ومعنى نبر الحجازين عند الاضطرار، خروجهم من سليقتهم في تسهيل الهمزة في غير لهجات خطابهم العادية، لشهورهم بأن تحقيق الهمزة في الأساليب الأدبية من شعر وخطابة أقرب إلى الفصاحة من تسهيلها, وجاء نزول القرآن بنبر الهمزة دليلًا على أن اللغة المثالية كانت قبل الإسلام قد استحسنت في هذا لحن تميم فاقتبسته واتخذته صفة من صفات نطقها الفصيح, ولكن الإسلام -جريًا على عادته في التخفيف على القبائل ومراعاة لهجاتها- لم يلزم أحدًا بتحقيق الهمزة, وإن التزمه في الوحي، فمالت قراءات أكثر الحجازيين إلى التسهيل لا النبر، كما هي الحال في قراءة نافع وأبي جعفر من أشهر قراء المدينة1، فإنهما يقرآن: "وَبِسَ الْمِهَادُ"2, "وَأَصْبَحَ فُوادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا"3, "خَاسِيًا وَهُوَ حَسِيرٌ"4, "وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ ~لَهٍ"5.
وفي بعض القراءات الشاذة غلو في نبر الهموزة في مثل "رَبِّ الْعَألَمِين"6, بل تجاوز القراء الحدود حين قرءوا بهمزة مفتوحة مثل: "كَعَصْفٍ مَأكُول"7، وبهمزة قبل الحرف المشدد في "وَلا الضَّألِّين"8.