والثاني: قوله: {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} [الإسراء: 105]، على هذه القاعدة، والقرآن النازل بالحق إنما هو أمر ونهي دون عذاب، ودعوة داود -عليه السلام- صحيحة أيضًا مستجابة؛ لأنّ عيسى ابن مريم صلوات الله عليه لم يقتل ولم يصلب ولم يمت بعد، وأما في سورة "النمل" عند قوله: {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ} [النمل: 12]، فمشكل جدًا يحتمل أن المراد تسع مع اليد والعصا ويحتمل سوى اليد والعصا ويحتمل سوى العصا (?) وقد اختلفت الروايات عن ابن عباس (?)، وروى عكرمة اليد والعصا والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والسنون ونقص من الأموال والأنفس والثمرات (?) وهو قول الشعبي ومجاهد والكلبي (?)، ولا يبعد أن يكون الجراد مع القمل آية واحدة والسنون مع نقص الثمرات آية واحدة، وروى سعيد بن جبير عنه (?) في قوله: {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} [طه: 40]، جملة الآيات غير محصورة منها اليد والعصا والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم وفلق البحر ونتق الجبل على بني إسرائيل وما آتاهم الله في التيه من المطعم والمشرب والملبس.
{مَسْحُورًا} ساحرًا بدليل سائر النظائر، وقيل: مسحورًا حقيقة لقوله: {إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} [الشعراء: 27].