{كَافَّةً} [البقرة:208] ذكر أنّ معناه الإسلام، وقال بعد ذلك: «وإذا أريد به الصّلح فالفتحة والكسرة لغتان» (?). وثمّة أمثلة أخرى عند الحديث عن لغات العرب في مبحث (من الظواهر اللغوية) في الفصل الثالث من هذه الدراسة.
5 - كانت عنايته كبيرة بمسائل الصّرف. ولكنّه ظلّ على منهجه البعيد عن الخوض في الخلافات، كما فعل في حديثه عن (أشياء) (?)، إذ اكتفى بتفسير قول الفراء: إنّ أصل (شيء) (شيّئ)، ولم يعرض لغيره. وستأتي أمثلة على عنايته بالظّواهر الصّرفيّة في أثناء الكلام على الظّواهر اللّغوية والصّرفية في الفصل الثالث من هذه الدراسة.
6 - كانت له عناية غير قليلة بالشّواهد الشّعرية، وقد استشهد بها على المسائل النّحويّة والصّرفيّة واللّغويّة، واعتدّ بها. وبعض هذه الشّواهد لشعراء جاهليّين كامرئ القيس والنّابغة الذّبيانيّ، وبعضها لشعراء مخضرمين عاشوا في الجاهليّة والإسلام كحسّان بن ثابت، ولبيد بن ربيعة. وقد عزا بعض هذه الشّواهد إلى قائليها، وترك بعضها من غير عزو. وسنذكر أمثلة على ذلك عند الحديث عن (موقفه من الشّواهد) في الفصل الثاني من هذه الدّراسة بإذن الله.
7 - كانت له عناية أحيانا بحروف المعاني، وقد يفصّل فيها، كما فعل عند قوله تعالى:
{حَتّى تَتَّبِعَ} [البقرة:120]، فذكر أن {(حَتّى)} تدخل في الكلام لثلاثة معان: الغاية نحو (إلى)، والتّعليل نحو (كي)، والعطف بمعنى المبالغة» (?)، ثم شرح بالتّفصيل هذه المعاني الثلاثة وأحكامها (?).
8 - لم يخل الكتاب من عناية بالبلاغة في بعض مواطنه، منها تفصيله القول في المعاني التي يخرج إليها. لفظ الأمر في أثناء كلامه على قوله تعالى: {يا بَنِي إِسْرائِيلَ اُذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} [البقرة:40] إذ قال في حديثه عن قوله: (اذكروا): «ولفظ (افعل) يحتمل عشرة معان منها: الإيجاب كقوله: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} [البقرة:43]، والإرشاد كقوله:
{وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ} [البقرة:282]، والإباحة كقوله: {فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} [الجمعة:10]، والإعجاز كقوله: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} [البقرة:23]، والتّهديد كقوله:
{اِعْمَلُوا ما شِئْتُمْ} [فصّلت:40]، والسّؤال كقوله: {وَاُعْفُ عَنّا وَاِغْفِرْ لَنا} [البقرة:286]، والنّدب كقوله: {فَكاتِبُوهُمْ} [النور:33]، والحثّ على الاعتبار كقوله: {فَانْظُرْ}