بكر قد عرفت موضعي من قومي ومكانتي من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فاقبل صدقتي، فأبى أن يقبل منه، ثمّ أتى عمر فأبى أن يقبل منه (?)، ثمّ أتى عثمان فأبى أن يقبل منه، ثمّ مات ثعلبة في خلافة عثمان رضي الله عنه (?).
وترك قتل ثعلبة مع ظهور نفاقه وقوله: {مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً} (61) [الأحزاب:61] إمّا لكراهة تنفير قلوب [المسلمين] (?) ووقوع الفتنة فيما بينهم كما روينا في حديث حذيفة حيث أرادوا الفتك به، وإمّا لأنّه لم يصرّح باسم (?) ثعلبة ولم يعيّنه (?) وهو لم يصرّ [على] (?) صريح كفر بل كان يعتذر ويتضرّع.
وينبغي للمسلم الرّضا بالقسمة وترك الاختيار والتّسليم لله والوفاء بالعهود، فإنّ ثعلبة لو رضي باليسير من الرّزق وترك مطالبة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بما يتمنّاه لما (?) شغل عن الجمع والجماعات، ولو سلّم لله أمره ولم يسمّ الزّكاة أخيّة الجزية لما أعقبه الله في قلبه نفاقا، ولو وفى بعهده لما افتضح في الدّنيا والآخرة.
وفي الآية دلالة أنّ النّذر فيما قبل الملك يصحّ بالإضافة وأنّ النّذر بالقرب (?) يلزم الإنسان ويجب الوفاء به إمّا بإتيان الملفوظ به بعينه وإمّا إتيان المعبّر عنه بالألفاظ المعدولة عن ظاهرها مثل قوله: عليّ أن أذبح ولدي، أو عليّ أن أصرف بثوبي حطيم الكعبة، أو ثوبي في رتاج الكعبة، أو قال الشّيخ الكبير (?): لله عليّ أن أصوم، أو لله عليّ (?) أن أتصدّق بمالي (?).
وأما (?) النّذر في [غير] (?) المباح والمعصية فكفّارته كفّارة يمين. وقوله: عليّ عهد الله، وبرئت من عهد الله، يمين.
وفي الآية دلالة أنّ دفع صدقة الأموال الظّاهرة إلى الإمام، ولولا اشتهار ذلك بين الصّحابة لكان ثعلبة يدفعها إلى الفقراء ويريح نفسه من مذلّة الرّدّ.