ورأينا كثيرًا من الأمثلة على زيادة الميم والنون، فلا حاجة للتكرار. والهاء من "جهر" زيدت على مادة "جمر" فنحتت كلمة "الجمهور"1. والواو زيدت على "دغل" فكانت "الدغاول" وهي الغوائل2. والياء زيدت أخيرًا في أول مادة "عفر" فنحتت كلمة اليعفور3.

فهل من ريب -بعد هذه الشواهد الصريحة على زيادة كل حرف من حروف الهجاء تعويضًا ونحتًا- في أن مذهب ابن فارس في النحت يضاهي أدق النظريات العلمية في الاشتقاق بطريق السوابق واللواحق المعروفة في اللغات الإلصاقية؟ وهل من ريب بعد هذا كله في أن للنحت أصولًا مؤصلة عرفتها العربية ولم تنكرها، وحفظها رواتها ولم يهملوها؟

إن إمام النحاة سيبويه نفسه أشار إلى النحت إشارة صريحة لا يمكن تأويل كلامه بغيرها عندما عقد مقارنة بين الأسماء التي جاءت في كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف وبين الأسماء المنحوتة لدى النسب في الإضافة كعبشمي من عبد شمس، وعبدري من عبد الدار، فقد قال: "وقد يجعلون للنسب في الإضافة اسمًا بمنزلة جعفر، ويجعلونه من حروف الأول والأخير، ولا يخرجونه من حروفهما ليعرف، كما قالوا: سِبَطْر4 فجعلوا فيه حروف السبط إذا كان المعنى واحدًا، وسترى بيان ذلك في بابه إن شاء الله. فمن ذلك عبشمي، وعبدري"5.

فالراء في "سبطر" ليست مقحمة دون تصاقب في المعنى بين مادة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015