أنهم بلا ريب -في باب الهمزة- قد بنوا قواعدهم على الاستقراء الدقيق، فتحدثوا عما همزه بعض العرب وترك همزه بعضهم، وإن كان الأكثر الهمز1 وعما يقال بالهمز مرة وبالواو أخرى2, وذلك يؤكد انبناء مقاييسهم على نصوص ووثائق لا سبيل إلى مدافعتها, وأقل ما يستنتج من هذا أن الخلاف الذي قام حول النبر والتسهيل لم يذهب بحسنات النبر, ولو كان لهجة لتميم لا لقريش، بل فضل العلماء المحققون على تسهيل الحجازيين نبر التميميين، آخذين بالقرآن، متأثرين بصنيعه.
ويخل إلى الباحث أن لقب "أهل التحقيق" الذي أطلقه ابن سيده3 على محققي الهمزة من بني تميم وأهل الحجاز، ليس مرادفًا للقب "أهل النبر" في نظره حين قال: "اعلم أن الهمزة التي يحقق أمثالها أهل التحقيق من بني تميم وأهل الحجاز, وتجعل في لغة أهل التخفيف بين بين قد يبدل مكانها الألف.."4؛ بل يرادف هذا الاسم في نظره "أهل الصواب والحق"؛ لأنه لم يكن يجهل أن تحقيق الهمزة بمعنى "نبرها" لم يك شائعًا لدى الحجازين عامة، وإنما عرفه منهم المحققون الذين استلطفوا