عطف الصفات

في الأشباه والنظائر 51:4 - 52 من فوائد ابن الزملكاني:

الصفات تارة تنسق بحرف عطف، وتارة تذكر بغيره. ولكل مقام معنى يناسبه فإذا كان المقام مقام تعداد صفات من غير نظر إلى جمع أو انفراد حسن إسقاط حرف العطف، وإن أريد الجمع بين الصفتين، أو التنبيه على تغايرهما عطف بالحرف، وكذلك إذا أريد التنويع لعدم اجتماعهما أتى بالحرف أيضاً.

وفي القرآن الكريم أمثلة تبين ذلك. قال الله تعالى: {عسى ربه إن طلقكن أن يبله أزواجاً خيراً منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا} فأتى بالواو قد توهم التنويع، فحذفت وأما الأبكار فلا يكن ثيبات، والثيبات لا يكن أبكاراً، فأتى بالواو لتضاد النوعين.

وقال تعالى: {حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول}. فأتى بالواو بالوصفين الأولين، وحذفها في الوصفين الآخرين لأن غفران الذنب وقبول التوبة قد يظن أنهما يجريان مجرى الواحد لتلازمهما، فمن غفر الذنب قبل التوبة، فبين الله سبحانه وتعالى بعطف أحدهما على الآخر أنهما مفهومان متغايران، ووصفان مختلفان يجب أن يعطي كل واحد منهما حكمه، وذلك مع العطف أبين وأوضح. وأما شديد العقاب وذي الطول فهما كالمتضادين، فإن شدة العقاب تقتضي اتصال الضرر والاتصاف بالطول يقتضي اتصال النفع، فحذف ليعرف أنهما مجتمعان في ذاته تعالى، وأن ذاته المقدسة موصوفة بهما على الاجتماع، فهو في حالة اتصافه بشديد العقاب ذو الطول، وفي حالة اتصافه بذي الطول شديد العقاب، فحسن ترك العطف لهذا المعنى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015