بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً. يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا (?) .
[3]
لما فشلت محاولات المنافقين (التخذيلية) وخابت آمالهم في هزيمة المسلمين عبر صراعهم الطويل مع الوثنية واليهود، وحقق الرسول صلى الله عليه وسلم انتصارات متتالية حاسمة على كلتا الجبهتين، رأى المنافقون أن يبحثوا عن (أسباب) أخرى لإضعاف جبهة المسلمين وتفكيكها ونشر الفوضى فيها، لكي ينفذوا من خلال ذلك إلى أهدافهم ومطامحهم، فلجؤوا إلى أسلوب التخريب الداخلي ونشر الشائعات الهدامة، معتمدين على تسربهم في صفوف المؤمنين واحتكاكهم المباشر بهم وقدرتهم على التخفّي والانزواء. وفي أعقاب غزوة بني المصطلق (?) أطلق المنافقون على يد زعيمهم ابن أبيّ وعدد من رؤوسهم سهمين فتاكين إلى قلب المجتمع الإسلامي كادا أن ينزفا الكثير من دمه، أحدهما باتجاه الحسّ القبلي الذي لم يكن قد استؤصل بعد، والآخر باتجاه القيم الخلقية التي تميز المجتمع المسلم عن سائر المجتمعات، فيما عرب ب (حديث الإفك) . فلقد حدث- حينذاك- إن ازدحم على بئر هناك غلام من بني غفار لعمر بن الخطاب رضي الله عنه مع غلام جهني من يثرب، فاقتتلا، فصرخ الجهني: يا معشر الأنصار، وصرخ الغفاري: يا معشر المهاجرين!! إلا أن أحدهما ما لبث أن عفا عن الآخر واصطلح الطرفان في أعقاب وساطة عدد من المهاجرين والأنصار (?) .
ورأى عبد الله بن أبي أن ينتهز الفرصة فأظهر غضبه وقال بعصبية: «أوقد فعلوها؟! قد نافرونا وكاثرونا في بلادنا، والله ما أعدنا وجلابيب قريش إلا كما قال الأول (سمّن كلبك يأكلك) !! والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعزّ منها الأذل» ثم أقبل على من حضره من قومه- وفيهم زيد بن أرقم، وكان غلاما حدثا