الإنسان نفسه إذا ما تيسر له جهاز ينقله عبر الفضاء بسرعة الضوء فإنه سيختزل هذه المدة الشاسعة إلى ما يقرب من خمسين سنة فحسب!!

إن الملائكة والروح المتخفف من أعباء الجسد وشد الأعضاء لا يعجزها أن تفوق في حركتها سرعة الضوء، ومن ثم فهي تعرج الكون كله في طريقها إلى خالق الكون جلّ وعلا في يوم واحد في حساب حركتها الزمنية عبر الكون لا بحسابنا.. ومن ثم ينادي الله في علاه رسوله الكريم وهو يشقى بدعوة أناس يرون يوم الحساب بعيدا كبعد السراب فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلًا. إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً. وَنَراهُ قَرِيباً (?) ، وهذا يقربنا بعض الشيء من فهم حادثتين زمنيتين عرضهما علينا القرآن الكريم في سيرة نبيين من أنبيائه عليهم السلام تكريما لهما وتقديرا: حادثة نقل عرش بلقيس في جزء من اللحظة وحادثة الإسراء والمعراج التي نحن بصددها.

ونحن نقرأ عن الحادثة قالَ يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ. قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ.

قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ. قالَ نَكِّرُوا لَها عَرْشَها نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ. فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ أَهكَذا عَرْشُكِ قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها وَكُنَّا مُسْلِمِينَ (?) .

ألا تلفتنا في هذا العرض عبارات كهذه عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها؟ ثم ألا يثير تساؤلنا تفوق (الإنسان) الذي عنده علم من الكتاب على (العفريت) وتمكنه من اختزال عملية النقل من ست ساعات إلى سدس اللحظة، وربط سليمان إتيانه العلم من قبلها بكونه مسلما، أي منقادا لأمر الله وسننه ونواميسه؟ ثم ألا يعني هذا كله إن منح (علم الكتاب) لرجل أو عفريت أو نبي أو ملك هو اطلاعه على الدستور الرياضي والطبيعي لقوانين الكون ومن ثم تسخيرها إلى أقصى مدى ممكن لتحقيق منجزات زمنية ومكانية تبدو بالمقاييس الراهنة خارقة معجزة؟

إن الناس قبل أن يسخّروا قوى البخار والكهرباء والذرة كانوا يقطعون عدة مئات من الأميال في شهرين أو ثلاثة، ولو قيل لهم آنذاك إن بإمكان الإنسان- لو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015