تريني النار، قال: ما إليّ من ذلك شيء ولكني سأطلب فإن قدرت عليه فعلت، فبسط جناحه فحمله عليه حتى صعد به إلى السماء فانتهى إلى باب من أبواب النار فدقَّه، فقيل له: من هذا؟ قال: أنا ملك الموت، قال: مرحبًا بأمين الله هل أمرت فينا بشيء؟ قال: لو أمرت فيكم بشيء لم أناطركم، هذا إدريس استأذنت الله في خلته فأذن لي فسألني أن أريه النار فأحب أن تروها إياه، قال: ففتح منها شيء، قال: فجاءت بأمر عظيم وخرّ إدريس مغشيًا عليه، قال: فحمله ملك الموت فأجلسه في ناحية حتى أفاق وقد ذبل واصفر، فقال له ملك الموت: ما أحببت أن يصيبك هذا في صحبتي ولكنك سألتني فأحببت أن أسعفك.
قال: فإني أسألك حاجة غيرها، قال: ما هي؟ قال: أحب أن تريني الجنة، قال: ما إلى من ذلك شيء ولكني سأطلب فإن قدرت عليه فعلت، فانطلق به إلى خزنة الجنة فدق بابًا من أبوابها فقيل له: من هذا؟ قال: أنا ملك الموت، قالوا: مرحبًا بأمين الله هل أمرت فينا بشيء؟ قال: لو أمرت فيكم بشيء لم أناطركم، ولكن هذا إدريس سألني أن أريه الجنة فأحب أن تروها إياه، قال: ففتح له الباب فدخل فيها فنظر إلى شيء لم ينظر إلى مثله فطاف فيها ساعة، ثم قال له ملك الموت: انطلق بنا فلنخرج، قال: فينطلق إلى شجرة فيتعلق بها ثم يقول: والله لا أخرج حتى يكون الله هو يخرجني، قال له ملك الموت: إنه ليس بحينها ولا زمانها وإنما طلبت إليهم لترى، فأبى.
قال: فقيَّض الله له ملكًا من الملائكة، قال له ملك الموت: اجعل هذا الملك بيني وبينك، قال: نعم، قال: ما تقول يا ملك الموت؟ قال: أقول إني استأذنت الله في خلة إدريس فأذن فهبطت فكنت معه حينًا ثم سألني أن أذيقه الموت فأذقته فأصابه من شدته، ثم سألني أن أريه النار فأُري، صابه من شدتها، ثم سألني أن أريه الجنة فطلبت له فأري فدخلها وإنه أبى أن يخرج فأخبرته أنه ليس بحينها ولا زمانها، قال: ما تقول يا إدريس؟ قال: أقول: إن الله تعالى قال: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: 185] وقد ذقته، ويقول الله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71] أي: النار وقد وردتها، ويقول الله لأهل الجنة: {وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [الحجر: 48] فوالله لا أخرج