المنبر، فنظر -عليه السلام- (?) فإذا هو جبريل -عليه السلام- فخرج إليه يمسح الغبار عن وجهه، فقال له جبريل: والله يا محمَّد ما وضع أهل السماء أسلحتهم وقد وضعتم أسلحتكم! اخرج إلى بني قريظة. فقال النبي -عليه السلام- (1): "كيف أصنع بهم وهم في حصنهم؟ " قال: اخرج إليهم والله لأدقنهم بالخيل والرجال كما تدق البيضة على الصفا، ولأخرجنهم من حصنهم.
فنادى رسول الله في الناس يأمرهم بالخروج إلى بني قريظة، وخرج هو بنفسه على مقدمته علي بن أبي طالب، وعلى الميمنة زيد بن حارثة، وعلى الميسرة ثابت بن أثرم الأنصاري، واستخلف على المدينة أبا رهم كلثوم بن الحصين الغفاري.
فلما انتهى إليهم استنزلهم فقال: "انزلوا على حكم الله ورسوله يا إخوة القردة" فنزل أسد وأسيد وثعلبة بنو سعية بن عمرو مسلمين مؤمنين وامتنع الباقون عن النزول، فأرسل رسول الله -عليه السلام- (?) أبا لبابة بن المنذر وقال: "قل لحلفائك ينزلون على حكم الله ورسوله" فأشار إليهم أبو لبابة ووضع يده على حلقه ينذرهم بالذبح إن نزلوا، وقالوا: لا ننزل، فقال رسول الله: "يا أبا لبابة خنت الله ورسوله" قال: نعم يا رسول الله.
وندم على صنيعه فارتبط على سارية من سواري المسجد بضع عشرة ليلة حتى نزلت توبته، فلبثوا خمسًا وعشرين ليلة ثم استنزلهم على حكم سعد بن معاذ فنزلوا وكان سعد بن معاذ حكمًا؛ فحكم بقتل مقاتلتهم وسبي ذراريهم ونسائهم وقسموا أموالهم وقتل سراتهم، وكانوا تسعمائة وخمسين رجلًا، وقيل: أربعمائة وخمسين. وجيء بحيي بن أخطب وعليه مقطعة حمراء فشقها على نفسه مخافة أن يسبى، فأمر رسول الله (?) بضرب عنقه.