أصدر الرسول صلى الله عليه وسلم أمره في البدء ببناء المسجد وأسهم بنفسه في العمل جنبا إلى جنب مع المهاجرين والأنصار، وعندما رأى هؤلاء رسولهم الكريم يجهد كما يجهدون نشطوا في أداء المهمة وراحوا ينشدون:

لئن قعدنا والرسول يعمل ... لذاك منا العمل المضلل

لا عيش إلا عيش الآخره.. ... اللهم ارحم الأنصار والمهاجره

فيجيبهم الرسول صلى الله عليه وسلم:

لا عيش إلا عيش الآخره.. ... اللهم ارحم المهاجرين والأنصار (?)

كان أسعد بن زرارة الأنصاري قد بنى- قبيل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم- جدارا حول المربد دونما سقف وجعل قبلته إلى بيت المقدس وراح يصلي فيه بأصحابه حتى مقدم الرسول صلى الله عليه وسلم الذي بدأ بأن أمر أصحابه باقتلاع ما في الباحة من نخيل وأشجار وتصريف ما فيها من ماء آسن وبدأ بناء المسجد باللبن فجعله مربع الشكل طوله مما يلي القبلة إلى مؤخره مائة ذراع وعرضه كذلك وجعل أساسه قريبا من ثلاثة أذرع أقيم اللبن فوقها، وجعل قبلته صوب بيت المقدس وجعل له ثلاثة أبواب، وجيء بجذوع الأشجار ليقام عليها سقف متواضع من جريد رغبة من الرسول صلى الله عليه وسلم في إنجاز العمل بأسرع وقت، وإلى جانب المسجد أقيم عدد من الحجرات سقفت هي الآخرى بجذوع النخل لسكنى الرسول وأهله (?) .

وسرعان ما غدا (المسجد) رمزا لما يتسم به الإسلام من شمولية وتكامل، فقد أصبح مركزا روحيا لممارسة الشعائر وأداء العبادات، ودائرة سياسية عسكرية لتوجيه علاقات الدولة في الداخل والخارج، ومدرسة علمية وتشريعية يجتمع في ساحاتها أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وتدار في باحاتها الندوات وتلقى على منبرها المتواضع التعاليم والكلمات، ومؤسسة اجتماعية يتعلم المسلمون فيها النظام والمساواة ويمارسون التوحد والأخاء والانضباط. ومما لا ريب فيه أن (نقص)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015