تميم ترى العكس صحيحًا أيضًا, فتبدل الجيم ياء، فتقول: صهريٌّ وهي تريد "صهريج": نبه على ذلك ابن سيده في "باب الإتباع" لدى تعليله ما في قولهم: "حار يار، وحران يران، وحارّ جارّ" من الإتباع فقال: "ويمكن أن يكون بارّ لغة في جارّ, كما قالوا: الصهاريج والصهاري، وصهريج وصهري, وصهري لغة تميم؛ وكما قالوا: شِيرَة لشجرة, وحقَّروه فقالوا: شِيَيْرَة"1.
ولقد أدرك العلماء ما في ضروب الإبدال هذه من تنوع اللهجات, فلم يفسرها المحققون منهم بالمصادفة والاتفاق، ولا بتعمد العرب تعويض حرف من حرف, "وإنما هي -كما قال أبو الطيب اللغوي2- لغات مختلفة لمعانٍ متفقة: تتقارب الفلظتان في لغتين لمعنًى واحد، حتى لا تختلفا إلّا في حرف واحد, قال: والدليل على ذلك أن قبيلةً واحدةً لا تتكلم بكلمة طورًا مهمزة, وطورًا غير مهموزة، ولا بالصاد مرة وبالسين أخرى، وكذلك إبدال لام التعريف ميمًا، والهمزة المصدرة عينًا؛ كقولهم في نحو: أن: عن، لا تشترك العرب في شيء من ذلك، إنما يقول هذا قوم وذاك آخرون"3. على أننا -بصورة عامة - لاحظنا في الشواهد على تخالف العرب في نطق الأصوات، أن تميمًا تجنح إلى الأشد الأفخم؛ لأنها بدوية، وأن قريشًا تختار الأرق