خلاف لما أمر به الملك وقبل عليه، فكان آزر يبعث بها فيطاف بها في الأسواق والقرى التي حولهم فيبيعون ويرجعون إليه بالأثمان، ويبعث إبراهيم فينادي بأعلى صوته: من يشتري ما يضره ولا ينفعه؟ ويضرب رؤوسها بقراعة معه ويقول: يا لك غرورًا، ثم يأتي بها إلى النهر فينكس رؤوسها فيقول: ألا تشترين؟ ما رأيت كاليوم أمرًا أعجب! يعبدون ما لا يسمع ولا يبصر ولا ينطق ولا يدري من عبده أو كفر به، فيقول بعضهم ممن يسمع إبراهيم يقول هذا: أرأيت آزر وهو ثقة الملك على هذه الأصنام كيف يبعث بها مع هذا المجنون يقول ما يقول من إظهار عيبها! فبعضهم يقولون: مجنون، وبعضهم يقولون: ضعيف، وبعضهم يقولون: هو صاحب نمرود، قال: وبلغ نمرود كل ما يقول واسمه وحسب له ميلاده فإذا هو يكون في الشهر الذي عرف والذي (?) ذبح عليه الولدان وقد ذبح أكثر من ألف من الولدان، قال: فنظر إبراهيم -عليه السلام-: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (88) فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ (89)} [الصافات: 88 - 90] والسقيم عندهم المطعون، وعرف أنهم يهربون من الطاعون خوفًا من العدوى، فخرجوا من عنده هاربين.
{وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} عن الواقدي عن أشياخه قال: كان آلهتهم العظمى عشرة من نحاس على سرر من ذهب مكللة بالياقوت والزبرجد أعينها أحمر لها لهب كلهب النار لكل واحد منها عينان تتوقدان في الظلمة وسائره ملبس بصفائح الذهب مكلل بالياقوت، فلما دخل عليها إبراهيم -عليه السلام- وجد عندها طعامًا كثيرًا قد وضعوه وشرابًا من خمر فأقبل عليهم {ضَرْبًا بِالْيَمِينِ} [الصافات: 93] أي بيمينه التي حلف بها {لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ}، ويقال: بيمينه أي بيده، وجعل يقول: ألا تأكلون؟ ألا تشربون؟ وهراق ذلك الطعام وجعل يكسرها بفأس، ثم عمد إلى أعظم العشرة الأصنام يقال له براح فعلق الفأس عليه وتركه والفأس معلقة عليه، وكان فعل إبراهيم هذا بهم وافق عيدًا لهم يخرجون إليه يقيمون (?) فيه ثلاثًا يعكفون، فلما