لا, ولكن لا تقربها، فجاءت امرأة هلال فقالت: يا نبي الله إن هلال بن أمية شيخ ضعيف هل تأذن لي أخدمه؟ قال: "نعم، ولكن لا يقربنك"، فقالت: يا نبي الله والله ما به حركة لشيء، ما زال يبكي الليل والنهار مذ كان من أمره ما كان.

قال كعب: فلما طال عليَّ البلاء اقتحمت على أبي قتادة حائطه وهو ابن عمي فسلَّمت عليه فلم يرد علي، فقلت: أنشدك الله يا أبا قتادة أتعلم أني أحبّ الله ورسوله؟ فسكت حتى قلتها ثلاثًا، فقال أبو قتادة في الثالثة: الله ورسوله أعلم، فلم أملك نفسي أن بكيت، ثم اقتحمت الحائط خارجًا. حتى إذا مضت خمسون ليلة من حيث نهى النبي -عليه السلام- (?) عن كلامنا صلَّيت على ظهر بيت لنا الفجر، ثم جلست وأنا في المنزلة التي قال الله قد ضاقت علينا الأرض بما رحبت وضاقت علينا أنفسنا، إذ سمعت نداء من ذروة سلع: أن أبشر يا كعب بن مالك، فخررت ساجدًا وعلمت أن الله قد جاءنا بالفرج، ثم جاء رجل يركض على فرس يبشرني، فكان الصوت أسرع من فرسه فأعطيته ثوبي بشارة ولبست ثوبين آخرين، قال: وكانت توبتي نزلت ثلث الليل على النبي (?) -عليه السلام- (?) فقالت أم سلمة: يا رسول الله ألا نبشر كعب بن مالك؟ قال: "إذًا يحطمكم الناس ويمنعونكم النوم سائر الليل"، وكانت أم سلمة محسنة في شأني تحزن بأمري، فانطلقت إلى رسول الله (?) فإذا هو جالس في المسجد وحوله المسلمون وهو يستنير كاستنارة القمر، وكان إذا سرّ بالأمر استنار، فجئت وجلست بين يديه فقال: "أبشر يا كعب بخير يوم أتى عليك مُذْ ولدتك أمك"، فقلت: يا رسول الله، أمن عند الله أم من عندك؟ قال: "بل من عند الله"، ثم قرأ عليه: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} حتى {رَءُوفٌ رَحِيمٌ} وفيها أنزل أيضًا: {اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} فقلت: يا نبي الله إن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقًا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015