{يَعْلَمُ الله مَا في قُلُوبِهِمْ} إنما أبهم لأنه إن كان نفاقًا فإظهاره (?) يوجب القتل وفيه عنف ومضايقة، وإن كان إيمانًا فإظهاره (?) يوجب قبول العذر ورفع الملام ففيه نوع إخلال بالسياسة، فلذلك أبهم إن شاء الله وردّ حكمهم إلى الإنذار والوعظ {فَأَعْرِضْ} عن عقوبتهم أو عن قبول عذرهم، و (وعظهم) هو لومهم على الفعل المذموم وحثهم على الفعل المحمود. والقول البليغ في أنفسهم تهديدهم بالقتل وسائر العقوبات إن رجعوا إلى مثل فعلهم ليبلغ ذلك القول في نفوسهم كل مبلغ من الإنذار والزجر.
{إِلَّا لِيُطَاعَ} أي: إلا يستحق الطاعة، وكذلك قوله: {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] وتقول المرأة لابنها: لم ألدك إلا لتكبر فتبرَّ بي {بِإِذْنِ اللهِ} بأمره وحكمه {وَلَوْ} تدخل على الأفعال وإنما وليتها هاهنا أنّ المشددة لأنها تنوب عن الاسم والخبر، تقول: ظننت أنك عالم، أي: ظننتك عالمًا. والكناية منهم (?) راجعة إلى المنافقين وإلى أوليائهم. و {إِذْ ظَلَمُوا} ظرف والعامل فيه {جَاءُوكَ} أي: أتوك تائبين {فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ} لذنوبهم {لَوَجَدُوا اللهَ} أي: لأقبل الله عليهم بالتوبة والرحمة.
{فَلَا وَرَبِّكَ} نزلت في خصم الزبير بن العوام من الأنصار كانت بينهما خصومة في شرج من شراج المدينة فاختصما إلى النبي -عليه السلام- فقال: "يا زبير اسق أرضك ثم أرسل إلى جارك" وأوصاه بالمعروف، فلم يرض الخصم بذلك وقال: أن كان ابن عمتك يا رسول الله؟! فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (?) وأمر الزبير باستيفاء حقه واستيعابه غاية الاستيعاب على سبيل المضايقة وقال للزبير: "أمسك الماء حتى يبلغ الجدر" فأنزل الله الآية (?). {فَلَا} نفي لكلام الخصم، أي: ليس كما يزعم، ثم ابتداء القسم