الظبية فهي مشدنة، وطلقت المرآة فهي طالقة1، ويستدل المبرد على ذلك بقوله تعالى: {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ} 2, فلم يقل: "كل مرضع" بل جاء بالتاء المربوطة "مرضعة", وكأن المبرد بهذه التفرقة الدقيقة تميز الوصف القائم بالنفس -لتعويضه الموصوف- عن الحدث العارض الذي هو فعل من أفعال الذات. وفي تجشمه هذا التعليل المنطقي لعلامة التأنيث في الآية, إيحاء بصعوبة التعليل فيما سمع من الشواهد الأخرى، كأن أمرها أهون في نظره من أن يتكلف له دليل من المنطق، ولعل موقفه هذا يبدو أصرح في تعليل وصف السماء بغير علامة التأنيث في قوله تعالى: {السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِه} 3؛ إذ ينقل عن الخليل4 قوله: "إنما قيل منفطر ولم يقل منفطرة؛ لأنه أريد به النسب؛ كقوله: دجاجة معضل، وامرأة مرضع، وظبية مشدن، وإذا جاءت على الفعل لم يجز إلّا منفطرة، كقوله: منشقة على قوله: "انشقت5".
ويزداد اقتناع المبرد بتعذر التعليل في مباحث التذكير والتأنيث حين يعترف بأن "من التأنيث والتذكير ما لا يعلم مصدره، كما أنّ مما يذكر من الأسماء ما لا يعرف لأي مسمى هو"6. ومن الأمثلة التي يستشهد بها على ذلك: القِتْب -لحشو البطن- وهو واحد الأقتاب