التبجيل والاحترام لتعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم ولأيدوه وساعدوه بأموالهم وأنفسهم حتى يحطم الأصنام ويقضي على العقائد الوثنية.. ويمضي ولفنسون إلى القول بأن هذه (المسألة) يجب ألا تغرب عن الأذهان لأنها أساس كل ما حدث بين اليهود وبين الرسول من خلاف ونزاع، ولولا وجودها لما حدث شيء من الخلاف، أو لكان في الإمكان أن يتلافى ما قد ينشأ من ذلك. ونلاحظ هنا على معظم المستشرقين أنهم أهملوا هذه النقطة الجوهرية في بحثهم عن أسباب الخلاف بين الرسول صلى الله عليه وسلم واليهود، مع أنه مما لا شك فيه أنه إذا أهملت هذه النقطة فلا سبيل مطلقا للبحث في هذا الموضوع (?) .

وفاتت ولفنسون حقيقة على درجة كبيرة من الأهمية تلك هي أن طبيعة الدعوة الإسلامية المنفتحة على العالم، وانتماء نبيها إلى العرب، وقيام دولتها في قلب المنطقة التي تتحرك فيها مصالح اليهود ونشاطاتهم المختلفة، يشكل بحد ذاته خطرا كبيرا على اليهود في دينهم ودنياهم على السواء، حتى لو لم يدعوا إلى الإسلام، لأن نجاح الإسلام كفيل بحد ذاته بحصر اليهود وعزلتهم وكشفهم أمام العالم، ومن ثم ضرب وجودهم ومصالحهم في الصميم، الأمر الذي دفعهم، بعد وقت قصير من إدراكهم أبعاد هذا الخطر، إلى أن يقفوا إلى جانب الوثنية ويمتدحوا أصنامها بمواجهة التوحيد الذي جاء به الإسلام.. ومن ثم فإن ولفنسون يناقض نفسه عندما يشير إلى انغلاق العقلية اليهودية من جهة وسكوتها، بل تعاونها- لو لم تدع إلى الإسلام- مع هذا الدين الذي جاء لكي (يفضح) المزاعم الدينية التحريفية التي مارسها اليهود طويلا، ولكي ينفتح على الإنسان والعالم ويقضي في طريقه على أسطورة (شعب الله المختار) وما يتمخض عنها لصالح اليهود من مكاسب لا يحصيها عد (?) !!

هذه هي الحقيقة (النقطة الجوهرية) في البحث عن أسباب الخلاف بين الرسول صلى الله عليه وسلم واليهود والتي إذا ما أهملت- دون غيرها- فلا سبيل مطلقا للبحث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015