ولقد رميناه بالكثير من التعسف في غير بحث النحت، كلما وجدناه يعين أصول المواد ومدلولاتها تعيينًا لا يقوم على ذوق سليم. ولكن تكلفه في بعض أمثلة النحت لا يعني فساد مذهبه فيما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف، كما أن تكلفه في بعض المواطن لا ينفي اعتداله في سائر المواطن الأخرى.
ومن تكلف ابن فارس في هذا الباب أنه علل في "المجمل" قولهم: هو أزلي، بهذا لتعليل السقيم: "الأزل: القِدَم، يقال: هو أزلي. وأرى الكلمة ليست بالمشهورة، وفيما أحسب أنهم قالوا للقديم: لم يزل، ثم نسب إلى هذا فلم يستقم إلا بالاختصار1، فقالوا: يزلي ثم أبدلت الياء ألفًا2 لأنها أخف فقالوا: أزلي، وهو كقولهم في الرمح المنسوب إلى ذي يزين: أزني"3.
ومن تكلفه أنه رد إلى أصلين كلمة عربية أو معربة مع أن لها أصلًا واحدًا عربيا أو أعجميا، فخلط المنحوت بالمشتق تارة، وبالمعرب تارة أخرى.
فمن خلطه المنحوت بالمشتق مثل قوله: "فمن المنحوت قولهم للباقي من أصل السعفة إذا قطعت: "جُذْمُور" ... وذلك من كلمتين: إحداهما الجِذْم وهو الأصل، والأخرى الجذر وهو الأصل. وقد مر تفسيرهما4. وهذه الكلمة من أول الدليل على صحة مذهبنا في هذا الباب"5.