للعقول أن تهتدي إلى تفاصيلها، وإنما سبيل الوقوف عليها هو الشرع؛ كالصلاة والصيام، والحدود وأنصبة المواريث.
ثم إن العبادات المحضة منها ما يمكن للعقل إدراك علته، ومنها ما لا تدرك علته، وهو ما يسمى بالأمور التعبدية، "ومثالها: تحديد أعداد الركعات في الصلوات الخمس، وتحديد مقادير الأنصبة في الأموال التي تجب فيها الزكاة، ومقادير ما يجب فيها، ومقادير الحدود والكفارات، وفروض أصحاب الفروض في الإرث" (?).
القسم الثاني: العبادات غير المحضة: وضابطها: أنها فعل ذو وجهين؛ إذ يتصور فعلها دون قصد التعبد لله، بل على جهة الاعتياد ونحوه، كما يتصور فعلها على جهة التعبد، فهي إذن كل فعل يتقرب به إلى الله تعالى من غير الطاعات المأمور بها شرعًا.
وإنما يتصور ذلك شرعًا إذا اقترن مع الإتيان بهذه العادة نية صحيحة، أو كانت وسيلة إلى العمل الصالح وعونًا عليه.
مثال ذلك: ما ورد في قوله -تعالى-: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} [التوبة: 120].