اليهود قالوا لرسول الله: أنزل الله عليك كتابًا من السماء؟ قال: "نعم"، قالوا: إن الله لم ينزل كتابًا من السماء ينزل على بشر (?) (?)، وقيل: نزلت في خطاب قريش ثم قرأها على مالك بن الصيف (?)، ويحتمل أنها نزلت في خطاب اليهود وأن الجعل والإبداء والإخفاء خبر عن آبائهم الماضين.
{مُصَدِّقُ} أي: ليصدق الذي بين يديه، و {أُمَّ الْقُرَى} مكة لأن مكة فيها {أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 96] وقيل: لأنها قبلة سائر القرى ومكانتها بإنذار أهلها، {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ} يدل أن الكافر به كافر بالله وباليوم الآخر في الحقيقة فإن الإيمان لا يتبعض.
{وَمَنْ أَظْلَمُ} قال قتادة: نزلت في مسيلمة الكذاب والأسود العنسي (?)، وعن عكرمة أنها في مسيلمة الكذاب وابن أبي سرح، وكان ابن أبي سرح كاتب الوحي (?)، وربما كتب الغفور الرحيم مكان العزيز الحكيم والعزيز الحكيم مكان الغفور الرحيم، ولا ينكر عليه رسول الله لأن الكل قرآن بعضه في بعض (?). وذلك من الله فتنة واستدراج لابن أبي سرح حتى نزل قوله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12)} [المؤمنون: 12] الآية، فجرى على لسانه {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 14]، فقال -عليه السلام-: "اكتب ما جرى على لسانك" فكتب وكان ذلك سبب كفره فارتدّ ولحق بمكة، فقال: إن أنزل إلى محمد قرآن فقد أنزل إلى كذلك وإلا فقد أتيت بمثله، (افتراء) افتعال من الفري وهو القطع، والمفتري يقطع من موهومه شيئًا فيتقوله، {سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} ظنًا منه وغرورًا، وإسناد الإنزال إلى نفسه مجاز، كقولهم: {حَتَّى تُنَزِّلَ