ابن أبيّ» (?) ، ويذكر الواقدي بأن الناس راحوا يتحدثون بمقالة ابن أبي وما كان منه، فما هو إلا أن أخذهم السهر والتعب بالمسير «فما نزلوا حتى ما يسمع لقول ابن أبي في أفواههم ذكر» (?) .

وعندما بلغ ابن عبد الله بن أبيّ ما كان من أبيه، قال للرسول صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إنه بلغني إنك تريد قتل عبد الله بن أبيّ فيما بلغك عنه، فإن كنت لا بد فاعلا فمرني به فأنا أحمل إليك رأسه، فو الله لقد علمت الخزرج ما كان بها من رجل أبرّ بوالده مني، وإني أخشى أن تأمر به غيري فيقتله، فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل أبي يمشي في الناس، فأقتله، فأقتل رجلا مؤمنا بكافر فأدخل النار. فأجابه الرسول صلى الله عليه وسلم: بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا!! (?) .

جعل ابن أبي- بعد موقف الرسول المتسامح ذاك- إذا أحدث الحدث كان قومه هم الذين يعاتبونه ويأخذونه ويعنّفونه، وحينئذاك قال الرسول صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: كيف ترى يا عمر؟ أما والله لو قتلته يوم قلت لي اقتله، لأرعدت له أنف لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته! أجاب عمر: قد والله علمت، لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم بركة من أمري (?) !.

أما السهم الآخر الذي وجهته حركة النفاق إلى قلب الجماعة الإسلامية، متمثلا بزوجة نبيهم صلى الله عليه وسلم وابنة صدّيقهم أبي بكر رضي الله عنه. فلنستمع إلى عائشة نفسها وهي تحدثنا: كيف انطلق، وأين استقر، ومن الذي أطلقه، وكيف تم انتزاعه بعد ما نزف من دماء!!

قالت عائشة: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفرا أقرع بين أزواجه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه، فأقرع بيننا في غزاة غزاها فخرج سهمي فخرجت معه بعد ما أنزل الحجاب، فأنا أحمل في هودج وأنزل فيه. فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوته تلك وقفل ودنونا من المدينة، آذن ليلة بالرحيل، فقمت حين آذنوا فمشيت حتى جاوزت الجيش فلما قضيت شأني أقبلت إلى الرحل فلمست صدري فإذا عقد لي من جزع ظفار قد انقطع فرجعت فالتمست

طور بواسطة نورين ميديا © 2015