وهناك علماء أعلام غير هؤلاء يطول ذكرهم وذكر مؤلَّفاتهم في إسمهامهم الكبير خدمةً لكتاب الله، وهكذا صرفت العزائم وتبارت الهمم وبذلت قصارى الجهود استيعابًا واستقصاءً، يعمد أصحابها أن يحيطوا بجزئيات القرآن من الناحية التي كتبوا فيها بقدر طاقاتهم البشرية (?).
ثم يصل بنا المقام إلى القرن الخامس حتى ينبري علم من أعلام ذلك العصر وفحل من فحوله شيخ العربية وإمام البلاغيين بلا منازع، المفسِّر عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني فيصنف كتابًا حافلًا في تفسير كلام الله - عَزَ وَجَلَّ - فيضيف بذلك لبنة طيبة مباركة في إكمال بناء التفسير القرآني، فكان بعنوان "درج الدرر في تفسير الآي والسور" تميَّز بسهولته وجزالته، أخذ طابع الإيجاز والاختصار مركزًا على بعض الجوانب النحوية والبلاغية والتفسير الموضوعي بشكل مبسَّط، فاستعنتُ بالله - عَزَ وَجَلَّ - في إخراج هذا الكتاب متناولًا فيه سورتي الفاتحة والبقرة دراسةً وتحقيقًا.
والله أسأل أن يعينني على إخراجه بما يناسب مكانة القرآن العظيم ثم بما يناسب مكانة العالم الجليل عبد القاهر الجرجاني، والله الموفق وعليه التكلان.
...