)».

يمكن القول بأن المؤلف رحمه الله تعالى قد أكثر بالأخذ بأقوال الصحابة، ولكن لم يمحص هذه الأقوال تمحيصا تامّا، فذكر الصحيح منها والضعيف والموضوع، كما أنه أورد الإسرائيليات على ألسنة الصحابة، التي تجعل القارئ يحذر كثيرا من مثل هذه الأقوال.

ثانيا-أقوال التابعين:

يعدّ تفسير التابعين من قبيل التفسير بالمأثور، ويشمل التفسير بالمأثور ما جاء في القرآن نفسه من البيان والتفصيل لبعض آياته، وما نقل عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وما نقل عن الصحابة رضوان الله عليهم، وما نقل عن التابعين من كل ما هو بيان وتوضيح لمراد الله تعالى من نصوص كتابه الكريم.

والواقع أنّ كثيرا من أقوال التابعين في كثير من القضايا التي لا يمكن أن تكون من أقوالهم، وليس للاجتهاد مجال فيها، من مثل أسباب النزول والنسخ وغيرها، فهذه الأقوال لا بد أن تكون قد أخذت من الصحابة رضوان الله عليهم، هذا إن كان التابعي الذي نقل هذا القول ثقة، فلا يمكن أخذه على أنه كذب، وإن لم يكن مورده فيها. والصحيح أنه يكون من المرسل الذي يقع فيه سقط للصحابي، ويكون حكمه كحكم المرسل في المعاملة والأخذ به. (?)

أما ما كان في مجال الاجتهاد والرأي، فالرأي الراجح في ذلك أنه رأي قابل للصواب والخطأ، وإنما يستأنس به في التفسير، لأنهم قد شاهدوا وعايشوا الصحابة الذين بدورهم شاهدوا النبي صلّى الله عليه وسلّم، وعاصروا التنزيل.

وقد نهج مؤلف درج الدرر رحمه الله تعالى نهجا واسعا في الأخذ بأقوال التابعين، وذكر أقوالهم، وأكثر النقل عنهم، سواء ذكر أن هذه الأقوال لهم أو لم يذكر، وقد اتبع الأساليب الآتية:

1 - أقوال يذكر أصحابها: وهي كثيرة وأكثر نهجه على ذلك، وأمثلته كثيرة منها:

في تفسير قول الله تعالى: {قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ} [يوسف:10]، يقول: «قتادة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015