كذا وضعًا"1.

وهذا الضرب الأخير الذي وضع وضعًا يوقع أحيانًا في لبس شديد؛ إذ يخيل إلى الباحث فيه أن في وسعه إلحاقه بالنحت بتعيين الحرف التعويضي المزيد عليه وتقدير المادة المختزلة منه، ثم يتبين له أن العرب سمعته هكذا ووضعته على هذه الصورة، فلا سبيل إلى التنقيب فيه عن الزيادة ولا عن الاختزال، وفي مثله يؤثر ابن فارس أن يقول في حذر بالغ: "ومما وُضع وضعًا ولا أظن له قياسًا"2، أو "لا يكاد يكون له قياس"3، أو يقول مستشعرًا بعض النقص في استقرائه: "وهذا ما أمكن استخراج قياسه من هذا الباب. أما الذي هو عندنا موضوع وضعًا فقد يجوز أن يكون له قياس خفي علينا موضعه. والله أعلم بذلك"4.

فإن تبلغ منحوتات ابن فارس في مزيدات الثلاثي وحدها ثلاثمائة كلمة، رغم إغفالنا ما أغفله منها مما تردد فيه، فإنى للعلماء القول بقلة النحت في كلام العرب؟ وما الذي طوع لهم أن يروا هذا المنحوت لا يجاوز الستين عددًا؟ 5

إنما قللوا من شأن النحت، وحقروا من شواهده لتعويلهم فيه على ما سمعوه وحفظوه مما شاع وتناقلته الألسنة؛ فأما ما كان قياسيا مبنيا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015